الرسول صلى الله عليه وسلم مبشّراً

TT

(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً).

«بشّروا ولا تنفروا، ويسّروا ولا تعسّروا».

بشرى لنا الإسلام إن لنا من العناية ركناً غير منهزم لما دعا الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم من أعظم صفاته صلى الله عليه وسلم أنه مبشر: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالبشارة الكبرى، وهي الإيمان بالله والبشارة بعفوه وغفرانه ورضوانه ورحمته، والبشارة بجنة عرضها السموات والأرض، وقد بشّر صلى الله عليه وسلم بتوبة الله على من تاب وعفوه عمن أناب، فجلّ الدين بشارةً، فقد بشّر عليه الصلاة والسلام بأن الوضوء يحطّ الخطايا، وأن الصلاة ورمضان والحج والعمرة كفارات لما بينها من الذنوب إلا الكبائر، وبشّر من فقد عينيه بالجنة، وبشر من فقد ابنه بقصر في الجنة، وبشّر من أصابه مرض بأنه يمحو الخطايا، وأن من أراد الله به خيراً ابتلاه، وبشّر من انتظر الصلاة أن الملائكة تصلي عليه وتدعو له ما لم يحدث، وبشّر من سبح تسبيحة واحدة بغرس نخلة له في الجنة، وأن من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وأن من أذنب ذنباً ثم توضأ وصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له، وبشّر أن من أصابه مرض أو وصب أو نصب أو همّ أو غمّ أو حزن حتى الشوكة يُشاكها جعلها الله كفارة له من الذنوب.

وجاء بكتاب عظيم وذكر حكيم يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم أجراً حسناً، ونهاهم عن اليأس: (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).

وعن القنوط (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ).

ونهاهم عن الحزن (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ).

وفتح باب الغفران للتائبين من المسرفين: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

ولما أرسل رسله إلى البلدان دعاةً إلى الله قال لهم: «بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا»، وحذّر من التشديد والتنفير فقال: «يا أيها الناس! إن منكم منفّرين، من صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة». وذمّ المتكلفين في الدين، وبشّر عائشة ببراءة الله لها، وبشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه، وبشر جابراً بأن الله كلّم أباه، وبشر المسلمين بدخول زيد وجعفر وابن أبي رواحة الجنة، وبشر بلالاً بأنه سمع دفي نعليه في الجنة، وبشّر أبيّ بن كعب بأن الله سمّاه في الملأ الأعلى، وبشّر العشرة بالجنة، وبشّر أهل بدر بأن الله قال لهم: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». وبشّر أهل البيعة تحت الشجرة برضوان الله، وبشّر الذي لازم (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ( بأن الله يحبه، وبشّر رجلاً صلى معه وقد أصاب حدّاً بأن الله غفر له.

وبالجملة فمن أعظم خصاله الحميدة صلى الله عليه وسلم إدخال البشرى على الناس وإسعادهم.

بشرى من الغيب ألقت في فم الغار وحياً وأفضت إلى الدنيا بأسرار