وافق مجلس مدينة كولون (غرب) على خطط بناء أكبر مسجد من نوعه في ألمانيا، وربما في أوروبا، بقوة أصوات الحزب الاشتراكي والخضر وحزب اليسار الجديد. ووقف الحزب الديمقراطي المسيحي ومبادرة «برو كولن» اليمينية ضد بناء المسجد لكن العمدة فرتز شراما، من الديمقراطي المسيحي، صوت إلى جانب بناء المسجد.
ووافق المجلس على خطة البناء بعد أن أجرى تغيرات على خطط وتصاميم البناء وفرض عدة شروط أخرى تتعلق بالاندماج ومكافحة الإرهاب. وعلى هذا الأساس، وبسبب الاعتراضات على ارتفاع المنارتين، فقد تم الاتفاق على أن يجري بناء المسجد بطابقين تحت الأرض بهدف تقليل الأرتفاع الظاهري للمنارتين. كما سيتحول المسجد إلى مركز لتعليم اللغة ودورات الاندماج واللقاءات الخاصة بالحوار بين الأديان. وأكد العمدة شراما أن المدينة ستراقب مدى تطبيق هذه الشروط بدقة.
وكان اتحاد الجمعيات التركي، شبه الرسمي، قد تقدم بطلب بناء المسجد في حي ايرنفيلد على أنقاض مركز الجمعية قرب برج تيليكوم. وذكرت مصادر الاتحاد أن كلفة بناء المسجد، التي تقدر بين 15 ـ 20 مليون يورو تم توفيرها من التبرعات واشتراكات الأعضاء، لكن الصحف الألمانية تتحدث عن دعم مباشر من الدولة التركية.
ورحب سعدي ارسلان، المتحدث باسم اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية، بقرار مجلس المدينة واعتبره انتصارا لسياسة الاندماج. وعبر ارسلان عن قناعته بأن المسجد يتلاءم مع مكونات حي ايرنفيلد الذي يعتبر رمزا للتعايش بين الألمان والجاليات الأخرى. وأكد المتحدث أن العمل في بناء المسجد سيبدأ في شهر سبتمبر (ايلول) المقبل، أي خلال أيام شهر رمضان المبارك.
وشارك الكاتب اليهودي المعروف رالف جوردانو، الناجي من معسكرات الاعتقال النازية، في انتقاد خطط بناء المسجد ووصفها بأنها «استعراض قوة للإسلام». ورد عليه العمدة شراما، المرشح لنيل جائز «جنك» التركية للاندماج، بالقول إن من حق المسلمين الصلاة في مسجد لائق وليس في مباني المصانع القديمة التي يتخذونها مقارا لهم.
علما أن مجلس المدينة وافق أيضا على بناء متحف يهودي في الساحة القديمة أمام مبنى المجلس البلدي التاريخي. وكشف استفتاء للرأي أن غالبية الكولونيين يرفضون تخريب مشهد الساحة ببناء جديد ويفضلون بناء المتحف على حافة الساحة أو في مكان آخر.
وكانت شرطة مدينة كولون أجازت قبل ايام تجمعا دوليا لليمين المتطرف ضد الإسلام بدعوة من منظمة «برو كولن» اليمينية المتطرفة التي تقف بالضد من بناء مسجد جديد في المدينة. وذكر كلاوس شتافنهاجن، رئيس شرطة كولون، ان الشرطة أجازت المظاهرة لعدم توفر أساس قانوني تستطيع على أساسه منعها.
وأشار شتافنهاجن إلى أن منظمة «برو كولن» تقدمت بطلب إجازة تجمع دولي كبير يضم 10 آلاف إنسان في ساحة هويماركت يوم 20 سبتمبر المقبل. وتلقت الشرطة في ذات الوقت 4 طلبات للتظاهر من منظمات يسارية مناهضة للنازية في نفس اليوم وفي الشوارع المؤدية إلى ساحة هويماركت. ويبدو أن المنظمات اليسارية تحاول قطع الطرق على المظاهرة اليمينية المتطرفة التي خطط المسؤولون للتحرك بها في شوارع مركز المدينة. وسيكون حي ايهرنفيلد الكولوني غرب الراين الهدف الاساسي للمظاهرة المتطرفة بسبب موافقة حكومة كولون المحلية على السماح للجالية التركية ببناء اكبر مسجد في ألمانيا في هذا الحي بالقرب من برج شركة تيليكوم.
وفي حين قدر شتافنهاجن عدد المتظاهرين المناهضين بنحو 40 ألف متظاهر، أشار حزب اليسار إلى أن عدد المتظاهرين سيتجاوز 100 ألف. وأعلنت المنظمات اليسارية في هولندا وبلجيكا عن تحشيد نحو 20 ألف متظاهر إضافي لمواجهة المظاهرة اليمينية. وحجز اليساريون في بلجيكا وهولندا 300 حافلة ضخمة، إضافة إلى مئات السيارات الشخصية، لنقل المتظاهرين إلى مدينة كولون القريبة. وقال شتافنهاجن أن شرطة كولون ستستعين بشرطة الولايات الأخرى بهدف تحشيد ما يكفي من رجال الشرطة لمنع حدوث صدامات. وثبت من تكتيكات المنظمات اليسارية السابقة أنها سترمي إلى حبس المظاهرة اليمينية داخل ساحة هويماركت ومنع الصحافة من الوصول إليها.
وعدا عن منظمة «برو كولن»، سيحضر اليميني الفرنسي المتطرف لوبن المظاهرة إلى جانب قيادة وأعضاء منظمة «فلامز بيلانغ» البلجيكية، ومجموعة روبرت تافت الأميركية، إضافة إلى المجاميع النازية الجديدة من النمسا والمجر واسبانيا وروسيا وغيرها. وينتظر أيضا، إلى جانب لو بن أن يلقي الإيطالي المتطرف ماريون بورغيزيو، من رابطة الشمال، كلمة في المظاهرة المخططة ليوم 20 سبتمبر المقبل. وسبق للمحاكم الايطالية أن حكمت على بورغيزيو بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة حرق خيم اللاجئين في تورين.
ويعتبر قائدا ومؤسسا «برو كولن» من زعماء اليمين المتطرف في كولون والمدن المحيطة بها. وهما عضوان في «الرابطة الألمانية للشعب والوطن» التي تخضع لرقابة الأمن المستمرة. وتم تأسيس برو كولن قبل 3 سنوات مع نشر مشروع بناء المسجد الكبير في كولون حي ايهرنفيلد. وسبق للمنظمة أن جمعت 20 ألف توقيع في المدينة ضد بناء المسجد، لكنها سرعان ما فقدت شعبيتها بعد انفضاح بالرابطة الألمانية للشعب والوطن.
وذكر رأفت اوزتورك، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد، أن من حق المسلمين الحصول على «بيت» لهم في مدينة كولون التي يعيش فيها نحو 100 ألف مسلم (10% من سكان المدينة). واستقر قرار الاتحاد على بناء الموديل الذي صممه البروفيسور غوتفريد بوم من كولون. ويتألف المسجد، حسب هذا النموذج، من قبة ارتفاعها 28 مترا وتمثل كرة بين يدين صمم جزء منها من الزجاج لتمرير الضوء. وهناك منارتان ترتفعان إلى 55 مترا عن الأرض ومجمع رياضي وقاعة صلاة رئيسية تتسع إلى 2000 مصل. وألحق بالبناء مرآب للسيارات يتسع لوقوف 120 سيارة.