أجواء رمضان في بلغاريا

TT

مع حلول شهر رمضان المبارك نظمت دائرة الإفتاء العام في بلغاريا مسابقة حول الاحكام الرئيسية للدين الحنيف شارك فيها 48 من التلامذة المسلمين من الجنسين (حتى السادسة عشرة) يتلقون تعليمهم في مدارس بلغارية، وقامت الدائرة بتوزيعهم على 16 منطقة في بلغاريا حيث يوجد تمركز للمسلمين فيها. وجرت هذه المسابقة في قصر الثقافة بالعاصمة صوفيا وتمحورت فقراتها حول أسئلة توجه للمشاركين تظهر الاجابة عنها مدى إلمام ومعرفة التلميذ بأسس الدين الحنيف وقواعده وسيرة حياة الرسول الكريم والاخلاق الاسلامية ومعلومات اخرى عن التاريخ الهجري وهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع اصحابه من مكة الى المدينة، بالاضافة الى حفظ القرآن الكريم وتجويده والادعية وأحكام الصلاة. كما كانت هناك أسئلة تناولت خصائص اللغة العربية وكيفية تهجي بعض حروفها. ومن الطريف ان رجلين تنحلا شخصية بطلين من الحكايات الشعبية البلغارية وارتديا ملابسهما قاما بطرح الاسئلة على التلامذة. وهذان الشخصان هما: نصر الدين خوجه، ويمثل الاساطير الشعبية التركية في بلغاريا (ويسمى ايضا الملا نصر الدين، ويتطابق مع شخصية جحا في الحكايات العربية) وقام بتلاوة الاسئلة باللغة التركية، ومن الفلكلور البلغاري كان هناك بيتار الماكر (خيتر بيتار) الذي طرح الاسئلة بالبلغارية.

وتمكنت اربعة فرق، او مجموعات من التلامذة من الجنسين، في اجتياز المرحلة الاولى من المسابقة والتنافس للفوز بالجائزة الاولى، وهذه الفرق هي تلك التي مثلت منطقة آيتوس (شرق بلغاريا) ورازغراد وشومين (شمال البلاد) وبازارجيك (وتقع في الجنوب). واصبحت الجائزة الاولى من نصيب فريق منطقة آيتوس، وجاء فريق رازغراد في المرتبة الثانية. وكانت الجوائز على شكل ادوات ومستلزمات مدرسية وقرطاسية ومبالغ من المال وكتب دينية وهدايا متنوعة اخرى تم توزيعها على جميع المشاركين في المسابقة. وتلى المفتي العام في بلغاريا الشيخ مصطفى حجي عليج الدعاء، مختتما بذلك هذه المسابقة التي هي الثانية من نوعها في بلغاريا وحضرها جميع المفتين في المناطق الـ 16 والذين شكلوا لجنة التحكيم.

ان مثل هذه الفعاليات التي تعكس شيئا من الاجواء الرمضانية قلما يمكن لمسها في عاصمة اوروبية مثل صوفيا. لكن ذلك لا يعني أن اجواء رمضان لا وجود لها بل يمكن القول انها محدودة ومحصورة داخل مجتمعات معينة كالمسلمين البلغار وهم في قراهم وبلداتهم وجوامعهم، او لدى ابناء الجاليات المسلمة والعربية القادمة من خارج البلاد ويقيمون حاليا في بلغاريا لاسباب كثيرة. فمن الطبيعي ان يزداد عدد المصلين في الجامع الوحيد بمركز العاصمة البلغارية صوفيا خلال هذا الشهر الفضيل. وجرت العادة على ان يتبرع رجال اعمال عرب بإقامة مآدب افطار في هذا الجامع. ومن الملاحظ ايضا ان المطاعم العربية في صوفيا وكبرى مدن بلغاريا تفتقر الى الزبائن وقت الظهيرة في حين ان عدد زبائنها يزداد وقت الافطار. بل ان هناك مطعما تركيا غلق بابه مع بداية هذا الشهر الفضيل ومنح موظفيه اجازتهم السنوية. وقالت سيدة عربية تعمل على اعداد الطعام العربي والشرقي لتلبية طلبات الحفلات والولائم الخاصة لـ «الشرق الاوسط» ان طلبيات الحصول على الطعام الجاهز لاوقات الافطار في تزايد خلال شهر رمضان.

ومن جهة اخرى يلاحظ ان اصحاب بعض المحال العربية في صوفيا قاموا بتزيين محالهم التجارية وإضاءتها بأنوار ملونة في شهر رمضان على غرار ما تقوم به المحال البلغارية اثناء عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية. ولا بد من التنويه هنا بما قاله ابو مصطفى، صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية في صوفيا، عن ان مبيعات الحلويات في ازدهار خلال رمضان.

ويمكن لمس اجواء رمضان في بعض المكاتب والشركات التي يديرها رجال اعمال عرب او مسلمون وكذلك في السفارات العربية والاسلامية في بلغاريا اذ تمتنع هذه عن تقديم القهوة والشاي لمراجعيها وضيوفها وزبائنها، كما هي العادة المتبعة خلال بقية اشهر السنة. كما ان السفارات العربية والاسلامية دأبت على اقامة مآدب الافطار الرمضانية تدعو اليها السفراء والدبلوماسيين بالاضافة الى بعض من ابناء جالياتها. ونفس الشيء تقوم به دائرة الإفتاء العام في بلغاريا. وقد حضر رئيس الجمهورية البلغارية غيورغي بارفانوف مأدبة العام الماضي. ومن الملاحظ ان مثل هذه المآدب تكثر اقامتها خلال النصف الثاني من الشهر المبارك.

لكن يبقى تبادل التهاني بحلول الشهر الفضيل، سواء بالهاتف او بصورة مباشرة، او عبر الانترنت، بين ابناء الجاليات العربية في بلغاريا هو السمة المميزة للاجواء الرمضانية في بلغاريا.. وكل رمضان وانتم بخير.