مناسبة القرقيعان في الكويت من أكياس القماش إلى العلب الفاخرة

إحدى أبرز العادات الرمضانية في الكويت

القرقيعان مناسبة رمضانية يعود تاريخها إلى بدايات تشكل المجتمع الكويتي («الشرق الأوسط»)
TT

تعتبر مناسبة «القرقيعان» إحدى أبرز العادات الرمضانية في الكويت، وهي مناسبة يقدم بها الأهالي الحلوى والمكسرات للأطفال الذين يجوبون الشوارع، مرتدين الأزياء الشعبية، وحاملين أكياسا قماشية، للاحتفال بمرور النصف الأول من الشهر المبارك، في تقليد قديم يعود تاريخيا إلى بدايات تشكل المجتمع الكويتي، واستوطانه العاصمة في بدايات القرن الماضي.

ويحتفل في القرقيعان أيام 14 و15 و16 رمضان، كونه مناسبة لاحتفال الأطفال بتمكنهم من صيام النصف الأول من رمضان، وأن ما تبقى من الشهر أقل مما فات، ما يدفع الأهالي لتشجيعهم، بمنحهم المكسرات والحلوى تشجيعا منهم لهم على صمودهم هذه المدة.

ويردد الأطفال أهازيج شعبية تتضمن عبارات «قرقيعان وقرقيعان، بيت قصير ورمضان، عادت عليكم صيام، كل سنة وكل عام»، ثم يقوم الأهالي بتقديم الحلوى والمكسرات للأطفال الذين يتجمعون أمام الباب، فيقدمونها لهم شريطة الدعاء بالسلامة لأصغر أبناء أسرة هذا البيت، بقولهم «سلم ولدهم يا الله، خله لأمه يا الله».

وتخلط في القرقيعان الذي يجمع في سلة كبيرة، بعض المكسرات التي تتنوع بين الفول السوداني، والحلوى والسكاكر، إلى جانب الفئات الصغيرة من العملات المعدنية المحلية، فيما أضيفت لاحقا الأنواع الفاخرة من الكاكاو والألعاب الصغيرة.

وحديثا تحولت عادة القرقيعان إلى موسم، فمحال المكسرات جبلت على تحضير أكياس معبئة بالمكسرات المتنوعة، تباع بالقطعة خصيصا لهذه المناسبة، ويحمل بعضها عبارات القرقيعان، أو صورا للكويت القديمة، فيما أخذت الأسر الصغيرة وخاصة المؤسسة حديثا منها هذه المناسبة وسيلة لتقديم الهدايا الفاخرة والحلويات المصحوبة بصور أبنائها وبناتها، للاحتفال بهذه المناسبة مع أسرهم الكبيرة وأصدقائهم، التي يقدم لهم القرقيعان بعلب محفورة ومزخرفة من البلاستيك والخشب.

ومع تطور المجتمع، وانعكاس الوفرة المالية على أفراده، تغير القرقيعان من عادة أصيلة بسيطة، يحتفل بها الأطفال بتمكنهم من صيام نصف الشهر، وأن ما تبقى من رمضان أقل مما اجتازوه، انصرفت العائلات الميسورة إلى إقامة حفلات خاصة بهذه المناسبة، بدلا من أن يجوب الأطفال الشوارع حفاظا على سلامتهم، خاصة بعد زيادة عدد السيارات، والتهور المروري الذي تعاني منه البلاد.

وتوزع الآن دعوات شبيهة بتلك التي تقدم لحفلات الزفاف، تطلب من الضيوف الحضور إلى البيت الفلاني، في الموعد كذا، للاحتفال بـ«القرقيعان»، وتستضيف بعض الأسر فرقة غنائية، أو شخصيات مشهورة محببة للأطفال، ناهيك عن تسجيل أغنية خاصة بالمحتفى به أو بها.

وتصل تكلفة الاحتفال بمناسبة القرقيعان هذه الأيام إلى 500 دينار (حوالي 1500 دولار أميركي)، أما إذا فضل ذوو المحتفى به أو بها إقامة الاحتفال بصالة أحد الفنادق، فسترتفع التكلفة لتتعدى العشرة آلاف دولار بالحد الأدنى، لتلحقها التجهيزات الخاصة بالصالة من تنسيق ورود وهاديا خاصة ونظام سمعي وضوئي وبوفيه وغيرها، ليقف الرقم عند مشارف المائة ألف دولار، وهو المبلغ الفعلي الذي تدفعه بعض الأسر الميسورة الحال للاحتفاء بصغارها، لتتحول المناسبة الرمضانية البسيطة إلى عادة مكلفة يعتريها البذخ، بداعي المفاخرة والتبذير، لينحرف «القرقيعان» من فرصة للأطفال ليحتفلوا بصومهم النصف الأول من رمضان، إلى مناسبة للتفاخر بمن يحتفل بهذه المناسبة أفضل من غيره.