مفتي بنيالوكا الشيخ أدهم تشامجيتش لـ«الشرق الأوسط»: بركة رمضان تحل علينا كل عام

المسلمون في مناطق السيطرة الصربية بدون الفرهادية للسنة 15 على التوالي

الشيخ أدهم تشامجيتش مفتي بنيالوكا في البوسنة («الشرق الأوسط»)
TT

وصف مفتي بنيالوكا البوسنية، الشيخ أدهم تشامجيتش، أجواء رمضان في مناطق الحكم الذاتي الذي يهيمن عليه الصرب، ويشترك فيه البوشناق والكروات، بأنها استبشار بحلول شهر رمضان المبارك، وصبر على المعاناة التي يتعرضون لها، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، حيث أنهم محرومون من العمل ومن العودة لوظائفهم السابقة رغم مرور 13 عاما على نهاية الحرب.

وقال الشيخ تشامجيتش في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «إن برنامج شهر رمضان المبارك تم الاعداد له خلال شهر شعبان الماضي، وأن جميع الأئمة وجميع المسؤولين عن المساجد كانوا مستعدين للقيام بمهامهم، وهم الآن يباشرون عملهم وفق البرنامج الذي وضعناه لرمضان هذا العام، ولا سيما فيما يتعلق بالشباب، والعائدين الذين كانوا مطرودين من ديارهم طيلة فترة العدوان على المسلمين في البوسنة، وبعد نهاية الحرب، وكذلك البرامج الخاصة بالنساء». وذكر الشيخ تشامجيتش أن «المشيخة الاسلامية في البوسنة تنظم إفطارات جماعية في بنيالوكا ومناطق أخرى وخاصة للطلبة والفقراء وضعاف الحال، كما أن أساتذة المدارس الثانوية الاسلامية يلقون محاضرات في المساجد بعد صلاة التروايح». وقال إن «المشيخة الاسلامية أعدت قسائم خاصة بزكاة الفكر التي تذهب عوائدها للمدارس الاسلامية وكلية الدراسات الاسلامية». وتحدث عن السمو الروحي الذي يشعر به الكثير من الصائمين في رمضان وقال «إن بركة رمضان تحل علينا كل عام، ونحن نلمسها من أول يوم، فرمضان له وقع خاص في قلوبنا، فهو شهر الصوم وشهر القرآن حيث يتلى من السحور وحتى الفجر، ومن الظهر وحتى العصر، في جميع المساجد بالاضافة لاجواء الافطارات الجماعية الحميمية وصلاة التراويح التي تنشر المحبة والتكاتف واللقاء بين المسلمين». وعن جامع الفرهادية الكبير، الذي هدمه الصرب في 7 مايو 1993، والذي لم يعد بناؤه منذ 15 عاما لتكلفته الباهظة (بين 7 و 10 ملايين يورو) ويحتاج لدعم أهل الخير ورجال الاعمال والمسؤولين في بلاد المسلمين، قال «بالنسبة لنا نحن في المشيخة الاسلامية ببنيالوكا نشعر بالفرح لأن بعض جدران المسجد قد ارتفعت من جديد، وننتظر أن يعود الجامع كما كان قبل 15 سنة». وتابع «همُّ بناء جامع الفرهادية يسكن قلب كل مسلم في البلقان وفي البوسنة وخاصة في بنيالوكا، والحركة البطيئة لاعادة بنائه أعادت لنا الأمل بعون الله جل شأنه في رؤية الفرهادية يعلو من جديد وتعلو مئذنته في سماء بنيالوكا». وأضاف «لا نعلم متى ستنتهي عملية إعادة بناء جامع الفرهادية، لأننا لا نملك المال الكافي لإعادة بنائه في زمن محدد، وننتظر من إخواننا المسلمين في العالم المساعدة في إعادة بنائه أو تكفل أي من الامراء والشيوخ وأهل الخير بإعادة بنائه دفعة واحدة، ولا ندري لماذا لا توجد عناية بالمسلمين في بنيالوكا». وأوضح الشيخ تشامجيتش أن رئيس العلماء في البوسنة الدكتور مصطفى تسيريتش، حريص على إعادة بناء جامع الفرهادية، لكن ضيق ذات اليد يحول دون ذلك. وأضاف أن جامع الفرهادية ليس المسجد الوحيد الذي قام الصرب بهدمه عمدا بالديناميت، وإنما «هناك 16 مسجدا قام الصرب بهدمها أثناء العدوان». وعن عديد العائدين إلى مدينة بنيالوكا، ذكر الشيخ أنه «حتى الآن عاد إلى بنيالوكا 17 ألف مسلم وهم من العائدين لديارهم بعد التهجير بسبب اختلافهم العرقي والديني، وهم يقومون بمجهوداتهم الذاتية المتواضعة في إعادة بناء بعض المساجد التي تعرضت للهدم على يد الصرب، وقد تمت حتى الآن إعادة بناء 11 مسجدا، بناء غير مكتمل، ولا يزال الكثير من المهجرين ينتظرون الظروف المناسبة للعودة لان ذلك يتطلب المستوى الأدنى من متطلبات العيش وهو غير متوفر في الوقت الراهن» وكشف عن تقدم في الوضع الأمني بالنسبة للمسلمين مقارنة بالعام الماضي. وعن احتياجات المسلمين في اقليم بنيالوكا، أكد الشيخ تشامجيتش أن «أي نوع من المساعدة للمسلمين في اقليم بنيالوكا مرحب بها، وأكثر ما يحتاجه المسلمون هو إعادة بناء جامع الفرهادية وما تبقى من مساجد محطمة، ومساكن مهدمة، حتى يتمكن المهجرون من العودة إلى ديارهم. كما يحتاج المسلمون لمساعدتهم بالآلات الزراعية ليتمكنوا من فلاحة أراضيهم التي أصبحت بسبب الاهمال وطول الغياب أشبه ما تكون بالغابات». وزف الشيخ أدهم تشامجيتش نبأ افتتاح «مكتبة فرحات باشنيا» وهي مهمة للشباب حتى يقضوا أوقاتهم في ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، على حد قوله. وحول تدريس الاسلام في المدارس الحكومية والكتاتيب ذكر الشيخ تشامجيتش أن «تعليم أطفال المسلمين الحروف العربية مستمر داخل المساجد التي تمت إعادة بنائها، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود مدرسة اسلامية ثانوية، كما لا يوجد لدينا مركز اسلامي يكون مفتوحا للأنشطة الثقافية المختلفة، ونستقبل فيه الزوار من مختلف الأقاليم ومن الخارج، ويكون فيه اهتمام خاص بالشباب والأنشطة المكتبية ومكان للمطالعة، وكل ذلك يحتاج للمال الذي نفتقده، وأنا أدعو من خلال جريدة «الشرق الاوسط» أهل الخير لزيارتنا ومساعدتنا على إتمام هذه المعالم الحيوية للحفاظ على هوية أجيالنا، ولا سيما جامع الفرهادية والمركز الاسلامي والمدرسة الثانوية، وأنا على يقين بأن هناك من أهل الخير من سيستجيب لبناء هذه المرافق الحيوية أو أحدها أو المساهمة فيها وهو ما سيساعد في نشر الثقافة الاسلامية في ربوعنا».

وعن أسباب تفاؤله قال الشيخ تشامجيتش «لقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الخير في الامة إلى يوم القيامة، ولا شك أن هذا الخير سيطال بنيالوكا أيضا، وأملنا أن يعلم المسلمون أن مناطقنا لم تقم فيها أي معالم اسلامية من خلال الدعم من الدول الاسلامية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سر نسياننا».

وبخصوص عيد الفطر أشار الشيخ تشامجيتش إلى أن المسلمين سيقيمون صلاة العيد في مكان كبير «الحمد لله عديد المصلين في رمضان ارتفع هذا العام بما لم يسبق له مثيل، وسيكون العيد مشهودا وستقام الصلاة بعون الله في مكان كبير في بنيالوكا». وعن رسالته للمسلمين قال «أدعو إخواني المسلمين في جميع أنحاء العالم أن يستغلوا هذه الأيام المباركة في التقرب أكثر من الله تعالى، وأن لا ينسوا بعضهم بعضا، وأن يتذكروا أنهم أمة واحدة، ودعوة خاصة لمن يستطيعون المساهمة في إعادة بناء جامع الفرهادية أو التكفل ببنائه أن لا يتأخروا، وكذلك إعادة بناء ما بقي مهدما من مساجدنا، وأخص بالذكر أهلنا في السعودية والكويت وليبيا وقطر والامارات العربية المتحدة لمساعدتنا في إقامة المعالم التي ذكرتها، أين سيتعلم أطفالنا وشبابنا ويتشربوا الثقافة الاسلامية، لإبعادهم عن المخدرات والخمور وغيرها من المفاسد، ومن لا يستطيعون مساعدتنا، وكذلك من يستطيعون، ندعوهم للدعاء لنا ولحفظ الاسلام في هذه الديار».