مدرسة ابتدائية تفجع بطالبها الصغير.. والأب يتردد عليها ليشم رائحة ابنه فيها

معلماه قالا قصيدتين فيه

TT

«آتي الى هنا لاشم رائحة ابني الذي رحل عن الدنيا بعد ان دهسته سيارة مسرعة أمام ناظري بالقرب من المكان الذي طالما ترددت عليه طوال سنتين صباحاً ومساء حاملاً حقيبته المثقلة بالكتب والدفاتر ووجبة الافطار المعدة في المنزل، ولاقدم الشكر والعرفان لإدارة المدرسة ومعلميها الذين أرى في وجوهم الحزن على فراق فلذة كبدي الوحيد واحبوه كما أحبه والداه».

عبارة لا يتوانى عن ترديدها كل يوم المواطن المصري رحاب بدران عبد الحميد والد الطالب خالد في الصف الثاني الابتدائي في المدرسة المحمدية في الرياض الذي فارق الدنيا في سن الثأمنة اثناء عبوره شارع السلام ليستقل سيارة والده التي كانت تنتظره في ناصية الشارع الاخرى المقابلة للمدرسة ظهر يوم الاربعاء 15 مارس (آذار) الماضي عندما هم الصغير بالعبور لتصدمه سيارة مسرعة وتبعده عن مكانه عدة أمتار ويحمل الى المستشفى وهناك فارق الحياة وكأنه لم ينس عهد المهد اذ ضم باللحد!.

ورغم مضي أكثر من شهر على هذه الحادثة المأساوية إلا ان الحزن لا زال مخيماً على والدي الطفل والمدرسة، فكل شيء في المدرسة يوحي بـ «خالد» الذي لم يكن ابن رحاب، بل كان ابناً للجميع الذين فجعوا برحيله وافتقدوا ابتسامته ووجهه المزهر الناضح، وبراءته وتحيته الصباحيه التي كان يلقيها على الجميع.

ولم يجد الاب المكلوم وسيلة لتبقى ذكرى وصورة ابنه قائمة تثير في نفسه لواعج القلب والفراق، سوى زيارة المدرسة، لكنه لن يحمل حقيبة ابنه، ولن يسأله عماذا تعلم اليوم، بعد أن اختطفته يد المنون وهو لم يكمل عامه الثأمن بعد، كما أن الاب يأتي الى المدرسة لان كل شيء فيها يوحي بأبنه الفصول والممرات ومقصف المدرسة وساحاتها التي كان يصطف بها خالد وزملاؤه في طابور الصباح ويلعب فيها كرة القدم.

مدير المدرسة علي الراجحي والمعلمون تابعوا خالداً منذ وقوع حادث الدهس وشاركوا في الصلاة عليه ومواراته الثرى ولا زال الحزن يخيم عليهم ويرددون اسمه كما لو كان بينهم اليوم، وبادر معلمان من المدرسة فور علمهما برحيل الصغير وذبوله بعد ان الح عليه النزف وأحاله الى صفرة الجادي عن حمرة الورد الى قول قصيدتين رثائيتين في خالد.

المعلم ناصر حمدان الجديع قال في الصغير قصيدة صادقه لا يعوزها الصدق ولا التأثر برحيله:

ماذا الظلام بوحشةٍ غطانا والشمس في كبد الضحى تغشانا؟

وتوشح الكون السواد كأنما قتل البياض ومزق الالوانا أرحلت ياذاك الذي كانت به تزهو الطيور وتنشد الالحانا؟

وأرى الطيور اليوم تنشد خالداً واللحن من شجن به أبكانا أرحلت ياذاك الذي كانت لهُ ترنو الزهور وتنهك الاغصانا؟

وأرى الزهور اليوم تنعى زهرةً قُطفت بأيدي الموت من دنيانا طفل صغير والصغائر ما دنت يوما إليه وحرزه القرآنا سكن الفؤاد وخلّدت بسماته وبراءة الاطفال في ذكرانا طوبى لأم صرت أنت شفيعها وأب صبور ينشد الغفرانا يا خالد والبين يقتل يا فتى لولا قلوب غذيت إيمانا يا (خالد) عل اللقى بجناته بـ (رحاب) علها لقيانا في حين عبر المعلم تركي الحارثي عن حزنه لفراق طالبه خالد بقصيدة شعبية منها:

هذي بقايا خالد اللي تحطم وهذي قلوب حطمت بانحطامه مرحوم وان قالوا بحبك متيم قلت: المحبة ما تجي من عدامه براءة الطفل الخلوق المهندم وحلاوة اسلوبه.. وطبع احترامه وتحيته يومه علينا يسلم يا زين منطوقه وجوهر سلامه وياكثر جمهوره لياهو تبسم نوره على وجهه تحدى ظلامه ويا «محمدية» نورك اليوم ظلّم والعين دمعتها بكم العمامه.