المغاربة لن يخلفوا العهد مع مائدة الإفطار.. رغم غلاء الأسعار

موجة الحرارة التي اجتاحت المناطق المغربية وراء ارتفاع ثمن اللحوم البيضاء

«الشبكية» لا بد من وجودها فوق موائد الاسر المغربية («الشرق الأوسط»)
TT

كل الملامح التي تظهر على صعيد الأسواق المغربية توحي بأن لا شيء يختلف عن السنوات السابقة خلال رمضان، وبالتالي لا مجال للحديث عن تداعيات الأزمة المالية العالمية وعن تأثيرها على الرواج التجاري الذي يميز شهر الصيام.

الأسواق هذه الأيام غاصة بأنواع الأطعمة والمشروبات التي يقبل عليها المغاربة خلال رمضان، لكن لا أحد ينكر الغلاء المهول في عدد من المواد الغذائية، خصوصا اللحوم الحمراء والبيضاء وفي الخضر وبعض أنواع الفاكهة.

يرجع السبب وراء ارتفاع ثمن اللحوم البيضاء مثلا من 16 إلى ما لا يقل عن 22 درهما للكيلوغرام بالأساس، إلى موجة الحرارة التي اجتاحت أغلب المناطق المغربية، مما أدى إلى نفوق أعداد من الدواجن، أما الزيادة المهولة في سعر اللحوم الحمراء فتجد تفسيرها في كثرة الطلب عليها. ولسوء الحظ، فإن حلول رمضان توافق مع عطلة الصيف التي تتجند فيها أغلب العائلات المغربية لإقامة حفلات الزفاف ومناسبات أخرى لا تكتمل فيها الفرحة إلا بإطعام الضيوف وحسن إكرامهم.

وقفزت أسعار الخضر، خصوصا الطماطم التي تعد مكونا أساسيا لإعداد الحساء في رمضان بالنسبة إلى المغاربة إلى مستويات قياسية، ما يقارب 10 دراهم للكيلوغرام بعد أن كان سعرها قبل شهرين فقط لا يتجاوز درهمين. حفيظة (45 سنة) مدرسة، لا تخفي أن الارتفاع الصاروخي للطماطم الذي يسجل كل عام مع اقتراب شهر رمضان «دفعني إلى التفكير في طريقة اقتصادية جدا». فخلال الفترة التي كان فيها ثمن الطماطم منخفضا، بدأت حفيظة استعداداتها. كلما أتيحت لها الفرصة لذلك، كانت حفيظة تقدم على شراء كميات من الطماطم بثمن مناسب وتعمل على تخزينها في المجمد، «إنها الطريقة الأنسب التي وجدتها لأتمكن من التغلب على غلاء الطماطم التي نحتاجها لتحضير الحريرة (الحساء المغربي التقليدي)».

نساء أخريات لجأن إلى التبضع بمواد أخرى من قبيل القطاني التي تستعمل كذلك في إعداد الحساء أو التوابل ومواد أخرى مثل الزنجلان واللوز والكاكاو، التي تستعمل في تحضير الشباكية، وهي أشهر أنواع الحلوى التي تعدها النساء المغربيات وتزين بها موائد الإفطار.

ويشهد سوق السمك مع حلول رمضان المبارك ارتفاعا مهولا في مختلف الأنواع. السردين وصل ثمنه إلى ما بين 20 و25 درهما بعد أن كان سعره لا يتجاوز 15 درهما، أما الصول فسعره قفز إلى ما لا يقل عن 70 درهما هذا إلى جانب مختلف الأنواع التي يكثر عليها طلب المغاربة خلال شهر الصيام.

ورغم الغلاء المهول الذي داهم المواد الغذائية، إلا أن أغلب العائلات المغربية لن تخلف الموعد خلال شهر رمضان المبارك. والاستعدادات جارية حاليا لتزيين الموائد بأهم الأطعمة والمأكولات المعروفة رغم ما سيكلف هذا ميزانيات العائلات، التي تجد صعوبة في التوفيق بين تغطية مصاريف عطلة الصيف وشهر رمضان وبدء العام الدراسي.

وهناك من لجأ إلى الادخار للتمكن من تجاوز أي أزمة مالية ممكنة، وهناك من سيجد نفسه لا محالة أمام خيار الاقتراض من مؤسسات السلف لتغطية مصاريف بدء العام الدراسي، لكن رغم هذا، فإن موائد الإفطار ستزين بالحساء المغربي (الحريرة) المصنوع من الحمص والعدس والأزر والطماطم.. والشباكية والسفوف (خليط الدقيق واللوز والسكر ومختلف أنواع المشروبات المعدة من الفواكه الطازجة)، أما في وجبة العشاء، فإن التركيز يكون على أطباق إما من لحم أو دجاج أو سمك.

وثمة أمل كبير في التطمينات التي تقدمها عادة الحكومة المغربية في رمضان لتهدئ من خلالها من روع المواطنين بأن المعروض من مختلف المواد الأساسية والضرورية سيفوق الطلب، لكن يبقى التخوف وكل التخوف من تدخل الوسطاء الذين يشعلون النار في الأسواق بسبب المضاربات والاحتكار الذي يعتبرونه الوسيلة الأقرب لتحقيق أرباح خيالية.

ويعمد المغاربة إلى تصنيع حلويات قبل بداية الشهر خاصة حلوى «الشبكية» التي لابد من وجودها فوق موائد الأسر في جميع أنحاء البلاد، وهي حلوى تصنع من الدقيق والزبد والبيض والتوابل والخميرة وبعد الطهي تغمس في العسل ويضاف إليه أيضا السمسم.

وارتفعت هذه السنة أسعار العسل، وكذلك التمور المستوردة من الجزائر وتونس، كما ارتفعت أسعار الطماطم وتجاوز سعرها ثمانية دراهم ( أزيد من دولار) للكيلو، وتستهلك الطماطم بكميات كبيرة خلال شهر رمضان خاصة في الحساء الرئيسي الذي يتناوله المغاربة في وجبة الإفطار، والذي يعرف باسم «الحريرة». ونظراً لأن شهر رمضان هذا السنة يتزامن مع فصل الصيف فإن أسعار المشروبات والعصير ارتفعت بدورها، بيد أن مصلحة الأرصاد قالت إن حالة الطقس ستميل إلى الاعتدال خلال الأيام المقبلة، وما يزال عددا كبيرا من المغاربة يمضون أوقاتهم في المصايف على المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط.

يشار إلى أن المغرب أعاد توقيته 60 دقيقة بمناسبة شهر رمضان بحيث أصبح التوقيت يتطابق مع توقيت خط غرينتش، في حين سيتم تعديل ساعات العمل وتقليصها بساعة واحدة.