جامع الشيخ محيي الدين التاريخي: يقدم يوميا في شهر رمضان المبارك 400 كيلوغرام من الخبز للفقراء

يقدم مرتين في الأسبوع وجبات القمحية الدمشقية على السحور

جانب من جامع الشيخ محيي الدين التاريخي في دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

يقوم جامع الشيخ محيي الدين التاريخي في دمشق ومن خلال الجمعية الخيرية التي تحمل اسمه وكذلك من خلال التكية السليمية التي تقع بجواره وتتبع للجمعية خلال شهر رمضان المبارك بتوزيع حوالي 400 كلغ من الخبز يومياً على الفقراء والمساكين وهم من سكان جبل قاسيون الفقراء ومن خلال تبرعات أهالي حي الصالحية ومنطقة الشيخ محيي الدين التي يقع بها الجامع في سفوح جبل قاسيون ومن المناطق الأخرى، كما تعمل الجمعية ومن خلال التكية بإفطار الصائمين كل يوم جمعة وفي تقليد درجت عليه الجمعية أيضاً ومنذ سنوات في شهر رمضان وحتى في الأيام العادية وهو توزيع (القمحية) وهي من الأكلات الدمشقية الشهيرة التي تطبخ من القمح المدقوق مع اللحم والدسم حيث توزع على الصائمين الفقراء ودراويش جامع الشيخ محيي الدين على السحور وقبل صلاة الفجر يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.

وتأتي مواد أخرى مثل اللحوم تقدم للجامع فيتم تحويلها للجمعية الخيرية حيث توزعها على الفقراء من سكان الجبل. وكنا في الأعوام السابقة نقيم موائد الإفطار في الجامع ولكن تم إلغاؤها هذا العام لعدة أسباب منها الحفاظ على نظافة المسجد وهناك أيضاً أناس يأتون للإفطار وهم ليسوا فقراء ولذلك حولت المواد الغذائية إلى المحتاجين فعلياً حيث لدينا قوائم بأسمائهم وهؤلاء يستفيدون من توزيع الخبز بشكل يومي في الجامع حيث اعتذرت الجمعية عن القيام بتلك المهمة فقمنا نحن كلجنة مشرفة على الجامع بهذه المهمة. ويتميز جامع الشيخ محيي الدين الذي أخذ اسمه من الداعية والمفكر الإسلامي الشهير:(محيي الدين بن عربي) حيث يوجد قبره في الجامع مع أولاده وعدد من الأولياء الصالحين، يتميز في شهر رمضان بتقاليد خاصة تستمر أسبوعياً في الأشهر الأخرى وهي مجالس الذكر والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإقامة أمسيات الإنشاد الديني والتراتيل الصوفية.

وقال يحيى حياتي شمسو عضو لجنة الإشراف على جامع الشيخ محيي الدين عن هذه التقاليد الرمضانية في الجامع لـ«الشرق الأوسط»: يعتبر جامع الشيخ محيي الدين الجامع الثاني في دمشق بعد الجامع الأموي من حيث الأهمية التاريخية وله خصوصياته خاصة في شهر رمضان المبارك ومنها مجالس الصلاة على النبي وتتم لدينا بكثافة شديدة وتحصل عادة يوم السبت بعد صلاة العصر وهناك تقليد: (ورد السحر) وهو مستمر منذ مئات السنين وتردد فيه الأناشيد الدينية (مولاي صلي وسلم أبداً) أما العصر فتقام (الحضرة) وهي من أنواع الذكر وتتميز بأن المشاركين فيها يقومون بذكر الله وهم واقفون ولها تقاليد خاصة وفي هذه المجالس يتم إعطاء دروس دينية ويتخللها توزيع خبز على المشاركين من تبرعات المصلين وكذلك توزع السكاكر. وهناك مجالس أخرى ومنها تقام يوم الأحد بعد الفجر يتم من خلالها إعطاء دروس دينية يقوم بتنفيذها أساتذة مختصين. والجامع ـ والحمد لله ـ مزدحم بالنشاطات في الشهر المبارك إضافة للابتهالات الدينية التي تتم في مجالس الصلاة على النبي وتكون مزدحمة بالناس ولذلك الجامع في رمضان له تميز خاص وروحانية خاصة ويزداد رواد الجامع حوالي 75% في شهر رمضان عن الأشهر العادية. والمعروف تاريخياً أن الجامع مأوى للدراويش منذ مئات السنين وحتى أن الشيخ محيي الدين كان يلقب بأبي الدراويش. والخبز يوزع بشكل دائم ولكن يكثر في رمضان مع المواد الغذائية الأخرى التي توزع على الفقراء. أما صلاة التراويح في الجامع فهي نوعان صلاة خفيفة وصلاة ثانية يقرأ فيها كل يوم جزء كامل من القرآن الكريم من قبل الشيخ طه سكر وهناك صلاة ثانية على المذهب الحنفي من خلال ابن إمام المسجد يقرأ للناس الضعفاء تنفيذاً لقول الرسول الكريم: سيروا بسير ضعفاءكم وهناك ختم القرآن الكريم في الدروس الدينية في الجامع، كما يزور الجامع الكثير من الناس من خارج سورية ومن السلك الدبلوماسي المعتمدين بدمشق حيث زارنا وفود من ايطاليا واسبانيا ومن تركيا بشكل خاص وجميعهم يزورون قبر سلطان العارفين الشيخ محيي الدين، وزارت الجامع زوجة رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، كما زارنا قبل فترة وفد الرابطة النسائية في استانبول حيث ألبسوا ضريح الشيخ محيي الدين ثوباً جديداً جاؤوا به من تركيا ومن خلال مراسم خاصة بعد حصولهم على موافقة وزارة الأوقاف السورية.

وفيما يتعلق بالجامع فقد قمنا أخيراً ـ يتابع شمسو ـ بتنظيف سطحه ونفذنا صيانة أولية للجامع ونعمل حالياً على ترميمه بشكل واسع، أما أقسام الجامع فهي كالتالي: يوجد مدخلان للجامع الجنوبي والمدخل الرئيسي حيث يتم الدخول من تحت مئذنة الجامع وهي نادرة معمارياً في مساجد العالم الإسلامي وفريدة من حيث عمارتها حيث أشيدت على القوس مباشرة، والجامع من خلال عمارته التاريخية يضم أربعة فنون معمارية اجتمعت به وهي الأيوبي والسلجوقي والعثماني والفن العربي الإسلامي ولذلك فهو أيضاً محط أنظار السياح من خلال تميزه المعماري وخاصة مئذنته الشهيرة والغرفة الخاصة لإقامة الصلاة وهي نادرة جداً، أشيدت لتقام فيها الصلاة من قبل المؤذن وليؤذن من خلالها، ومن أقسام الجامع هناك الصحن وعلى اليمين منه هناك المكتبة التي أسسها الشيخ محمد سكر وهو من سكان حي الصالحية ورجل صالح وأصبحت مكتبة شهيرة بكتبها القيمة وهناك على اليسار مصلى للنساء ومن ثم المقام وفيه قبر الشيخ محيي الدين وأولاده سعد الدين وعماد الدين وبجانبهم قبر الشيخ محمود باشا الخانجي وهو سوري من مدينة حلب شيخ الصوفية وهو صهر الملك فؤاد ملك مصر السابق وهناك قبر الشيخ محمد أمين خربوطلي إمام المسجد قبل مائة عام وهناك قبر الأمير عبد القادر الجزائري والذي نقلت رفاته قبل سنوات إلى الجزائر.

وفي صدر الجامع هناك الحرم وهو المصلى الرئيسي ومن قلب الحرم يوجد باب ينزل منه للمدخل الجنوبي للجامع وفيه قبو وصحن، والقبو يستخدم في شهر رمضان لصلاة التراويح على المذهب الحنفي كما يستخدم لإعطاء الدروس الدينية وتحفيظ القرآن الكريم ويستعمل للاحتفالات الدينية. أما قبة الجامع فهي ملبسة بالرصاص ومطلية باللون الأخضر وسنعمل على ترميمها مع بدء مشروع ترميم الجامع حيث أن بعض ألواح الرصاص فقدت منها بسبب عوامل الزمن وكذلك الأمر في المئذنة وفي سطح الجامع.