طقوس رمضان تعود للأعظمية وسط حذر شديد

مسؤول حي الإمام الأعظم لـ «الشرق الأوسط» : الأهالي يعيشون البؤس والحرمان

TT

كما اعتاد سنة العراق ومنذ قرون عديدة على أحياء ليالي رمضان داخل مقام الإمام الأعظم احد ابرز الأماكن المقدسة لهم في هذا البلد، بدأت الاعظمية وخلال أول أيام رمضان باستقبال عشرات العائلات العراقية التي قدم بعضها من مناطق بغداد الأخرى والبعض الآخر من مدن توزعت ما بين الشمال والبصرة والانبار وديالى بعضهم سكن عند أقاربه والبعض الآخر في فنادق بدأت مؤخرا بلملمة ما تبقى من أثاثها وترميم غرفها بعد أن أصابها الضرر جراء صراع دام خاضة الأعظميين مع جهتين هما القاعدة والميليشيات المسلحة بحسب كلام شيخ وإمام جامع ومقام أبو حنيفة النعمان والناطق باسم مجلس علماء العراق الشيخ عبد الستار عبد الجبار وهذا ما خلف واقعا يمكن وصفه بالمأساوي داخل هذه المدينة التي صحت على آلاف كثيرة من الأرامل والأيتام والأمهات الثكالى، وعائلات لا تستطيع تامين قوت يومها بعد فقدانهم المعيل، ورغم ذلك نقول إن الاعظمية قادرة على تضميد جراحاتها والصبر على آلامها كي تنهض من جديد وتبدأ باستقبال زوارها خلال هذا الشهر الفضيل . ورغم قصر المسافة التي تفصل ما بين ساحة عنترة ومقام الإمام الأعظم في منطقة الاعظمية، إلا أن شارع الأعظمية احتوى على أكثر من ست مفارز للصحوات ذهابا ومثلها إيابا، سميت كل مفرزة باسم احد شهدائها الذي كان يؤدي دوره بينهم قبل مدة معينة لينضم إلى قافلة شهداء الأعظمية الذين لم تستوعبهم الأمكنة القليلة الشاغرة التي بقت داخل المقبرة الملكية القديمة وحتى مقبرة الإمام الأعظم، وهنا لم يجد الأهالي سوى استغلال شاطئ دجلة وحدائق الأعظمية لتكون مقبرة كبيرة لشباب الأعظمية وأيضا مدن أخرى، ومشهد يبعث على الحزن الشديد عندما تقع عينك على ثلاثة أو أربعة قبور لإخوة من بيت واحد دفنوا في هذه المقبرة.

وبشأن رمضان 2008 في العراق بين الشيخ عبد الستار، «أنا سأتكلم عن مناطقنا السنية تحديدا فرمضان عام 2008 هو أفضل بكثير من رمضان 2006 وأيضا 2007، ورغم أن التحسن الأمني يشهد تحسنا هشا وعدم وجود ضمانات قوية بان هذا الاستقرار الأمني سيستمر، ومع هذا ومن كثرة الضغط الذي تعرضت لها العائلات وعند رؤيتهم لهذا التحسن انطلقوا انطلاقات واسعة باتجاه التمتع بهذه الفرصة وهم الآن مستبشرون خيرا بهذا، ونحن كمسجد تاريخي وأيضا مدينة الأعظمية ذات أغلبية سنية الا أنها شهدت طيلة السنوات الثلاث الماضية هجمات مزدوجة من الداخل كانت تنخر فيها القاعدة وآذتها كثيرا ومن الخارج تعرضت لهجمات من الميليشيات وأيضا آذتها كثيرا فضلا عن محاصرة المدينة والتضييق عليها من كافة النواحي وبخاصة في عيشها ورزقها، الآن تنعم الأعظمية بشيء من الأمن ويتمكن الأهالي من الخروج لطلب الرزق خارج المدينة والعودة، ولذلك نجد تحسنا شهده رمضان هذا العام، رغم أننا لاحظنا وفور التحسن الأمني بدا المسجد بالازدحام بالمصلين وتوقعاتنا خلال منتصف رمضان بعودة آلاف العائلات للأعظمية، ونتمنى دوام هذه النعمة وان لا تكون لها منغصات من هذا الطرف أو ذلك خاصة وان الناس تعبوا كثيرا على مستوى العراق عموما ومناطقنا السنية خصوصا.

وكشف الشيخ عبد الستار عن وجود مبادرات لفتح أكثر من 28 جامعا ومسجدا سنيا داخل المناطق المختلطة التي شهدت صراعات أدت إلى إغلاق بعض منها وهيمنة جهات على البعض الآخر وهجروا عائلاتها مثل مناطق الشعب، حيث افتتحنا مسجدين وبقي 28 ستفتتح كلها خلال رمضان وتبدأ باستقبال روادها من جديد وسيكون لرمضان 2008 نكهة جديدة علها تتواصل مع رمضان في الأيام السابقة عندما كانت العاصمة تنعم بالأمن وتعيش بسلام. وأشار الشيخ إلى أن الأعظمية لم تستقبل أي زيارات من خارج العراق من العام 2003 وحتى الآن وربما يأتي ولا يكشف عن هويته، ولكن مؤخرا بدأت تأتي للمقام عائلات من كافة أنحاء العراق الشمال والوسط والجنوب، وبشأن موضوع استمرار الحظر الليلي هو اقرب للشكلية فنحن نلاحظ ورود المصلين قبل صلاة الفجر رغم الحظر وقد تطبق في التنقل بين منطقة وأخرى لكن صلاة الفجر يشهدها أهالي المنطقة الواحدة وهنا ستكون طقوس رمضان ممكنة جدا والتجول في المنطقة حاليا امن جدا وحتى الناس لا تكترث بساعات الحظر وسيأتون إن شاء الله، وهنا سوف لن يكون لقرار رفع الحظر الليلي قيمة كبرى لدى الناس الراغبين في أداء طقوسهم. مشاريع إفطار الصائم، لم تطبق حتى الآن في الأعظمية عدا مبادرة واحدة قام بها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ووصفها الشيخ عبد الستار بأنها جاءت أشبه بالرحمة لسكان الأعظمية الذين يتجمهر نسبة كبيرة منهم حول هذه الموائد، ولم تبادر أي جهة أخرى داخلية أو خارجية بهذا المشروع، والغريب أننا نرى تجمع الناس بهذه الأعداد وبصورة تكاد توحي لك بان المدينة تعيش حالة من الفقر المدقع نتيجة عشرات آلاف الضحايا ومثلهم من المعتقلين وما خلفوه بعدهم من عشرات آلاف الأرامل والأيتام، وانا أؤكد للجميع أن هذه المدينة تعيش أسوا أيامها فالفقر شديد والعمل ضئيل وهي بحاجة لمساعدة جهات إنسانية أو حكومية وحتى دولية، حدائق كبيرة حولت إلى مقابر لشباب المدينة، المدينة دمرت بدرجة فوق ما يتصورها الآخرون وإمكانية الجهات الدينية لمساعدتهم في رمضان بسيطة جدا ولا تكاد تذكر فالبلد بكامله محطم ونحن جزء من هذا الواقع.

وأهاب الشيخ عبد الستار بالعالم الإسلامي إلى شمول الاعظمية بمشاريعهم الخيرية ومساعدة أهلهم بأي طريقة كانت وان يكونوا فرحة لبيوت ملئت بالأحزان والجوع قاس والحرمان شديد والبؤس ينتشر في كل أنحاء المدينة. وأهمية الأعظمية، جاءت من خلال تواجد جامع الإمام الأعظم أو جامع فيها، هو أحد المساجد والمدارس التاريخية في مدينة بغداد وسميت المنطقة المحيطة به بالأعظمية نسبة إليه وتقع في شمال بغداد على جهة الرصافة ويقابلها منطقة الكاظمية نسبة إلى حضرة الإمام موسى الكاظم الذي يقع فيها، بني المسجد عام 375 هـ بجوار قبر ابو حنيفة النعمان، الذي توفي في زمن أبي جعفر المنصور عام 150 هـ ودفن في شمال بغداد في مكان سمي بعد حين بمقبرة الخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الهادي وهارون الرشيد، والتي توفيت ودفنت هناك عام 173هـ.