الخبير الاعلامي أردم دزدار لـ «الشرق الأوسط» : ليس هناك من يمنع المرأة من لبس الحجاب أو الرجل من إعفاء لحيته

رمضان في وسائل الإعلام بالبلقان : حضور مختلف عن بقية العام

أردم دزدار مدير موقع تلفزيون «حياة» البوشناقية («الشرق الأوسط»)
TT

في رمضان يتغير كل شيء تقريبا في الساحة الاسلامية بالبلقان، حتى المؤسسات المشتركة بين المسلمين وغيرهم تتغير في الشهر الفضيل. وليس بث الأذان في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية هو التغيير الوحيد الذي يطرأ على وسائل الاعلام البلقانية في رمضان، رغم تعدد الاعراق والديانات، بل هناك برامج يومية منها ما يسبق الأذان ومنها ما يعقبه كالاناشيد والاذكار والابتهالات الاسلامية، أو الدروس الرمضانية التي تبث مباشرة في بعض التلفزيونات ومحطات الاذاعة والانترنت. وما تختلف فيه وسائل الاعلام في البلقان عن غيرها من بلاد المسلمين هو الطبيعة الديمغرافية لدول البلقان حيث لا توجد أغلبية مسلمة سوى في كوسوفو والبوسنة وألبانيا. وقال مدير موقع تلفزيون «حياة» البوشناقية، أردم دزدار، لـ«الشرق الأوسط» ان «وسائل الاعلام سواء كانت المرئية أو المسموعة أو المكتوبة لها برامج خاصة في رمضان، ولا سيما عند بدايته، وفي العشر الأواخر منه وبالذات العيد حيث لا تتأخر أي وسيلة اعلام عن ذلك الحدث الكبير مهما كان توجه مديرها السياسي أو انتماؤه الديني» وتابع «البرامج الاسلامية لا توجد في جميع القنوات والمحطات التلفزيونية في سائر أيام رمضان المبارك، وإنما في محطات معينة، والبقية تكتفي برفع أذان المغرب ونقل شعائر العيد» وأشار إلى أن الناس يفضلون المشاركة في إقامة الشعائر على مشاهدتها عبر التلفزيون ما عدا كبار السن والنساء والأطفال الذين يظلون بالبيت لأسباب مختلفة. وأوضح أن «أغلب وسائل الاعلام الاكثر اهتماما برمضان في برامجها المختلفة هي محطات الاذاعة التي يملكها الافراد على وجه العموم، وهي برامج غنية ومفيدة للمستمعين، حيث تقدم محاضرات وتنقل قراءة القرآن داخل المساجد، والمسابقات الرمضانية، وهي أنشطة ايجابية تستمر طوال اليوم، وتواصل من الافطار وحتى السحور طيلة شهر رمضان المبارك». وذكر دزدار بأن عددا من محطات الاذاعة في البلقان لديها برامج غنية وتبث على مدار العام برامجها الاسلامية لكنها تكثف جهودها أكثر في رمضان وتركز على القرآن تجويدا وتفسيرا. وعن تقويمه لوسائل الاعلام الدينية في رمضان قال «وسائل الاعلام الاسلامية في معظمها مكتوبة أو على الانترنت، أو الأثير، وهي تقوم بعمل عظيم وكبير جدا، ولا سيما في رمضان، مثل إذاعة «نيبو» في فيسوكو، وإذاعة «بير» التي تشرف عليها المشيخة الاسلامية في البوسنة، وهي إذاعة جديدة بدأت عملها هذا العام». ونفى أردم دزدار وجود ضغوط على وسائل الاعلام بالقول «القوانين المعمول بها في منطقة البلقان تؤكد حرية الصحافة وحرية التعبير، وتتضمن القوانين والدساتير بنودا تحمي حرية الصحافة والتعبير وليس مجرد أقوال تبث للاستهلاك، لذلك لا توجد ضغوط من قبل الحكومات على وسائل الاعلام، وإن حدث ذلك فمن بعض الافراد ومجموعات الضغط، وغالبا ما يفصل فيها القضاء لصالح المجني عليه، وفي اعتقادي الشخصي إنه من السوء بما لا يمكن تصوره سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أن تكون هناك ضغوط على الاعلام أو قمع لحرية التعبير» وقال إن الضغط الحقيقي الذي يواجهه الاعلام هو ضغط اقتصادي، ضغط العمل وضغط قلة التمويل بالنسبة للمشاريع الاعلامية الخاصة. وعن عمل تلفزيون حياة البوشناقي الذي تم تأسيسه عام 1991 قال «تلفزيون حياة هو المحطة الوحيدة في البوسنة التي لها برامج خاصة برمضان طوال الشهر الفضيل، وفي هذا العام تم إعداد برامج غنية جدا، ومفيدة، وعلى مستوى عال من التقديم والتنويع، ومن البرامج التي يبثها تلفزيون حياة في رمضان هذا العام: حياة المشاهير في رمضان، والمهجرين، والمدن المختلفة داخل البلقان مثل اسطنبول، وكيف تم الحفاظ على التقاليد وغير ذلك». وحول البرامج المناسبة لرمضان وما إذا كانت هناك مشاكل تحول دون ذلك، أكد دزدار أن «البرامج يصنعها المال، فليس هناك نقص في الخيال أو المشاريع ولكن هناك غيابا لرأس المال، والبرامج الجيدة سواء كانت دينية أو غير ذلك في حاجة للمال الكافي لتكون كذلك».

وأضاف «المسلمون في البلقان وخاصة البوسنة لا تنقصهم الكوادر ولا البرامج ولكن ينقصهم التمويل، لذلك هناك مشاريع توقفت وأخرى لا تزال تعاني، والاعلام مهم لعصرنا وخاصة التلفزيون الذي يشكل الرأي العام في العالم بأسره». وعن الفرق بين وسائل الاعلام في رمضان قبل الحرب وبعدها أفاد بأن «الوضع جد مختلف ليس قبل الحرب وبعدها فحسب بل في وقت الحرب وبعد السلام أيضا، ففي زمن الخوف يكون الانسان أكثر قربا من الله وأكثر ذكرا له، ولكن في الرخاء يعتقد أنه وفي أحسن الظروف ينسى الكثير عن الله وعن الآخرة وعن الجنة وعن النار» وواصل قائلا «لا يمكن المقارنة أبدا بين ما عليه الوضع الاعلامي اليوم وما كان عليه زمن الشيوعية، عندما كان هناك حزب واحد يحكم في البلاد، ولم يكن يسمح للمتدينين بممارسة حرية العبادة داخل المساجد فضلا عن جعل برامج خاصة بالدين في وسائل الاعلام كالتلفزيون مثلا، وكان ينظر للدين على أنه ثقافة عنف في الوقت الذي كان يمارس العنف ضد المواطنين على أوسع نطاق، ويرى أن الدين للعجائز، ويجب أن يمارس بين 4 جدران، وحمدا لله على أن الوضع لم يعد كما كان رغم استمراره 70 سنة بالعنف والقمع، الحمد لله الوضع الآن ليس كما كان لمدة 70 سنة من العنف والقمع وليس هناك من يمنع من ممارسة عبادته أو يمنع من لبس ما يريد أو أن يظهر بالشكل الذي يريد، مثل أن تمنع المرأة من لبس الحجاب أو الرجل من إعفاء لحيته أو التحقيق مع المصلين في المساجد عند الفجر، ولا يعني ذلك أن كل شيء على ما يرام فهناك أنواع كثيرة من الاعلام الرخيص جاء مع الحرية ولكن ذلك جزء من ضريبتها».