وجبات إفطار لمن يتبع الحمية

محاولات فاشلة لدرء خطر زيادة الوزن

TT

تغري المائدة الرمضانية بتلاوينها وتعدد أصنافها الصائم، فيقع فريسة مغريات غذائية تسمن وتغني من جوع ساعات صوم طويلة. لكن التحدّي الأكبر في هذا الشهر الفضيل يبقى في قدرة الصائم على التغلّب على كل ما لذّ وطاب من مأكولات وحلويات دسمة. لذا ومع بداية شهر الصوم يطلق الصائمون في لبنان العنان لـ«أمنياتهم الغذائية الصحية»، لا سيما أن معظم الناس يكونون على موعد مع زيادة الوزن في هذا الشهر. ولتفادي هذا الخطر، يتبادر الى أذهان الكثيرين أن باستطاعتهم الاستفادة من الصوم لتخفيف الوزن أو على الأقل ابعاد شبح زيادة الكيلوغرامات والابتعاد قدر الامكان عن كل المأكولات الغنية بالسعرات الحرارية والتركيز على الصحية منها. لكن بمجرّد الجلوس الى مائدة الافطار وما يرافقها من «طقوس غذائية شهية» تطير الأمنيات سدى ويسيل اللعاب في حضرة ليس فقط الأطباق الشهية التي لا تمت الى الصحية منها بصلة انما أيضا أمام الحلويات الرمضانية الدسمة التي مهما بذل الصائم جهدا لتجنبها يخضع أخيرا لمغريات طعمها اللذيذ غير آبه بعدد سعراتها الحرارية وما تتركه من آثار على صعيد زيادة الوزن. ومهما حاول الفرد تجنب المغريات سيجد نفسه في لحظة من اللحظات غير قادر على مقاومتها في اجتماع العائلة وما يرافقه من أجواء وسهرات رمضانية تفرض سلوكا غذائيا لا يقدر متّبع الحمية على تجنبها فيقع في الفخ من دون تفكير.

ولأن هذا الهاجس ليس جديدا على اللبنانيين بشكل عام وعلى الشباب والفتيات بشكل خاص، تغزو في هذا الشهر وسائل الاعلام على اختلاف أنواعها الارشادات والبرامج المخصصة لتوجيه الصائم بغية عدم الافراط في الطعام والتمييز بين ما يفيد الصحة وما يسمن من دون أي فوائد تذكر. وفي حين يحرص معظم اللبنانيين على متابعة هذا النوع من البرامج وتسجيل ما تيسّر من معلومات مفيدة قد يستفيدون منها في طريقة اعداد الطعام وأنواع الأطباق، وهي وسائل قد يتقيّد بها عدد كبير من سيدات المنازل في الأيام الأولى لشهر رمضان لتغيب تدريجيا يوما بعد يوم بعد ادخال صنف غير صحي من هنا وآخر من هناك. مع عدم اغفال ما يتناوله الصائمون طوال ساعات السهرة بعد الافطار، من الفاكهة الى المشروبات والحلويات لتشكّل مجتمعة «أكثر من وجبة» ان لناحية الكمية أو لناحية النوعية، متجاهلين سلبيات هذه الأنواع المتفرقة من المأكولات ومدّعين أنهم يحرصون على عدم تناول السحور خوفا من السمنة التي قد تتركها وجبة الليل هذه.

أمام هذا الواقع وجدت المراكز المتخصصة في تحضير الوجبات الغذائية ضالتها في هذا الشهر وبدأت تدقّ على «وتر الحمية الغذائية»، اذ لم تكتف بالترويج لوجباتها الصحية من خلال الاعلانات بل توجّه بعضها مباشرة الى كل من يحمل جوالا عبر رسالة كالتي أرسلها مركز K calories المتخصص في تقديم الوجبات الصحية مفادها «تمتّع بوجبة افطار شهية وصحية وقليلة السعرات الحرارية. خدمة التوصيل يوميا. الحلويات العربية متوفرة أيضا». تقول فاتن من مركز K calories «أن عددا كبيرا من اللبنانيين اهتموا بهذا العرض واتصلوا بنا رغبة منهم في الحصول على الافطار الصحي المكوّن من الطبق الرئيسي والفتوش والشوربة والمعجنات اضافة الى الحلويات العربية المصنوعة بطريقة صحية ويبلغ سعره حوالي 16 دولارا». وتشير الى أن نسبة كبيرة من طالبي هذا الافطار هم أفراد وليس عائلات وتضيف «في حين يتقيّد بعضهم في الكمية الموجودة في الوجبة التي نرسلها اليهم وينجحون في خسارة وزنهم يجنح البعض الآخر نحو مغريات المأكولات الرمضانية ويكسر القاعدة الغذائية السليمة وبالتالي لا يصل الى النتيجة المرجوة». من جهتها تقول كريستي شماع من Diet shop الذي تديره المتخصصة في التغذية سوسن الوزان إن الزبائن أنفسهم الذين كانوا يتبعون نظاما غذائيا لا يزالون مستمرين في الحصول على وجبات الافطار في رمضان اضافة الى عدد قليل من الأشخاص الذين قرروا الاستفادة من هذا الشهر والحصول على افطار صحي يناسب من يتبعون حمية غذائية. وتشير كريستي الى أن وجبة الافطار تكون عادة مكوّنة من مقبلات خفيفة وسلطة وشوربة وطبق رئيسي يحتوي على 300 سعرة حرارية اذا كان طبقا لمن يتبعون حمية وعلى 500 سعرة اذا كان طبقا صحيا وسعر الأول حوالي 12 دولارا، فيما سعر الثاني حوالي 13 دولارا، كما يحتوي كل افطار على حلويات رمضانية صحية». محاولات شتى يلجأ اليها الصائمون لدرء شبح زيادة الوزن لكن بما أن «مفتاح البطن لقمة» كما يقول المثل اللبناني، يبقى احتمال نجاحها ضئيلاً جدا أمام فيض الأطباق الغنية والحلويات التي ان قرّر أهل البيت عدم احضارها فهي ستأتي من حيث لا يدرون على يد صديق من هنا وقريب من هناك للتهنئة بالشهر الفضيل الذي تكثر فيه الزيارات والسهرات التي لا تكتمل من دون المائدة الرمضانية التي تبقى عامرة من موعد الافطار الى صلاة الفجر.