إصرار اللاعبين المحترفين المغاربة على الصوم خلال رمضان يعرضهم للمضايقات داخل أنديتهم

عزيز بودربالة (يسار) الى جانب المدرب الزاكي بادو («الشرق الأوسط»)
TT

يعيش اللاعبون المغاربة المحترفون في الأندية الأوروبية، مشاكل لا حصر لها خلال شهر رمضان مع الفرق التي يلعبون معها، بفعل حرصهم على الصوم والقيام بشعائرهم الدينية.

ويتعرض هؤلاء المحترفون لضغوطات وتهديدات مختلفة من طرف إدارات فرقهم ومدربيها، تصل في كثير من الأحيان للخصم من رواتبهم الشهرية ومستحقاتهم المالية، بل تعرضهم كذلك إلى وضعهم في لوائح المستغنى عنهم في نهاية كل موسم كروي.

واثار المحترفون المغاربة بشكل خاص، مشاكل في الأوساط الأوروبية، حول علاقات ممارسة الشعائر الدينية بالسياسة، وإصرارهم على الصوم والامتناع عن الشرب خلال الحصص التدريبية والمباريات، حتى لو كانت تندرج في سياق تصفيات كؤوس.

واكد عزيز بودربالة، نجم المنتخب المغربي السابق لـ«الشرق الأوسط» انه لم يخضع أبدا لضغوطات المدربين وإدارات الفرق التي لعب في صفوفها كمحترف سواء في سويسرا أو فرنسا، وأصر على تمسكه بقيمه وإقامته لمختلف شعائره الدينية، وقال إنه كان يتأخر في كثير من الحصص التدريبية بسبب حرصه على أداء الصلاة الوسطى (صلاة العصر)، بل إنه ظل يصوم يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع، وما زال متمسكا بذلك رغم ما تعرض له من تأنيبات وخصم من مستحقاته في احيان أخرى، وقال إن بعض المدربين تفهموا موقفه واحترموا عقيدته الدينية وغضوا الطرف عنه. وأضاف بودربالة أنه لم يجد حرجا في إقامة شعائره الدينية بأحد مساجد مدينة سيون السويسرية حيث يقيم مع أسرته حتى الآن، وبقي محتفظا بذلك بعد اعتزاله حيث يحرص إلى جانب بعض الجزائريين والمسلمين المقيمين هناك، على الإشراف على مسجد هناك وإقامة الصلوات الخمس في وقتها.

من جانبه، قال عبد السلام وادو، العائد هذا الموسم إلى فريقه الأصلي نانسي الفرنسي، إن اللاعبين المسلمين الذين نشأوا في مختلف الفرق الفرنسية، يعانون من مشاكل كثيرة مع أنديتهم بسبب حرصهم على الصوم، ورغم ذلك يصرون على القيام بهذا الركن الديني، ليعيشوا الأجواء الروحانية التي تميز هذا الشهر الكريم الى جانب عائلاتهم، خاصة إقامة صلوات التراويح.

وقال المحترف المغربي المعتزل، نور الدين النيبت، إنه لم يكن يقبل أبدا مناقشة قيمه الإسلامية من أي طرف مهما كان وزنه داخل الفرق الأوروبية التي لعب معها في إسبانيا وإنجلترا، ولم يكن أحد يجرؤ على منعه من الصوم، مضيفا أن جميع المحترفين المسلمين والمغاربة الذين لعبوا معه في فريق ديبورتيفو لا كورونيا الإسباني، أو تعرف عليهم في أوروبا، كانوا يحرصون على الصوم وتمسكهم بدينهم مهما كانت الإغراءات والضغوطات والمساءلات المتكررة من طرف المدربين، وقال إن هؤلاء اللاعبين كانوا يقبلون الخصم من مستحقاتهم ومكافآتهم المالية، أو الاستغناء في أحيان أخرى مقابل حرصهم على الصوم. من جانبه، قال يوسف المختاري، الذي نشأ في ألمانيا، إنه تعود على الصوم منذ بلوغه سن الرشد، حيث كان والداه يحثناه على الصوم والصلاة، لذلك جبل على إقامة شعائره الدينية منذ صغره وفرض احترامه على مدربي ومسؤولي إدارات الفرق الألمانية التي لعب في صفوفها، ورغم أنه كان يتعرض في بعض الأحيان للمضايقات، مثل وضعه بين اللاعبين البدلاء في بعض المباريات بدعوى عدم جاهزيته بدنيا، إلا أنه كان يصر على الصوم حتى حين انضم لأكبر الفرق الألمانية، وهذا الإصرار جعله محط احترام وتقدير من طرف مسؤوليه وجميع زملائه اللاعبين. مقابل ذلك، قال بعض المحترفين إنهم كانوا يفطرون في شهر رمضان بسبب الإرهاق والتعب الشديدين في التدريبات الشاقة، باعتبار أن الاحتراف هو مصدر عيشهم الوحيد، وأكد بعض اللاعبين أنهم كان يفدون الأيام التي كانوا يفطرون فيها، بالفدية أو في تعويض الأيام التي أفطروا فيها كلما اتيحت لهم الفرصة، خاصة خلال فترة توقف البطولات الأوروبية في ديسمبر(كانون الاول) من كل سنة.

ويعزو مدربو الفرق الأوروبية منع اللاعبين المغاربة والمسلمين من الصوم، إلى تراجع لياقتهم البدنية خلال هذا الشهر، وتدني مستوى ادائهم في المباريات، وهو ما ينعكس سلبا على نتائج الفرق التي يلعبون في صفوفها.

إلى ذلك، لا يتعرض اللاعبون المحليون الذين يلعبون في الفرق المغربية لنفس ضغوطات المحترفين، إذا يمارسون صومهم وشعائرهم الدينية بكل حرية، بل إن بعض إدارات الفرق تحرص على إقامة صلاة العصر جماعة، بعد أو قبل الحصة التدريبية المسائية، وهو ما يطرح مشكلة إجراء مباريات الدوري المغربي عصرا، إذ يوصي الأطباء المختصون في الطب الرياضي بإقامة كل منافسة رياضية تتطلب جهدا بدنيا مساء بعد الإفطار، لتفادي التأثيرات السلبية على الجانب البدني للاعبين.

لذلك حرص الاتحاد المغربي على إقامة مباريات الدوري مساء، اللهم إلا في بعض الملاعب التي لا تتوفر على الأضواء الكاشفة.