«أطاجين».. وجبة رمضانية يتفق عليها الموريتانيون

الفقراء يعدونها من بقايا اللحوم التي تقذفها المسالخ

TT

تنقلب العادات الاجتماعية والغذائية في موريتانيا خلال شهر رمضان وتستبدل بأجواء الشهر الكريم، حيث الصوم نهارا والسهر ليلا وربما يصوم البعض قبل أو بعد الإعلان عن رؤية لجنة الإفتاء للشهر وتتفاوت بذلك بعض المدن في الصوم كما في الإفطار. تكتظ أسواق العاصمة نواكشوط والمدن الكبيرة في رمضان طوال الأيام التي تسبق ثبوت رؤية هلال شهر الصيام، ويتدافع الأهالي لشراء حاجياتهم من المؤن الغذائية والأواني والصحون التي ترتبط بوجبات الشهر الكريم، ويقبل معظم الموريتانيين على اقتناء أدوات الطبخ من معدات تحضير الشراب المعروف محليا بـ«ازريق» وهو خليط من اللبن المجفف ممزوجا بالماء والسكر، وتنقلب العادات الغذائية للسكان إذ تختفي وجبة الأرز المعهودة كوجبة رئيسية وتغزو البيوت موائد منتجات مادة القمح بمختلف أشكالها.

وتتفاوت طبيعة الأطعمة على موائد الصائمين باختلاف المستوى المادي للأسر الموريتانية، فأبناء الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل يعتمدون ساعة الإفطار على حساء مصنوع من خلط الطحين بالماء وقليه جيدا ثم صبه في كؤوس زجاج معهودة للقهوة وتوزيعه على أفراد الأسرة كل بنصيب متساو، ومقابل حساء الفقراء هذا يعتمد الاغنياء على صناعة حساء مواز لكنه يختلف من حيث المركبات والمقادير حيث تطحن كميات كبيرة من اللحوم مع الخضر وبعض أنواع الفاكهة وتقدم للصائمين كل مساء كشراب مغذ فيما توزع الكميات الزائدة منه على البيوت الفقيرة المجاورة.

بيد أن الاطاجين يظل الوجبة الرئيسية التي يتفق عليها الموريتانيون، وبالرغم من تكاليف إعداد تلك الوجبة ماديا إلا أن الأسر الفقيرة تحرص على توفيرها وان كانت اقل جودة مما تقدمه الأسر الغنية، ويعتمد العديد من الفقراء على شراء بقايا اللحم من ما تقذفه مسالخ المدينة كالأرجل ولحم المعدة وقد يحصلون عليها بالمجان وتعد وجبة الأطاجين من اللحم والبطاطس المقلي في الزيت ثم تضاف له بعض الخضر والبهارات.

وفي الأحياء النائية من العاصمة الموريتانية المحاذية للمحيط الأطلسي لا يجد سكان «كبت لغريكة» الفقيرة بدا من جمع مخلفات زوارق الصيد التقليدي من اسماك صغيرة يمضون بياض النهار في تتبعها على طول الشاطئ كلما سقطت من حاويات السمك التى تحمله إلى أسواق المدينة، وينتظر البسطاء خطاب الرئيس الذي غالبا ما يوجهه للسكان علهم يعثرون فيه على كلمات توحي بخفض أسعار السلع الأساسية في رمضان، ويستبدل الأهالي النوم في الليل بالنهار ويتسمرون في سهرات امام شاشات التلفزيون المحلي الذي يزيد ساعات بثه في هذا الشهر، ويتحلق الجميع حول التلفزيون لمتابعة سهراته التي ينعشها فقهاء وعلماء دين وأطباء يستقبلون استشكالات المشاهدين الصحية والدينية عبر الهاتف، ويبحث الكثير من الصائمين مع منتصف الشهر عن عذر شرعي او طبي يبيح لهم الإفطار وتقول الأساطير التي يؤمن بها الكثيرون ان من تعرض في حياته للسعة حية يحرم عليه الصيام طوال حياته ويجد الكثرون في هذه الذريعة مخرجا لترك الصوم في رمضان، ويتعرض المفطرون جهارا في الشهر الكريم لانتقادات المجتمع لذا يفضلون إخفاء تناول الوجبات نهارا بعيدا عن اعين المجتمع، وتنتشر ظاهرة الإفطار في المساجد وتحرص الأسر الغنية على تقديم وجبات الافطار للمساجد المجاورة وهو ما يجد فيه المشردون والبسطاء فرصة للإفطار مجانا في المسجد الذي يكتظ بالمصلين ساعة أذان صلاة المغرب، ويخشى الموريتانيون هذا العام من انعكاسات الضغوط الدولية بسبب الانقلاب على ظروفهم المعيشية وخاصة في رمضان ويقول الكثيرون إن البلد يعاني أزمة غذائية حادة وان ذلك قد ينعكس على أحوالهم المعيشية في هذا الشهر الذي تتضاعف فيه النفقات مثلما تتضاعف الأجور عند الله.