الأغنياء يمولون «مطاعم الرحمة» والدولة توزع «قفة رمضان»

الشوربة والزلابية.. سيدتا مائدة الإفطار في الجزائر

جزائريون يشترون حلويات «الزلابية» في محل بالعاصمة («الشرق الأوسط»)
TT

يشاع عن الجزائري في شهر الصيام أنه يقبل بنهم كبير على أمرين اثنين: حلويات «الزلابية» ذات المنشأ التونسي و«قلب اللوز»، والتوافد على صلاة التراويح في المساجد.

وتباع الزلابية في كل مناطق البلاد، لكنها ارتبطت في الاذهان أكثر بمدينة بوفاريك (30 كلم جنوب العاصمة). ولا يوجد في العاصمة والولايات المجاورة لها، أحد إلا وتنقل إلى بوفاريك، لشراء «الزلابية» التي تشتهر بها المنطقة. فمن مدخل المدينة حتى خارجها باتجاه «مدينة الورود» البليدة، يصطف العشرات من أهل بوفاريك في الشوراع الرئيسية والأزقة، يبيعون الزلابية التي يحضرونها بطريقة مميزة مقارنة بمناطق أخرى، حتى أن بائعيها في المدن الأخرى ممن يسعون لاستقطاب الزبائن يكتبون على طاولات البيع «زلابية بوفاريك» ضمانا لبيعها سريعاً.

والتقت «الشرق الأوسط» بمهندس يعمل في أحد حقول النفط بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية، يسكن مدينة الحراش شرق العاصمة، عائدا من بوفاريك وحاملا كيسا من «الزلابية»، فسألته عن سبب تنقله عدة كيلومترات لاقتنائها مع أنها متوفرة في حيه، فقال: «كلما جئت من الإمارات لقضاء إجازة أسافر إلى بوفاريك لجلب الزلابية، سواء كان ذلك في رمضان أو في باقي الشهور، وقد حملتها معي مرة إلى أبوظبي وأعجب زملائي بمذاقها».

وتنتشر «مطاعم الرحمة» في رمضان بشكل لافت، وتخصص في العادة للفقراء وفي الغالب للأشخاص الغرباء عن المنطقة التي يوجد فيها المطعم، حيث يقبل المئات عليها قبيل آذان المغرب لتناول «الشوربة»، الطبق الرئيسي في مائدة رمضان والتي تختلف تسميتها من منطقة لأخرى. فهي «شوربة» في ولايات الوسط و«حريرة» في غرب البلاد و«الجاري» في شرقها. وتختلف الأطباق التي تلي الوجبة الرئيسية، أيضاً من ولاية لأخرى. ويقوم على شؤون «مطاعم الرحمة»، أفواج الكشافة الإسلامية و«جمعية الاصلاح والارشاد» الموالية للحزب الاسلامي «حركة مجتمع السلم». وقد حضرت «الشرق الأوسط» في حي الجبل بالضاحية الجنوبية للعاصمة، إفطارا في «مطعم الرحمة» بإشراف «فوج العمل» بالكشافة، فسألت قائده عن مصدر تمويل الوجبات الغذائية، فأكد أن شخصاً ثريا معروفا في المنطقة درج كلما حل رمضان على شراء ما يلزم من المواد الغذائية والخضار ويقوم عمال مصنع يملكه بطهي الوجيات وتوزيعها على أفواج الكشافة. وقال رئيس الفرع إنه يحصل يوميا على 1500 وجبة. وتابع قائلاً: «بأمر من القيادة العامة للكشافة، نحرص على الابتعاد عن الدولة في ما يخص تمويل نشاطاتنا الخيرية في رمضان، فنحن نسعى لدى أهل الخير ممن نعرف ليتبرعوا لنا بوجبات الإفطار وبملابس ختان الأطفال وملابس عيد الفطر».

ويقتصر نشاط الدولة الخيري في شهر الصيام، على توزيع «قفة رمضان» على المحتاجين والفقراء، حيث تحصي كل بلدية عدد المعوزين فوق ترابها لتمنحهم «القفة» بصفة دورية والتي تحتوي في العادة زيتاً ودقيقاً ومصبرات. وتغتنم وزارة الشؤون الدينية فرصة رمضان للترويج لمشروع «صندوق الزكاة»، التي تقول السلطات منذ سنوات إنه سيحل مشكلة البطالة المرتفعة، عن طريق تقديم أموال الصندوق في شكل قروض للشباب الراغب في إنشاء مؤسسات صغيرة.