رمضان في أميركا.. نشاطات وحفلات إفطار بمشاركة غير المسلمين

وفد من علماء وقضاة ودعاة من تركيا يجوب مدناً أميركية

الرئيس الأميركي جورج بوش أثناء إلقاء كلمة في وليمة إفطار أقامها في البيت الأبيض لبعض أفراد الجالية المسلمة في أميركا («الشرق الأوسط»)
TT

حضر، في الاسبوع الماضي، الدكتور حكمة الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي، حفل إفطار رمضان السنوي في الكونغرس الذي يحضره عادة أعضاء في الكونغرس، وقادة منظمات اسلامية محلية، ودبلوماسيون من سفارات الدول الاسلامية، ومستشارون ومساعدون لأعضاء الكونغرس.

هنأ إحسان أوغلي المسلمين الحاضرين وبقية مسلمي اميركا بمناسبة شهر رمضان، ودعاهم لتقديم احسن الصور عن الاسلام والمسلمين. وقال: «نحن في منظمة المؤتمر الاسلامي نعرف معرفة جيدة جدا المشاكل التي تواجه المسلمين، وهم يعملون على تقديم الصورة الحقيقية للإسلام. ونحن نقدر هذه الجهود، وهي جهود تتسم بالحكمة والتأني». وانتقد إحسان أوغلي «العنف والإرهاب وكل ما يسيء إلى صورة الإسلام». وقال: «نحن نبذل جهودا مستمرة لمواجهة هذه الظاهرة، وذلك بنشر الوعي وسط شباب المسلمين، وبالتركيز على الاعتدال في الإسلام». وأشار إلى قرارات قمة منظمة المؤتمر الاسلامي، في مكة عام 2005، بترتيب اكاديمية الفقه الاسلامي التابعة لها، وترتيب اصدار الفتاوى «بهدف وقف الفتاوى التي يصدرها الغوغائيون والمتطرفون». واضاف: «نحن نعمل لوقف أصوات المتطرفين لصالح الأغلبية التي تؤمن بالاعتدال والعطف والصبر». وتحدث في الحفل الدكتور برفيز أحمد، رئيس، والدكتور نهاد عوض، المدير التنفيذي، لمجلس العلاقات الاميركية الاسلامية (كير) التي تقيم الحفل السنوي.

نيويورك وبروكلين: أقيم، في الأسبوع الماضي، في بلدية بروكلين التابعة لمدينة نيويورك، الحفل السنوي بمناسبة شهر رمضان. ولاحظ مارتي ماركوفتس، رئيس بلدية بروكلين جهود المسلمين المتزايدة في الحقل الاجتماعي المحلي، ولتعريف السكان بدينهم وبهم. اقيم الحفل في مبنى بلدية بروكلين، ومن الذين تحدثوا فيه فايزة علي، طالبة في جامعة بيس في المنطقة والتي قالت: «انا، كشابة مسلمة اعيش في بروكلين، تعلمت بان الشباب يجب ان يكونوا في قيادة حركة تقوية مجتمع بروكلين». واشادت بدور ماركوفتس لجمع الاديان والعقائد والاعراق والاثنيات. واشارت الى انه كان من كبار مؤيدي بناء «اكاديمية جبران خليل جبران» العربية في نيويورك، والتي بدأت في الشهر الماضي كاول مدرسة حكومية في اميركا تدرس منهجا مستمرا للغة العربية. (واجهت معارضة من يهود ومسيحيين متطرفين).

أوهايو ومنيسوتا: أقام المركز الإسلامي في سنسناتي (ولاية أوهايو) بالاشتراك مع مسجد «الاصهب» في نفس المدينة حفل افطار. وقالت كارين دبدوب، مديرة فرع (كير) هناك: «يشكل الاهتمام بمن هم اقل حظا منا ركنا اساسيا من اركان الاسلام.. فرمضان هو شهر مشاركة الآخرين الأقل حظا».

وحضر أكثر من ثلاثمائة شخص حفل افطار وتبرعات في سانت بول (ولاية منيسوتا). ومن الذين تحدثوا في المناسبة الإمام سراج وهاج، من قادة المسلمين هناك، وكان ترشح، قبل سنوات، لمنصب عمدة مدينة مينابوليس المجاورة. وتحدث، أيضا، ياسر طبارة، مدير مكتب (كير) هناك، وأشار طبارة إلى ان المسلمين يريدون تقديم «صورة الاسلام الحقيقي»، وانتقد «الذين لا يمثلون الإسلام». وشدد على ان المسلمين مواطنون اميركيون يؤمنون بواجباتهم نحو المجتمع الذي يعيشونه، بالإضافة الى حقوقهم التي تساويهم بالآخرين.

كليفلاند وكولمبس: حضر حفل إفطار مماثل في جامعة كليفلاند ستايت (ولاية اوهايو) اكثر من 500 شخص، وهو الافطار السنوي الرابع، والذي يدعى له قادة اديان وعقائد اخرى. وكان من بينهم هذه المرة مايكل مورغان، دبلوماسي سابق، وكتب أخيرا كتاب «تاريخ مفقود: استمرار تراث علماء ومفكرين وفنانين مسلمين»، وتحدث في المناسبة، وانتقد الذين يقولون ان «صراع الحضارات» لا بد منه. وقال ان اسهام الحضارة الاسلامية في الحضارة الاوروبية في الماضي، واستفادة المسلمين من حضارة الغرب في الوقت الحاضر، يناقضان نظرية «صراع الحضارات».

ودعا مسجد «الصحابة» في كولمبس (ولاية اوهايو) الى حفل افطار خاص للمنتمين الى ديانات اخرى، وذلك بعد اعتداء على المسجد في الاسبوع الماضي، حيث رمى مجهولون حجارة كسرت نوافذ، وجرحت بعض المسلمين وهم يخرجون من صلاة يوم الجمعة. ودعا المسلمون هناك مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) للتحقيق في الهجوم. وكان تقرير الشرطة المحلية قد قال «هدفهم واضح هو مسلمون خرجوا من مسجد بعد صلاة».

وناشدت «كير» المسلمين للاستفادة من شهر رمضان بإدانة الهجمات على الاسلام والمسلمين من جهات معينة في المجتمع الاميركي. واشارت الى بيتر كينغ، عضو الكونغرس من ولاية نيويورك الذي قال: «عدد المساجد في اميركا اكثر مما يجب». ورغم انه حاول التنصل من تصريحه، وزعت الجريدة التى اجرت المقابلة معه نص المقابلة، بالاضافة الى شريط فيديو كانت سجلته عندما التقت به.

ودعت «كير» إلى إرسال برقيات إلى رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق الذي ترشح لرئاسة الجمهورية، للتخلي عن كينغ كمستشار له، وعن مستشار آخر هو دانيال بايبز، استاذ جامعي يهودي يدير موقعا في الانترنت ضد الاسلام والمسلمين. (ادانت قيادة الحزب الديمقراطي تصريحات كينغ).

البيت الابيض والخارجية: صادف رمضان زيادة وفد علماء وقضاة ودعاة من تركيا الى سان دييغو (ولاية كاليفورنيا). ويجوب الوفد مدنا اميركية بدعوة من وزارة الخارجية التي تريد من قادة المسلمين في الخارج الاطلاع على احوال المسلمين في اميركا. وكانت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، قد حيت المسلمين بمناسبة شهر رمضان، كعادتها كل سنة.

وتبع العادة السنوية الرئيس بوش الذي قال في خطابه: «رمضان هو اكثر شهور السنة قدسية، وفيه نزل القرآن على النبي محمد». واضاف: «اميركا ارض ديانات كثيرة، ومجتمعنا يثرى باسهامات مواطنينا المسلمين». وذكر: «لتذكرنا كلنا أيام رمضان المقدسة بأهمية الوصول الى ثقافة عطف وخدمة الآخرين». ويوم السبت الماضي، اقام المسلمون في سان خوزي (ولاية كاليفورنيا) حفل رمضان السنوي الرابع ضمن برنامج محلي لمساعدة المشردين. وقال حبيبي حسين، مؤسس منظمة «رحمة» الاسلامية، والذي اشرف على المناسبة: «لأن رمضان شهر العطف على المحتاجين، نريد ان نشترك مع منظمات خيرية محلية في العطف على المشردين في هذه المدينة».

جامعة هارفارد: في جامعة هارفارد (بولاية ماساشوسيتس)، ولأول مرة، اقام مسلمون ويهود حفل افطار مشترك احتفالا بمناسبتين: شهر رمضان و«يوم كيبور» (اليوم الكبير) اليهودي. وقال شهير رضوي، رئيس الجمعية الاسلامية في هارفارد: «اذا خرجنا من هنا وصادق واحد يتبع دينا واحدا يتبع لدين آخر، نكون وضعنا اساس تفاهم متزايد في المستقبل». واضاف: «لنترك الآن السياسة جانبا، ولنؤسس علاقات شخصية. وستساعدنا هذه في المستقبل على الحوار حول القضايا». وقالت بتول علي، امينة الجمعية: «يأمل الذين نظموا هذه المناسبة ان تكون فرصة لمقابلة الآخر والتعرف اليه». وقال نيل ميرثي، طالب كاثوليكي في الجامعة انه يقدر دعوة غير المسلمين وغير اليهود. وتندر بنجامين كلاسر، يهودي، عن الاطعمة الشهية التي قدمت في الافطار، لكنه اضاف: «مثل هذه المناسبات تزيد روح التفاهم بين الاديان والثقافات». بريدج فيو: في بريدج فيو (ولاية الينوي)، نشرت جريدة «ديلي ساوثتاون» المحلية خبرا مع صور، عنوانه: «رمضان يعلم الآخرين»، كتبت فيه الصحافية ستيفاني غيهرينغ الآتي: «تذهب ماري جين شنايدر، كل سنة، الى افطار الجالية الاسلامية. وتتعلم شيئا جديدا في كل مرة». وقالت ان ما تتعلمه يساعدها في عملها كمدرسة في مدرسة سيمون المتوسطة. وقالت: «توجد اعراق واثنيات كثيرة في هذه المدينة، ولذا، بالاضافة الى الفائدة، هناك السعادة في حضور مناسبة تزيد معرفتي لدين آخر وثقافة اخرى». واضافت: «هذه فرصة رائعة. هذه فرصة جميلة».

وقالت محاسن عودة، مدرسة ايضا في نفس المدرسة: «نحاول تعريف غير المسلمين بالاسلام، وخاصة الصلاة والصيام خلال هذا الشهر المبارك».

وقال د. زاهر سحلول، رئيس المركز الاسلامي ان المركز يدعو كبار المسؤولين في المدارس والكنائس والحكم المحلي. وقال: «جاء الينا، قبل عشر سنوات، شخص قال لنا انه لاحظ اننا مشغولون بالعمل والصلاة، ولا نملك وقتا للتعرف الى الذين يحيطون بنا سوى في العمل او في السكن. وكانت تلك بداية هذه النشاطات». كاثوليك ومسلمون: قالت الجريدة: «على موائد الارز والضأن والدجاج، وجد اعضاء المسجد فرصة للانفتاح على المجتمع الذي يحيطون به». وقال د. طلال صنبولي، رئيس المركز السابق، ان مثل هذه المناسبات تقلل من خوف الاميركيين بعد هجوم 11 سبتمبر. واضاف: «يروننا ويحكمون علينا اعتمادا على الهجوم. ولهذا كان لابد ان نقول لهم من نحن، وبماذا نؤمن».

وقالت كاثي ميوري، مساعدة دينية في كنيسة سنت جيرالد الكاثوليكية في المدينة، وهي تغادر الافطار مع بنتها اليسون وولدها بن: «سعدنا بحضور المناسبة. هذه هي السنة الثالثة التي نأتي فيها». واضافت: «انهم ناس طيبون». وكان يقف الى جوارها القس ريتشارد لو بيانكو، قس الكنيسة الكاثوليكية، وقال انه يأمل ان ترد الكنيسة على هذه الدعوة. واضاف: «كنا دائما نأمل ان توجد مثل هذه الفرص ليتعارف الناس رغم اختلاف اديانهم واعراقهم. نريد ان نشاركهم صلاة، ونريدهم ان يشاركونا صلاة».