السفير علي ماهر لـ«الشرق الأوسط»: الدبلوماسيون قد يضطرون لحضور حفلات الغداء والعشاء في رمضان

يترأس معهد دراسات السلام في مكتبة الإسكندرية

السفير المصري علي ماهر («الشرق الأوسط»)
TT

السفير علي ماهر، مدير معهد دراسات السلام في مكتبة الإسكندرية، بعد سنوات طويلة من العمل في السلك الدبلوماسي المصري كان، شغل خلالها منصب سفير مصر لدى تونس ومندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية ثم سفير مصر في باريس، بعدها أصبح الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي في بيروت وساهم في تأسيس هذه المؤسسة غير الحكومية التي تعمل على دفع الحوار والتعاون بين رجال الفكر ورجال الأعمال في العالم العربي بالنسبة للقضايا المهمة الخاصة بتقدم ورفاهية المجتمعات العربية. ورغم قضائه لشهر رمضان في بلدان مختلفة إلا أن قضاء رمضان في مصر شيء مميز جدا فهو يؤكد أن جو رمضان فيها يختلف عن أي دولة إسلامية أخرى، حيث يمكن للإنسان أن يشعر بمذاقه في الشوارع وسيجد في كل مكان يرتاده بأن هناك شيئا مميزا وروحا من البهجة. لكنه يتذكر شهر رمضان في بعض الدول التي زارها ووجد اهتماماً بالغاً من شعوبها بالتعرف على أسلوب الحياة في مصر والعادات التي ارتبطت بشهر رمضان. وقال اذكر عندما كنت سفيراً في تونس جاء التيفزيون التونسي وقمنا في السفارة المصرية بإعداد كل أنواع المأكولات المصرية في رمضان وقمت بشرح كل العادات والتقاليد المصرية في هذا الشهر، مما لاقى اهتماماً كبيراً من الرأي العام التونسي، لكنني لن أنسى المأدبة الفاخرة في تونس والتي دعانا إليها الرئيس التونسي للإفطار في قصره.

وأضاف ماهر: وفي باريس فرمضان كانت له روحه الخاصة إذ كانت هناك مناسبات واحتفالات في مسجد باريس وكنت أتقابل مع السفراء العرب والمسلمين، وأذكر أمراً طريفاً أن السفير الأميركي لدى فرنسا عقب أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، تشاور معي حول أسلوب يظهر به أنه ودولته لا يكنون عداء للمسلمين، فاقترحت عليه أن يقيم حفل إفطار رمضاني، وبالفعل أقام في السفارة أول حفل للسفراء والشخصيات الإسلامية في باريس، وأشرت إليه بأسلوب إعداد المائدة والوجبات والإجراءات وقد حرص على أن يؤذن لصلاة المغرب بالسفارة، وقمنا بصلاة المغرب قبل الإفطار، ونجحت المأدبة بالفعل في إبداء المشاعر الودية تجاه المسلمين.

وعن تأثير العمل الدبلوماسي على اليوم الرمضاني في حياة أي دبلوماسي يتوجب عليه حضور حفلات ومناسبات وولائم ومآدب رسمية، يضحك قائلا: عليه محاولة تجنب حضور حفلات الغداء والعشاء، وإذا كانت حفلات رسمية يمكنه الحضور ولكن عليه أن يتذكر جيداً أنه صائم ولا يتناول شيئا ولكن لمجرد الوجود. وأشار إلى أنه جرت العادة أن السفير إذا وجد في دولة بها جالية مصرية كبيرة فانه يحضر حفلات إفطار مع الجالية ومع السفراء العرب والمسلمين، وإذا كنا في دولة مسلمة فهي تحتفل برمضان فتكون هناك حفلات وعلى السفير أن يشارك فيها.

وحين سألناه عن الأماكن التي يفضل ارتيادها في رمضان، قال: أبتعد عن السهرات الرمضانية ولا أحب جو هذه الحفلات، وأفضل مشاهدة التلفزيون أحياناً ولا أكرس حياتي له، فأخصص له ساعات معينة عن قصد، ولكن باقي اليوم أفضل أن أقضيه في القراءة والجلوس مع الأصدقاء، لأن رمضان فرصة للالتقاء بالعائلات والأصدقاء، حيث تكون المشاعر متفتحة تجاه الآخرين.

وعن عاداته في الإفطار، قال: أتجنب الطعام الكثير، لأن فلسفة الصيام توصي بأن يبتعد الإنسان عن كل شهواته وأن يقلل في طعامه ويتنزه عن كل إغراءات الدنيا، ولا يبالغ في أي شيء. ومن عاداتي ايضاً أنني لا أتناول السحور أبداً ويرجع ذلك لحرصي على النوم مبكراً.

وحول يومه الرمضاني وكيف يقضيه قال لـ«الشرق الأوسط»: شهر رمضان يؤدي لتغيير نظام الحياة بصفة عامة سواء من ناحية المواعيد أو الاستعداد الجسماني أو أسلوب العمل، لأن الإنسان وهو صائم لا يملك الطاقة والهمة والنشاط المعتادة، فيبدأ اليوم بهمة ونشاط ومع الوقت تقل الطاقة والانجاز ونشعر بالخمول، ولذلك أفضل مواعيد لإنجاز العمل بالنسبة لي هي أول ساعات النهار، لذا أركز على الأعمال المهمة في بداية اليوم، طبعاً مواعيد عملي تتأخر بعض الشيء ـ تقريباً ساعة ـ عن المواعيد العادية، وربما أميل للسهر قليلا في رمضان، لكني بطبيعتي لا أحب السهر المبالغ فيه. ويقول هذا الشهر له طابع روحاني وأحاول تجريد نفسي من بعض الأمور الدنيوية إلى حد ما مع إدراك أن الحياة لا بد أن تستمر، فلا بد أن نتابع العمل، لأن العمل عبادة ولا بد أن يؤدي المسلم عمله ومسؤولياته ولا يهمل فيها إلى ما بعد رمضان. رمضان شهر للتقرب من الله، وأحاول الالتزام في الصلوات كما في الصيام أكثر من شهور السنة الأخرى.

وقال ماهر: «شهر رمضان شهر مختلف يجعلنا نركز وقتا أطول للتأمل والتفكير في الماضي والمستقبل، فلا بد من التزاور ولم الشمل مع أفراد العائلة، وبعد صيام ساعات طويلة تأتي لحظة الإفطار لتمثل البهجة والسرور للجميع».