رمضان في فلسطين: حصار وأسواق خالية وارتفاع «مجنون» للأسعار

اقتصاديون يحذرون ونواب يطالبون بدعم المواد الأساسية

أعمال الخير تزداد في شهر رمضان المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

وسط ارتفاع حاد في الأسعار، ومع استمرار الحصار الإسرائيلي، وفي ظل انقسام فلسطيني هذه المرة، يستقبل الفلسطينيون شهر رمضان، وبخلاف سنوات سابقة، لم تكن الأسواق قبل يوم من بدء الشهر في الضفة الغربية مكتظة بالناس، بينما اصطف العشرات في طوابير على حواجز إسرائيلية عسكرية تغلق مداخل المدن الرئيسية.

وفي القدس التي يمنع أهل الضفة من دخولها تواصل وزارة الأوقاف الإسلامية تجهيز المسجد الأقصى لاستقبال عشرات الآلاف من المصلين خلال الشهر، فيما أنهت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات كل استعداداتها لنقل المصلين من مدن وقرى الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى، ومراعاة للحالة الاقتصادية فقد وضعت المؤسسة برنامجاً لتوزيع آلاف وجبات الإفطار اليومية للصائمين المرابطين في رحاب المسجد الأقصى.

ويقول تجار مدينة القدس وأهلها إنهم هذا العام لا يشاهدون «زحمة» أزقة القدس التي اعتادوا عليها مع قدوم رمضان «فالبضاعة معروضة، والإقبال يكاد يكون عادياً»، وقبل أيام من رمضان نفذ الجيش الإسرائيلي عدة عمليات دهم لعدة بيوت في البلدة القديمة وأخضع بعض أهلها للتحقيق، وأنذرهم بأنهم تحت المراقبة، وهددهم بمنعهم من دخول المسجد الأقصى في أي وقت شاء.

ولا تبدو أسواق نابلس كبرى مدن الضفة الغربية أكثر حركة من أسواق القدس الشهيرة، ويبدي التجار هناك تذمرا واسعا من قلة إقبال الناس الذين يشكون بدورهم من «ارتفاع مجنون» في الأسعار. وكان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قد أصدر جدول غلاء المعيشة في الأراضي الفلسطينية لشهر أغسطس (آب) الماضي، وسجلت أسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية ارتفاعاً ملموساً مقداره 2.17% خلال الشهر مقارنة بشهر يوليو (تموز) الماضي، إذ ارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك إلى 157.49 مقارنة بـ 154.14 خلال الشهر السابق. وسجلت الأسعار في قطاع غزة ارتفاعاً ملموساً مقداره 4.19%، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 5.79%، وأسعار المشروبات والتبغ بنسبة 17.70%، وأسعار خدمات المسكن بنسبة 2.55%. وسجلت الأسعار كذلك في الضفة الغربية ارتفاعاً مقداره 1.91%، نتج بصورة رئيسية عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.48%، وأسعار خدمات المسكن بنسبة 2.21%.

وحسب الإحصاء المركزي فقد سجلت الأسعار في القدس هي الأخرى ارتفاعاً خلال الشهر قدره 0.20%، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.29%. ويلاحظ أن أسعار مجموعتي المواد الغذائية والمسكن هي وراء الارتفاع الحاصل في الأسعار، نتيجة للارتفاع الملموس في أسعار السلع الأساسية والمحروقات، بينما اتسمت أسعار معظم السلع في بقية المجموعات بالتذبذب ما بين ارتفاع وانخفاض مقارنة بأسعار الشهر السابق. وقال اقتصاديون في الضفة الغربية إن غلاء الأسعار للسلع الأساسية لهذا العام كان كبيرا وفاحشا بشكل لا يوصف، وخاصة في أسعار الدقيق الذي وصلت نسبة ارتفاعه إلى 70% منذ تسعة اشهر، ما يقرب الفلسطينيين إلى دائرة الخطر من الناحية الاقتصادية. من جانبهم طالب نواب في المجلس التشريعي الحكومة الفلسطينية بالعمل على دعم السلع الأساسية وتحديد أسعارها، وربط رواتب الموظفين بجدول غلاء المعيشة. وأوضح عيسى قراقع أحد نواب التشريعي أن أسعار المواد الأساسية ارتفعت بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة، وتزامنت مع افتتاح المدارس والالتحاق بالجامعات وحلول شهر رمضان المبارك مما فاقم معاناة المواطنين. وأشار إلى أن 90% من المواد الأساسية ارتفعت بأسعار متفاوتة، وقال «لقد ارتفعت سلة المشتريات الشهرية من 700 شيكل (170 دولارا) إلى 1200 شيكل (300 دولار)، وحسب قراقع فقد سبب هذا الارتفاع أزمة مالية خاصة لذوي الدخل المحدود في ظل ارتفاع أسعار مواد أخرى كالغاز والبنزين وأسعار الكهرباء والمكالمات الهاتفية وغيرها. وأكد قراقع أن على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في تخفيف معاناة المواطنين من خلال تخفيف الضرائب ودعم السلع الأساسية ورفع رواتب الموظفين مما يتناسب مع غلاء المعيشة، وطالب قراقع بزيادة الرقابة التموينية على كل السلع ومراقبة التجار وتحديد أسعار السلع الأساسية في السوق.