إمام الجامع الكبير في السليمانية يتحدث عن الشعائر الدينية في رمضان

الشيخ ماجد الحفيد: نوضح للتجار أحكام الدين الإسلامي الداعية إلى النزاهة وعدم الإخلال في الميزان

الشيخ ماجد الحفيد (تصوير: جمال بينجويني)
TT

لا شك ان عصر العولمة وإفرازاته والحياة العصرية الحبلى بالمشاغل والمتطلبات اليومية التي لا تنتهي، تركت تأثيراتها بشكل او باخر على حياة الشعوب في كل ارجاء المعمورة ولكن بنسب متفاوتة، وبطبيعة الحال فان المجتمع الكردستاني ليس بمعزل عن تلك التأثيرات التي امتدت لتطال حتى الأمور والطقوس الدينية الاسلامية تحديدا، ولتسليط الأضواء على جانب ولو يسير من تلك التحولات والتغييرات حاورت، «الشرق الأوسط» فضيلة الشيخ ماجد الحفيد امام وخطيب الجامع الكبير في مدينة السليمانية بكردستان العراق وسالته أولا، عن ابرز تاثير للعولمة على جموع المسلمين في السليمانية تحديدا فأجاب: لاشك ان للعولمة التي جعلت العالم اشبه بقرية صغيرة تاثيرات عديدة وكبيرة على حياة الشعوب ليس في كردستان والمنطقة وحسب بل وفي كل ارجاء العالم أيضا، وبقدر ما يتعلق الامر بمدينتنا السليمانية التي كانت في حقبة الستينات والسبعينات من القرن المنصرم وما قلبها اشبه بقرية كبيرة يعرف سكانها بعضهم البعض جيدا، فإنها خضعت هي الاخرى لإفرازات ومتطلبات عصر العولمة في مختلف مناحي الحياة، ولكن فيما يخص الحياة الدينية تحديدا في هذه المدينة، فان تلك التأثيرات نالت الى حد كبير من أواصر العلاقات الاجتماعية والدينية بين جموع المسلمين وأضعفت مشاعر المحبة والتودد والتعاطف فيما بينهم، وقللت من عطفهم على الفقير والمحتاج، وكل ذلك ناجم بلا شك عن انشغال الجميع بامور اللهاث وراء كسب المال لتغطية متطلبات حياة العولمة والتسابق لتكديس الثروة، خلافا لما كان عليه الوضع ايام زمان، عندما كان سكان السليمانية واهلها الاصليون الذين لم تتجاوز اعدادهم بضعة عشرات الآلاف، متحابين فيما بينهم وتربطهم اواصر اجتماعية وأسرية ودينية عديدة ومتينة، بينما تضم المدينة الان خليطا غير متجانس من الناس بانتماءات مختلفة وأطياف متعددة، جراء موجات النزوح البشري اليها من كل حدب وصوب، أضف الى ذلك الهجرة المعاكسة لسكان الارياف والقرى المجاورة بفعل تأثيرات العولمة ايضا، الأمر الذي انعكس سلبا على العلاقات الاجتماعية بين الناس وعلى الاسرة والمجتمع برمته حتى صار الاخ لا يلتقي بأخيه الا في المناسبات الكبيرة وغابت عن المدينة وجوه سكانها الاصليين.

ومع ذلك استطيع الجزم بان المجتمع الاسلامي في كردستان وتحديدا في مدينة السليمانية لازال معافى وما برحت الشعائر الدينية التي ورثناها عن اجدادنا والرمضانية على نحو خاص قائمة وسارية بكل تفاصيلها، وستبقى ان شاء الله وأعظم من ان تضمحل بفعل تطور الحياة العصرية وإفرازات العولمة، ولعل العديد من الاشخاص الذين كانوا حتى الامس القريب من اشد العلمانيين والملحدين فكريا والذين اراهم في هذا المسجد يوميا وهم يعلنون التوبة ويحضرون صلوات الجماعة ويؤدون فرائض الدين، لهو خير دليل على ما نقول.

> ما سر السيدة العجوز التي ترتل القرآن وتردد الادعية في مرقد الشيخ الكبير كاكه احمد الشيخ؟

ـ إنها وغيرها من دراويش ومريدي طريقة الشيخ الكبير ويحضرن يوميا الى مرقده للعبادة والتزهد والتضرع الى الله سبحانه لشفاء المرضى الذين يقصدون ضريح الشيخ الكبير للتبارك والشفاء، او يبتهلن للباري عز وجل ليحقق للزوار مرامهم كواجب ديني وحسب.

وهناك جلسات ذكر وعبادة للرجال في قاعة مجاورة يمارس فيها دراويش ومريدو الشيخ الكبير طقوس الذكر والتزهد على مختلف الطرق الدينية القادرية والنقشبندية والبرزنجية والقرجيوارية وغيرها، ايام الخميس والجمعة والأحد والاثنين من كل اسبوع وبالذات خلال ايام الشهر الفضيل.

> ما هي أبرز الجوانب التي تركزون عليها في خطبكم ومواعظكم الدينية خلال شهر رمضان المبارك؟

ـ بحكم موقع الجامع الكبير الكائن في قلب اكبر سوق تجارية بالسليمانية فاننا نميل الى التركيز في خطب المواعظ التي نلقيها بعد صلاة العصر طوال ايام الشهر الكريم، على الامور التي تخص التجارة وعملية البيع والشراء في السوق وأحكام الدين والشرع من كل ذلك، ونوضح للتجار والباعة في السوق احكام الدين الاسلامي الحنيف الداعية الى النزاهة وعدم الاخلال في الميزان وتفادي الغش والجشع واحتكار السلعة وإشاعة الغلاء عمدا وما الى ذلك من الامور، كما نحض الاغنياء على مساعدة الفقراء وإعطاء الزكاة وإطعام المسكين، الى جانب امور حياتية اخرى كدعوة الاباء الى عدم ارغام بناتهم على الزواج دون رغبتهن اما المساجد والجوامع الاخرى الكائنة في الاحياء السكنية فان خطباءها يلقون المواعظ الدينية بعد صلاة التراويح ويركزون فيها غالبا على ما يخص شهر رمضان الكريم وأهمية الصوم وثوابه عند الله وجوبه دينيا.

> هل هناك تسييس لخطبكم من جانب السلطات في الاقليم؟

ـ لعل افضل شيء في كردستان اليوم هو عدم تدخل السلطات في شؤون الدين باستثناء بعض الحالات التي تخص الامن القومي للبلد والمصالح العليا للشعب حيث تحضنا عندها وزارة الاوقاف عبر مخاطبات رسمية على توعية وتبصير جموع المسلمين بتلك الامور وحثهم على رص وتوحيد صفوفهم كي لا ينال منهم الغرباء وهو ما يدعو اليه الدين الاسلامي الحنيف تماما.

> بماذا تدعو لشعب كردستان وجميع المسلمين واهالي السليمانية بالذات؟

ـ أتضرع الى الباري جلت قدرته ان يحفظ الامة الاسلامية وشعب كردستان واهل السليمانية من كل مكروه وسوء وان ينعم علينا جميعا بنعمة الايمان والهداية ويعزز فينا اواصر المحبة والسلام وان يجلي عن بلدنا العراق شبح الحرب والاقتتال انه سميع الدعاء.

* سيرة ذاتية ـ الشيخ ماجد بن الشيخ اسماعيل بن الشيخ محمد بن السيد حسن بن الشيخ محمد الصغير بن كاكه احمد الشيخ حفيد الإمام موسى الكاظم ـ من مواليد السليمانية 1960 ـ حاصل على إجازة وشهادة من مدرسة دار العلوم الاسلامية (رايفن) في مدينة لاهور الباكستانية عام 2000 ـ يجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية والباكستانية والعربية والكردية ـ يعمل اماما وخطيبا للجامع الكبير في السليمانية