تدهور الأوضاع الاقتصادية يقلص القوة الشرائية للغزيين في رمضان

إقبال على شراء المنتجات المصرية المهربة عبر الأنفاق

TT

رغم أنه لا يكاد يفرغ من تجفيف العرق الذي يتصفد من وجهه بسبب الارتفاع الكبير في درجة الحرارة، إلا أن جمال عليان صاحب أحد أكبر محلات بيع المواد الغذائية في المنطقة الوسطى من القطاع، والعمال الذي يعملون معه لا يجدون الكثير مما يعملونه عشية أول أيام حلول رمضان. فرغم ازدحام المحل بالزبائن، إلا أن بعضهم يعود من حيث أتى عندما يكتشف ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقال جمال لـ«الشرق الأوسط» رغم أن رمضان الماضي جاء في ذروة الحصار المفروض على القطاع، إلا أن القوة الشرائية للناس قد تراجعت بشكل كبير هذا العام، منوهاً إلى أن معظم الذين يفدون إلى محله التجاري يقبلون على شراء المنتجات المصرية التي يتم تهريبها عبر الأنفاق، حيث إن أسعارها أرخص من أسعار المواد التي تصل القطاع عبر المعابر التجارية التي تربط غزة بإسرائيل، حيث إن فرض الضرائب من قبل الإسرائيليين يجعل أسعار هذه البضائع كبيرا بشكل خاص. فارق الأسعار بين المنتجات المصرية التي يتم تهريبها عبر الأنفاق والمنتجات التي تصل عبر المعابر التجارية يبدو كبيراً بشكل خاص. فسعر قالب الجبن الهولندي الذي يزن كلغم، الذي يصدر للقطاع عبر إسرائيل، يفوق سعر قالب الجبن المهرب الذي يفوق وزنه 2 كلغم.

ومن نافلة القول، أن الذين يتوجهون للمحال التجارية هم بالأساس أولئك الذين يمارسون أعمالاً، سواء في مؤسسات حكومة رام الله أو حكومة غزة والعاملين في المؤسسات الأهلية، وهؤلاء لا تتجاوز نسبتهم العشرين في المائة، أما ما تبقى فيعتمدون على أقاربهم من الدرجة الأولى الذين يمارسون أعمالاً. فقد جرت العادة بالنسبة للعائلات الغزية أن يقوم الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً بتزويد عائلات شقيقاتهم وأشقائهم بطرود غذائية عشية الشهر الكريم، تضم الأجبان والتمور والمربى والحلاوة وغيرها. ماجد إبراهيم المحاضر الجامعي، قام كما هو الحال في كل عام بتزويد كل عائلة من عائلات شقيقاته الأربع بطرود غذائية.

وعزاء الغزيين يكمن في حدوث انخفاض ما على أسعار الخضراوات بعد أن حدث ارتفاع كبير على أسعارها قبل شهر تقريباً، مع أن أسعارها تبقى مرتفعة نسبياً مقارنة بأوضاع الأغلبية الساحقة من الأهالي في القطاع، حيث تبلغ نسبة الفقر حوالي 80%.

لكن المعاناة التي يكاد يشترك فيها جميع الغزيين خلال الشهر الفضيل تكمن في انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير في مسار طابع الحياة فيه. فبسبب عدم سماح إسرائيل بنقل كمية الوقود التي تكفي بتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، فإن شركة توزيع الكهرباء تقوم بقطع التيار الكهربائي لعدة ساعات كل يوم عن كل منطقة في قطاع غزة.

عبد الرحمن العودة (49 عاماً) الذي يقطن حي «بركة الوز» غرب مخيم المغازي وسط القطاع لم يجد بداً إلا موافقة زوجته على قيامها بخبز العجين في ساعات الصباح، مع أنه يفضل أن يتم خبز العجين قبيل الإفطار لتناوله ساخناً. وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إنه لا موعد محدداً لانقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي فإنه سمح لزوجته بخبز العجين في ساعات الصباح، حيث إنه لا يتم قطع التيار الكهربائي في هذه الأوقات في ذلك الحي.

ويؤثر انقطاع التيار الكهربائي بشكل خاص في أهم معلم من معالم رمضان وهي صلاة التراويح، حيث إن أئمة المساجد يميلون للتخفيف عن المصلين في حال انقطع التيار الكهربائي، فلا يطيلون الصلاة.