شوارع لبنان تستقبل رمضان بالمواكب السيّارة والزينة ونثر الأرز

مظاهر الفرح والابتهاج وحدث اللبنانيين في الشهر الفضيل

مواكب سيّارة تنظمها دار الأيتام الإسلامية تجول في المناطق اللبنانية («الشرق الأوسط»)
TT

أطل هلال شهر رمضان المبارك على المناطق اللبنانية قبل أن يلتمسه اللبنانيون في سمائها. زينة ملونة من كل حدب وصوب، شعارات رمضانية مضيئة تملأ الشوارع والأحياء، حركة استثنائية في الأسواق تصح تسميتها «الحركة الرمضانية» التي لا تشبه غيرها، فهي تفرح القلب وتمنح الناس شعورا مميزا يجعلهم يلتمسون ما يحمله هذا الشهر من محبة وأمل في النفوس وعلاقات مودة بين الناس، خصوصا أن هذا الواقع بات شبه موحد بين معظم المناطق التي تجمع ابناءها على اختلاف طوائفهم. هذا المشهد الذي أصبح مألوفا بالنسبة الى اللبنانيين في كل موسم رمضاني حمل هذا العام نكهة خاصة أضافتها اليه الحملة التي تنظمها مؤسسات دار الأيتام الاسلامية في لبنان، والتي اعتادت القيام بمشاريع ونشاطات اجتماعية طوال العام، وخصوصا في هذا الشهر الفضيل. يقول المدير العام لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، محمد بركات، إنه ليس هناك من قاعدة ثابتة لاختيار شعارات هذه الحملات، بل أنها تتنوع بين الرمضانية والخيرية والاجتماعية والوطنية، ويعطي مثالا على ذلك شعار «سعداء بكم ولكم» الذي أطلق خلال الحرب الأهلية اللبنانية و«مستمرون في أداء واجباتنا» في مرحلة الاجتياح الاسرائيلي للبنان. أما في مرحلة العمران في منتصف التسعينات فأطلق شعار «لبنان تبنيه ارادة بنيه»، وبعد حرب يوليو (تموز) 2006 كان شعار «يبقى لبنان وطن الخير والانسان».

أما نشاط هذا العام، فتميز عن السنوات السابقة بما حمله من أفكار جديدة خاصة بشهر رمضان المبارك نالت اعجاب الناس، وتنوعت بين تزيين ساحات بيروت وانارتها، اضافة الى مواكب سيّارة جالت في معظم المناطق اللبنانية، كما أطلقت أغنية جديدة في هذه المناسبة مستوحاة من الوضع العام في لبنان، حملت عنوان «يا بلد» كتبها الفنان عبيدو باشا ولحنها خالد الهبر.

تألفت المواكب من مجموعة من العربات والحافلات المصممة خصيصا لهذه الحملة، وهي عبارة عن مجسمات بأشكال متنوعة بين قلعة بعلبك والمائدة الرمضانية وقبة المسجد، اضافة الى التراث اللبناني من الملابس والمواقع الأثرية المزينة بالأعلام اللبنانية ورايات دار الايتام التي لوّح بها الأطفال بأزيائهم المميزة من داخل هذه المجسمات على وقع صوت الأناشيد الرمضانية. وكان لهذه الخطوة وقع مميز في نفوس اللبنانيين الذين استقبلوا المسيرات بالتحية والزغاريد والأرز الذي نثر من شرفات المنازل حيث التقطت لهم الصور الفوتوغرافية. اما زينة رمضان 2007 التي تحمل شعار «بيروت سيدة العواصم» فاختصرت الحقبات التاريخية التي مرت بها عاصمة لبنان، ووزعت مجسماتها التي تمثل هذه المراحل في عشر ساحات في بيروت؛ وهي تندرج تحت عناوين عريضة، من «بيروت الفينيقية» و«بيروت أم الشرائع في عصر الرومان» و«بيروت في عصر الفتوحات البحرية العربية» الى «بيروت مدينة الإمام الأوزاعي» و«عاصمة فخر الدين الكبير» و«بيروت العثمانية ونهوض عمرانها» الى «بيروت الأصالة والحداثة» و«بيروت عاصمة عربية»، وصولا الى «بيروت النهضة.. عاصمة لبنان وطن الخير والانسان».

أما الزينة المنتشرة في شوارع بيروت فهي مستوحاة من الواقع اللبناني ومرتكزة اضافة الى الانارة والزينة الرمضانية، على الأعلام اللبنانية تعبيرا عن «أهمية التفاف اللبنانيين حول الوطن» كما قال بركات. كما وزعت 260 لافتة كبيرة تحمل صورا للأطفال الأيتام والابتسامة مرتسمة على شفاههم.

وتحرص مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعتمد على الشهر المبارك لجمع التبرعات، من خلال هذا النشاط على ارساء فكرة المشاركة بين الأطفال والمجتمع عبر أعمال ثقافية وفنية تشكل جسر تواصل بين الناس وهؤلاء الذين حرمتهم ظروفهم نعمة العيش في كنف أسرهم.