أنوار رمضانية

مدفع رمضان الفلسطيني لن يسكت

TT

اضطر رجائي صندوقة للحصول على 7 تصاريح مختلفة من السلطات الاسرائيلية قبل السماح له بإطلاق مدفع رمضان في القدس المحتلة. ويحتاج صندوقة كذلك الى موافقة وحدة خبراء المتفجرات في المخابرات الاسرائيلية التي تفرض هذا العام رقابة مشددة على عملية الاطلاق، وتشترط حضور خبير اسرائيلي مسلح، ليراقب عملية اطلاق المدفع، ويتأكد من استخدام كمية البارود في العملية.

ويقول الاسرائيليون انهم قلقون من انتقال هذه المواد الى ايد «معادية»، واخبروا صندوقة انهم حريصون على الا يتعرض الى اعتداء او اختطاف، رغم انه يطلق المدفع منذ عشرين عاما.

وبخلاف الاعوام الماضية فإن صندوقة ولأسباب امنية لا يمكنه ان يحصل على الكرات المتفجرة دفعة واحدة، وعليه ان يحصل فقط على الكمية اللازمة لإطلاق المدفع كل مرة، كما انه يزاول مهمته الان تحت التهديد بمنعه في العام المقبل، وكانت السلطات الاسرائيلية طلبت منه هذا العام ان يتقدم الى دورة متخصصة في استعمال المتفجرات، ويقول صندوقة لـ«الشرق الاوسط»: «بعد عشرين عاما تذكروا اني بحاجة الى دورة متخصصة، وابلغوني قبل رمضان بقليل». ويعتقد صندوقة ان اسرائيل تمارس ضغوطا لتسكت المدفع، وهي تريد ان تتخلص من هذا التراث الاسلامي تحت ذرائع الامن. ورغم المناكفات التي استمرت اكثر من شهر بين صندوقة والدوائر الاسرائيلية المتخصصة الا انه لم يحصل على الدورة المطلوبة، لكنه يخطط لأن يحصل عليها قبل رمضان القادم مع احد ابنائه، الذي يستعد ليتسلم عن ابيه مدفع رمضان الذي تولته عائلة صندوقة منذ 100 عام، ويقول رجائي «هذا تراث في العائلة وتقليد، ونحن لن نتنازل عنه، تنازلنا ع كل شيء، لم يبق لنا الا المدفع». وقبل 100 عام كان يطلق المدفع الحاج امين صندوقة الجد الاكبر لرجائي، وحرصت العائلة على ألا تفقد هذا التقليد، حتى وصل المدفع لرجائي الذي يخشى هذه المرة من ان تفقده القدس كلها. ويعتبر مدفع رمضان الموجود في المقبرة الإسلامية في شارع صلاح الدين الشهير احد اهم معالم المدينة ولم يتوقف خلال مائة عام في رمضان، الا 18 يوما عام 1987 عندما اخبر الاسرائيليون رجائي انه لا يستطيع استخدام البارود لانه يشكل خطرا على الدولة الاسرائيلية، فتوقف المدفع، حتى استبدل البارود بقنابل الصوت التي تستخدم حتى اليوم. وحسب صندوقة فان كثيرا من اهالي القدس لا يفطرون الا عند سماعهم المدفع، ورغم المعوقات الكثيرة والمناكفات فان صندوقة يحرص على تشغيل المدفع في وقته المحدد، مرتين كل يوم عند صلاة المغرب، وقبل صلاة الفجر، ايذانا بموعدي الافطار والإمساك، لكن رجائي يضطر كل مرة للاتصال مرتين بالمخابرات الاسرائيلية، ويقول «اتصل بهم قبل ضرب المدفع، واخبرهم باني سأضربه، ثم اعود للاتصال بهم ثانية لاخبرهم بأني ضربت المدفع، وانتهيت»، وحسب صندوقة فان الاسرائيليين يتذرعون بالأمن خوف اختلاط الموقف عليهم بين انفجار مدفع رمضان وانفجار اخر. ورغم التضييق الاسرائيلي فقد حضر رئيس بلدية القدس بداية رمضان ليدشن اطلاق المدفع، واطلق بنفسه الى جانب رجائي مدفع الافطار، ويرى رجائي في الخطوة دعاية غير صادقة، وقال «احضر معه كتيبة من الصحافيين والمصورين، بعد ان كانوا سيمنعونني من ضرب المدفع».

ولا يقتصر إطلاق المدفع على شهر رمضان، بل يتم إطلاقه أيضا عند ثبوت رؤية هلال عيد الفطر، ويطلق بهذه المناسبة ثلاث طلقات، كما يطلق اول ايام عيد الفطر سبع طلقات، اما في عيد الاضحى فيضرب المدفع عصر يوم عرفة. ويعتبر صندوقة مدفع رمضان، المدفع الفلسطيني الوحيد الذي يجب ان يظل يطلق في رمضان، لكنه كذلك يراه مدفع عائلة صندوقة.