سلمان العودة: اعترض البعض على مناداتي لابن لادن بـ«أخي» عند دعوتي له بنبذ العنف

قال لـ«الشرق الأوسط» إن رسائل وصلته يظهر فيها تعاطف «خفي» مع «القاعدة»

الشيخ سلمان العودة
TT

أثارت الرسالة التي هاجم فيها الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة مواقف وتصرفات القاعدة بقيادة أسامة بن لادن في برنامج «حجر الزاوية»؛ الذي يبث على قناة mbc يوميا في شهر رمضان المبارك ردود فعل متباينة في الأوساط الإسلامية، إذ رأت بعض مواقع الإنترنت الأصولية المتعاطفة أو المؤيدة لابن لادن في رسالة العودة خروجا عن «حياده» الذي اتخذه سابقا، بينما رأت مواقع أخرى أن العودة تأخر في اتخاذ موقفه الذي بات يحسب له في معارضته لـ«الإرهاب» و«الإساءة إلى صورة الإسلام والمسلمين». وتزامنت الرسالة مع مرور 6 سنوات على أحداث 11 سبتمبر، والتي يقول فيها العودة «أخي أسامة، إن ما جرى في 11 أيلول كانت نتيجته قتل بضعة آلاف من البشر، بينما تجد دعاة مغمورين قد لا يعرفهم كثير من الناس، هدى الله على أيديهم عشرات بل مئات الآلاف الذين اهتدوا إلى الإسلام واستناروا بنوره».

وأبدى العودة في رسالته أسفه لصورة المسلمين السيئة في أعين الآخرين بسبب تلك الأحداث، موضحا «أن صورة الإسلام اليوم ليست في أفضل حالاتها، لقد تحدّث الناس في العالم أن المسلمين يقتلون من لا يدين بدينهم، وتحدثوا أن السلفية تقتل من لا يدينون بها من المسلمين. أخي أسامة لقد ترك النبي عليه الصلاة السلام قتل المنافقين الذين نزل خبرهم في القرآن، خشية أن يقول الناس: إن محمدا يقتل أصحابه».

وبدأت تداعيات الرسالة التي وجهها العودة، لزعيم القاعدة، بالظهور، وهي الرسالة التي دعا فيها بن لادن للتخلي عن منهج العنف الذي قاده التنظيم منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، وحتى الوقت الحالي. وقال العودة في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس، انه تلقى العديد من ردود الفعل الإيجابية، التي تدعم موقفه، والدعوة التي وجهها لابن لادن. فيما تلقى ردودا أيضا من بعض من قال ان رسائلهم تحمل تعاطفا «خفيا» مع القاعدة، يبدون فيها تأثرهم بالدعوة.

غير أن تلك الردود، وفقا للعودة نفسه، لم تخلُ من الاختلاف مع الداعية الإسلامي في بعض الجزئيات.

وسجلت تلك الردود اعتراضات على العودة لمناداته أسامة بن لادن بـ «أخي أسامة».

لكن الداعية الإسلامي السعودي، لم تكن لديه مشكلة في ذلك، بحسب ما ذكر. وقال «جميعنا نشترك في صفة الإنسانية». وأضاف «مهما اختلفنا مع أي شخص مهما كان توجهه، لا يمكننا إخراجه من دائرة الإسلام، إلا إذا ارتكب أمرا مكفرا».

وسأل العودة «بن لادن»، في الرسالة التي وجهها إليه في الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر، عن جدوى أعمال العنف التي انتهجتها القاعدة منذ تلك الأحداث وحتى اليوم في العديد من بلدان العالم.

وكان العنوان العريض لتلك الرسالة «اللهم إننا نبرأ إليك مما يصنع أسامة».

وفي انتقاد ضمني وجهه العودة لابن لادن الذي يحاول تسيد الخطاب الإسلامي غير الرسمي، قال العودة «الأمة الإسلامية لم تمنح أحدا الحق بأن يتخذ مواقف الحرب، أو أن يكون متحدثا باسمها».

وتساءل العودة في رسالته التي وجهها إلى زعيم تنظيم القاعدة بقوله: «أخي أسامة، كم من الدماء أريقت؟ وكم من الأبرياء والشيوخ والأطفال قتلوا وشرّدوا تحت اسم القاعدة؟ أيسرك أن تلقى الله وأنت تحمل عبء هؤلاء على ظهرك؟ من المسؤول عن شباب وفتيان في مقتبل أعمارهم وفي نشوة حماسهم، ذهبوا في طريق لا يعرفون نهايته؟ وربما ضلت بهم هذه السبل، وغابوا في متاهات لا نهاية لها».

ورفض العودة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الرسالة، هي أول موقف يبديه تجاه سياسة العنف التي تنتهجها القاعدة. وقال «لقد كنت من أوائل من أدانوا هجمات 11 سبتمبر، ومن أوائل من أدانوا أعمال العنف التي جرت في الكثير من الدول الإسلامية، وفي مقدمتها السعودية».

وأكد الداعية الإسلامي السعودي، وجود فئة قليلة من بعض القيادات الشابة هنا، تحجم عن إدانة أعمال العنف، على الرغم من عدم إقرارها تلك الأعمال.

ويرى العودة، أن الإحجام عن إدانة العنف، يعود إلى عدم الرغبة في أن تستفيد الأطراف الأخرى من تلك الإدانات، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة إدانة كافة أعمال العنف «بوضوح، ومن غير جمجمة».

وقال العودة في رسالته المتلفزة، إن صورة الإسلام اليوم ليست في أفضل حالاتها، لقد تحدّث الناس في العالم أن المسلمين يقتلون من لا يدين بدينهم، وتحدثوا أن السلفية تقتل من لا يدينون بها من المسلمين.

ويتساءل العودة متوجهًا نحو «بن لادن»: «ماذا جنينا من تدمير شعب بأكمله كما جرى في العراق وأفغانستان؟ بل جرّت هذه الحروب إلى حروب أهلية أخرى تنذر بالشؤم والهلاك على هذه الدول وما جاورها، من المستفيد من محاولة تحويل المغرب والجزائر والسعودية وغيرها إلى بلاد خائفة لا يأمن فيها المرء على نفسه؟ هل الوصول إلى السلطة مقصد؟ وهل هو الحل؟ وهل هناك تصميم على الوصول إلى الحكم ولو على جثث الآلاف المؤلفة من المسلمين؟ من المسؤول عن تنشيط أفكار التكفير والقتل حتى تفشت بين الأسرة الواحدة وأدت إلى القطيعة والعقوق والتفكك؟ من المسؤول عن شباب ذهبوا للقتال وتركوا خلفهم أمهات مكلومات وزوجات حزينات، وأطفالاً يتامى ينتظرون بذهول عودة أبيهم؟ من المسؤول عن ملاحقة العمل الخيري والشك في كل مشروع إسلامي، ومطاردة الدعاة في كل مكان بتهمة العنف والإرهاب؟ ومن المسؤول عن اكتظاظ السجون بالشباب، حتى أصبحت هذه السجون مفرخة لموجة جديدة من التكفير والغلو والعنف والتطرف؟».

1