أنوار رمضانية

رمضان مناسبة للتآخي بين المواطنين والمقيمين في السعودية

TT

يعيش بين السعوديين ما يقارب 4 ملايين عامل أجنبي، معظهم هؤلاء من المسلمين، وغالبتهم العظمى يقيمون في السعودية بعيداً عن عائلاتهم، وفي شهر رمضان تتغير علاقة السعوديين بهؤلاء العمال، فعلى مدار شهر كامل، يتبارى السعوديون في إقامة الموائد وصف أطباق الطعام لهم في سرادقات، طلباً للأجر من خلال إقامة موائد الرحمن لهؤلاء البسطاء.

يقيم السعوديون موائد الرحمن عادة في ساحات الجوامع، كما تقام هذه الموائد بجوار المساجد الصغيرة في الأحياء، فيما تعد مخيمات وصيوانات ضخمة خاصة بهذا العمل في الساحات العامة أيضاً وبالقرب من الأسواق التجارية والمجمعات العمالية، وبينما يجلس هؤلاء العمال في انتظار الطعام، المعد وفق مواصفات الجودة والنوعية، حيث يحرص القائمون على هذه المواقع على التعاقد مع أفضل المطاعم، يقوم على خدمتهم الشباب السعوديون.

الوجبة لا تكلف سوى 5 ريالات في أكثر الحوال، لذلك تجد الكل يتبرع لهذه الموائد، حرصاً على إقامة شعيرة تفطير الصائمين، كما يحرص البعض على العمل في هذه المواقع على خدمة هؤلاء العمال، ففي نهاية اليوم ومع اقتراب وقت أذان المغرب، يتوجه العمال إلى أقرب مسجد أو مخيم لتناول وجبة الإفطار، حيث يجد العمال الطعام جاهزا، وبكميات وفيرة.

هذه المشاريع مشاريع اجتماعية تؤكد على وحدة المسلمين وتآخيهم كما يقول القائمون عليها، فالعمال في مختلف المهن، يجدون في نهاية اليوم من يقوم على خدمتهم وتوفير الطعام لهم، مما يولد في أنفسهم شعوراً بالمحبة تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه، فأغلب من يحضرون إلى هذه الأماكن لا تقيم عائلاتهم في السعودية، كما يرى القائمون على هذه المشاريع أن العمال عندما يعلمون أن هناك من يعد لهم وجبة الطعام، فأنهم لن يتركوا مواقع أعمالهم إلا عند اقتراب موعد الإفطار.

ولهذا الهدف يقيم مكتب توعية الجاليات بالدمام مخيمه الرمضاني التاسع لهذا العام، فيما تشير التوقعات إلى استقبال 5000 شخص بشكل يومي، وبالتالي يتم الاستعداد تقديم 150 الف وجبة خلال أيام الشهر الكريم، مما يجعله أكبر مخيم لاستضافة وتفطير الصائمين من العمالة الأجنبية على مستوى السعودية بحسب مدير مكتب توعية الجاليات بالدمام والمشرف على المخيم الدكتور عبد الواحد المزروع.

يقول الدكتور المزروع: تقدر تكاليف المخيم في شهر رمضان بـ 600 ألف ريال، تأتي عن طريق التبرعات من قبل التجار والميسورين وكذلك محبي الخير من البسطاء ممن يحرصون على إقامة شعيرة تفطير الصائم، ويضيف تكلفة الوجبة للفرد الواحد قياساً على السنوات الماضية لا تتعدى 3 ريالات.

ومع ارتفاع الأسعار هذا العام وغلاء كثير من المواد الغذائية، مما قد يؤثر على نشاط المخيم القائم على توفير وجبات الإفطار لعدد قد يتجاوز 150 الف شخص، يقول المزروع: هذا العام تبرع أحد التجار بحاجة المخيم من الأرز على مدى الشهر كاملاً، حيث تقدر كمية الأرز التي ستقدم في وجبات الإفطار بـ 100 الف ريال، مضيفاً أن القائمين على المخيم، اعتادوا البدء بمبالغ بسيطة لكن في العادة يتم وقف استقبال تبرعات التفطير قبل بدء العشر الأواخر من الشهر الكريم.

ويبين المزروع أن نسبة غير المسلمين الذين يستضيفهم المخيم قد تصل إلى 2 في المائة من مجموع عدد زوار المخيم مشيراً إلى أن ما يقدم لهم من ضيافة لا تدخل في مصروفات المخيم لأنها تأتي عن طريق التبرعات المقصود بها تفطير الصائمين، وإنما يتم احتسابها ضمن مصروفات مكتب توعية الجاليات.

كما تقدم مخيمات التفطير بجانب وجبات الإفطار الدروس في العقيدة وأحكام الصيام بمختلف لغات شرق اسيا، كما يقيم بعض هذه المخيمات المسابقات واللقاءات المفتوحة بعد تناول وجبة الإفطار، كما تستقبل مخيمات التفطير غير المسلمين لتقديم وجبات غذائية لهم وتعريفهم بالدين الإسلامي، وبالمجتمع المسلم.

هذه المواقع ليست لتقديم الوجبات فقط فقد يمكن استغلالها لأهداف أخرى، مثل التوعية والتوجيه، يقول المزروع: نحن في تعاون مستمر مع الجهات الحكومية التي لها صلة بالعمال مثل الجوازات، فنبين للعمال أنظمة وقوانين العمل في البلد، ونتعاون مع عدد من الجهات الحكومية في توعية وإرشاد هؤلاء العمال.