البرامج الرمضانية في موريتانيا تستقطب المزيد من المشاهدين

TT

* لم تكن وسائل الإعلام الرسمية في موريتانيا قبل فترة قصيرة، تستقطب الكثير من المشاهدين في الأيام العادية الخارجة عن شهر رمضان.

ورغم هامش الحرية الذي منحته الحكومة الانتقالية لهذه المؤسسات والذي مكنها من الخروج عن رتابة كيل المديح لرئيس الجمهورية ومقربيه، ما زال معظم المواطنين يفضلون الاستماع لنشرات الأخبار عبر الفضائيات الأخرى ومتابعة الأفلام والمسلسلات المدبلجة في قنوات عربية مختلفة.

وفي رمضان تختلف الصورة حيث يكثر الإقبال على مشاهدة الشاشة الصغيرة والاستماع لبرامج «المسطرة الرمضانية» التي تعمل الإذاعة الوطنية على بثها طوال أيام شهر الصوم. ولعل أكثر برامج التلفزة الوطنية إثارة لاهتمام المشاهدين في نواكشوط هو «السهرة الرمضانية» الذي يحظى بمتابعة كبيرة في مختلف الأوساط النخبوية والشعبية على حد سواء بسبب ما يثيره من إشكاليات فقهية وطبية، تهم المشاهدين ويتطلع الكل للإجابة عليها كما يمنح هذا البرنامج الصائمين فرصة لعرض مشاكلهم على ثنائية الطبيب والفقيه اللذين يحلان في العادة ضيفين على «السهرة الرمضانية» في حلقة يومية تبث في منتصف الليل من كل يوم طوال رمضان.

ولا تخلو حلقات «السهرة الرمضانية» في الغالب من مفاجئات متنوعة وصدف غريبة لعل أبرزها ما يقع أحيانا من تبادل للأدوار بين الطبيب والفقيه اللذين يجتمعان في كل ليلة للإجابة على أسئلة المشاهدين سواء تلك التي تتعلق بالأحكام الشرعية أو بالمشاكل الصحية. وفي أغلب الأحيان يتحول الطبيب إلى مفتٍ شرعي يطلق أحكامه في الأمور الفقهية المستعصية، محاولا بذلك إبراز خلفيته الفقهية التي أكتسبها من فترة إقامته بكتاتيب تحفيظ القرآن أو تعليمه المسيد أيام مراهقته حيث تشكل المحاظر في موريتانيا محطة إجبارية لمعظم الأطفال بهدف التزود من العلوم الدينية قبل التحاقهم بالتعليم المدرسي الحديث.

في المقابل يذهب المفتي الشرعي في معالجته لإشكال فقهي ما، إلى حد تشخيص حالة المريض وإرشاده بالإقلاع عن تناول الأدوية باعتبارها لا تساعده على أداء فريضة الصوم مستندا في ذلك لمبدأ «عدم وجوب التداوي شرعا». وتتضمن برامج التلفزة والإذاعة الرسميين الخاصة برمضان البث المباشر لمحاضرات دينية يلقيها علماء معروفون في كبار الجوامع بالعاصمة نواكشوط، تتناول أهمية وفوائد الصوم والحث على الإكثار من العبادة في هذا الشهر كما تحذر من مغبة الفطر بدون مبرر شرعي. وترتبط أسماء الأئمة الذين ينعشون هذه المحاضرات في أذهان الموريتانيين بألقاب يطلقها عليهم منتجون في التلفزة والإذاعة الرسميين من قبيل العلامة والشيخ والأستاذ، دون أن تستند هذه الأوصاف لتباين في المراتب أو تفاوت في الأعمار وإنما هي ـ يقول أحد الصحافيين ـ ألقاب عشوائية ارتبطت عند مشاهدي التلفزة الوطنية بأعلام أجلاء معينين مثل العلامة حمدا ولد التاه، والشيخ محمد سالم ولد عدود والفقيه أحمد ولد النين.

ويحظى العلماء في موريتانيا بعناية أكبر من طرف السلطات الموريتانية في شهر رمضان خصوصا، إذ يوجه رئيس الجمهورية دعوات خاصة للعديد من الفقهاء ومشايخ الصوفية لتناول وجبة الإفطار معه في القصر الرئاسي، وهي المرة الوحيدة كل سنة التي تتاح فيها لهذه الفئة فرصة دخول قصر الرئاسة الموريتاني كما يتاح لهم الحديث إلى المواطنين عبر التلفزيون الرسمي.