الخيم الرمضانية باحتفالاتها الغنائية تتراجع لصالح الأعراس البيروتية

بعدما تحولت إلى طقوس لبنانية في شهر الصوم

مائدة رمضان تتميز بالحلويات اللبنانية («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن الخيم الرمضانية، التي اعتاد اللبنانيون أن تكون «ملاذهم الآمن» في شهر رمضان المبارك منذ سنوات عدّة، ستغيب «طقوسها الاحتفالية الغنائية الراقصة» عن يومياتهم بشكل ملحوظ هذا العام، لا سيما تلك التي كانت تشيّد خارج المطاعم، وذلك بعد إصدار وزارة السياحة اللبنانية قرارا يفرض على المؤسسات الحصول على ترخيص مسبق لإقامتها، إضافة إلى استمرار احتفالات الأعراس في فصل الصيف بعدما كان المسلمون قد احتكروا معظم الحجوزات في بداية الموسم لتكمل الطوائف الأخرى «مسيرة» أعراسها في الأسابيع القليلة المتبقية من فصل الصيف، وبالتالي فإن هذا الواقع جعل عددا كبيرا من الفنادق تفضّل عدم تخصيص صالاتها التي كانت تنظّم للحفلات الرمضانية للغرض نفسه هذا العام والإبقاء عليها للاحتفال بالأعراس. كذلك فإن الإجراء الذي اتخذته وزارة السياحة فرض واقعا جديدا على المطاعم بشكل عام وعلى كل من تسولّه نفسه الاستفادة من هذا الشهر عبر تشييد الخيم أينما كان وحيثما كان في المناطق. القرار صدر ووضعت وزارة السياحة شروطها في تعميم وزّعته على البلديات والمؤسسات السياحية، وهي فرضت على كل من يريد تشييد الخيم الرمضانية أن يحصل على موافقتها المسبقة، وأشارت إلى أن المكان المناسب لمثل هذه الخيم يجب أن يكون داخل المؤسسات السياحية المرخّصة التي تملك مساحات مناسبة يمكن استعمالها لهذا الغرض. وأكّدت «ضرورة التقيّد بشروط الصحة والسلامة العامة، خاصة ضدّ أخطار الحريق من المراجع المتخصّصة، وإلا ستعمل الوزارة على اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين». مع العلم، كما أصبح معروفاً، فإن لبنان كان من أول البلدان التي روّجت للخيم الرمضانية وما تتضمّنها من برامج غنائية راقصة بعيدة عن الأجواء التي يفترض أن تترافق مع طقوس شهر رمضان المبارك الذي تحوّل إلى موسم للاستفادة التجارية بشكل عام والفنية بشكل خاص.

«petit café»، هي سلسلة المقاهي التي اعتادت استضافة الفنانين وتنظيم الحفلات الغنائية منذ سنوات، لكنها هذا العام ارتأت إدارتها التخفيف من هذه الأجواء والتقيّد إلى حدّ ما بالشروط التي فرضتها وزارة السياحة. في فرع الروشة، ستقتصر البرامج على موائد الإفطار والسحور إضافة إلى جلسات العود الهادئة بعيدا عن الأجواء الراقصة. وفي فرع الوسط التجاري، كما معظم المطاعم في هذه المنطقة، حتى الجلسة العربية التي اعتاد المقهى أن يعتمدها في شهر رمضان المبارك ستغيب هذا العام عن الديكور، وستبقى صورته كما كل أيام السنة، مع اختلاف في الوجبات التي ترتكز على الإفطار والسحور.

وقالت المديرة العامة لوزارة السياحة اللبنانية ندى السردوك لـ«الشرق الأوسط»: «الخيم الرمضانية لها أطر محددة يجب الالتزام بها، لا سيما لناحية خصائصها الدينية التي علينا احترامها من دون وجود موسيقى وغناء ورقص...». وفي ما يتعلّق بالإجراءات التي ستتخذ بحق المخالفين، أوضحت «على كل معنيّ أن يحترم الشروط التي وضعتها الوزارة وعدم تعريض نفسه والزائرين إلى موقف حرج». ودعت الصائمين إلى عدم تشجيع الخيم التي لا تراعي الشروط المطلوبة ولا تلحظ السلامة العامة من حيث النظافة وغيرها». وأضافت «نأمل في شهر رمضان أن تبقى الحركة السياحية ناشطة في سبتمبر ونتوقع زيادة في نسبة الوافدين إلى لبنان». وفي حين لفتت سردوك إلى أنه لغاية اليوم لم تعط الوزارة أي ترخيص لإقامة أي خيمة رمضانية خارجية، وبالتالي هذه الاحتفالات الراقصة التي لا تمت إلى شهر رمضان بصلة لن تتعدى حدود قاعات المطاعم الداخلية، أكّد وزير السياحة أيلي ماروني«أن الغاية من هذا القرار هي تنظيم عمل الخيم الرمضانية بشكل يحافظ على القيم والأخلاق وجلالة المناسبة، ويحافظ أيضا على حقوق أصحاب المطاعم والفنادق وليس كما كان يحصل في السنوات السابقة من فلتان في عدد من الخيم بحيث ما عاد هنالك حديقة أو قطعة أرض إلا وفيها خيمة رمضانية بعيدة كل البعد عن المراقبة وعن احترام هذه المناسبة الدينية المباركة». في هذا الإطار أشارت رنا يونس، المسؤولة عن العلاقات العامة في فندق كورال بيتش، الذي اعتاد سنويا إقامة الخيمة الرمضانية والحفلات، إلى أن رمضان هذا العام سيختلف عن السنوات الماضية في ما يتعلّق بالخيم الرمضانية، وقالت «كثافة حجوزات الأعراس في فصل الصيف منعتنا من الاستفادة من الصالة الكبيرة التي كنا نعتمدها في شهر رمضان كخيمة رمضانية، وبالتالي اكتفينا بالصالة الصغيرة التي لا تتّسع إلى أكثر من 100 شخص، لتقديم وجبة الإفطار اليومية فقط». وفي حين أيّدت رلى العجوز، عضو مجلس بلدية بيروت، التعميم الذي أصدرته وزارة السياحة، أشارت إلى «أنه لا أحد يقبل بما اعتدنا رؤيته في شهر رمضان المبارك في هذه الخيم التي تستغلّ هذا الشهر لأغراض فنية بدل احترام الطقوس الدينية، مع المحافظة على سلامة المواطن لتجنّب ما قد يحصل من حوادث خطيرة كما حصل في الكويت داخل الخيمة». وفي حين قالت العجوز «لسنا ضدّ السياحة الترفيهية، لكن شرط أن يكون كل شيء ضمن سياقه الطبيعي»، تمنّت أن تتحوّل هذه الخيم إلى مكان يجتمع فيه الناس في هذا الشهر الفضيل للتعرّف على خصوصية هذا الشهر وفضائله.