العروض الترويجية تُخفف معاناة العمانيين من أسعار السلع والسيطرة على حالات الهوس الشرائي في رمضان

رسائل توعية للمواطنين والمقيمين حول ضرورة التسوق الرشيد

TT

تشهد الأسواق التجارية العمانية هذه الأيام حالة نشاط ملحوظة من المتسوقين؛ لشراء السلع الغذائية الخاصة بشهر رمضان، ومع ذلك تسري لدى العمانيين، هذا العام تحديدا، قناعة عامة بضرورة السيطرة على حالات الهوس الشرائي، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ). وبعد أن كانت الرغبة في شراء كميات كبيرة من الغذاء وتخزينها هي السائدة لدى المتسوقين في عمان في مثل هذا الوقت من الأعوام السابقة، يتحلى العمانيون هذا العام بثقافة تسوق مغايرة نتيجة حملات التوعية، التي قامت بها الجهات المعنية بحماية المستهلك في السلطنة خلال الأسابيع الماضية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي كثفت من بث رسائل التوعية للمواطنين والمقيمين حول ضرورة التسوق الرشيد.

وقد استبقت وزارة التجارة والصناعة بسلطنة عمان تحركات التجار لرفع الأسعار في الأسواق، بإطلاق نداءات موجهة إليهم لمراعاة حرمة شهر رمضان، وعدم المغالاة في تحديد أسعار السلع الغذائية، بل وطالبتهم الوزارة بالعمل على تخفيض الأسعار؛ لتخفيف العبء على الأسر العمانية، وهي تستقبل شهر رمضان والعام الدراسي الجديد، وكلاهما يتطلب مصاريف تثقل كاهل رب الأسرة، الذي يعتمد على راتبه الشهري المثقل أساسا بديون والتزامات مالية أخرى، كأقساط البنوك وشركات السيارات وغيرها. وفي هذا الصدد، قال عمر بن فيصل الجهضمي، مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة التجارة والصناعة لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): «وجهنا الدعوة إلى المستهلكين مواطنين ومقيمين إلى الاقتصاد في الشراء، والتركيز على العبادات في الشهر الفضيل؛ لأن الاندفاع في شراء السلع وتخزينها يتسببان في رفع الأسعار في الأسواق، رغم ما نبذله من جهود لضبط الأسعار».

ويحرص العمانيون عادة على شراء احتياجاتهم من السلع الرمضانية، التي تعرف محليا بـ«الراشن»، وتتضمن عددا من المواد الغذائية كالأرز والسمن والسكر والطحين والشعير والمعكرونة والجيلي والكريم كراميل، إضافة إلى الأسماك، التي تعتبر وجبة العمانيين المفضلة طوال شهور السنة وفي شهر رمضان على وجه الخصوص.

وأكد الجهضمي، أن دائرة حماية المستهلك بدأت بالتعاون مع جمعية حماية المستهلك تكثيف الحملات على المراكز التجارية ومحلات بيع الخضراوات والفاكهة، لمتابعة أسعار السلع قبل شهر رمضان وستزداد الحملات خلال الشهر الفضيل؛ لتجنب أية زيادات في الأسعار من دون مبرر. وفي محاولة منها للتجاوب مع التوجيهات الحكومية ولجذب أكبر عدد من المتسوقين في نفس الوقت، قامت المراكز التجارية الكبرى في العاصمة مسقط وفي المناطق الأخرى من عمان بتقديم ما يعرف بـ«العروض الترويجية» للسلع الغذائية، التي توفر للمستهلك فرصة شراء كميات معينة من السلع، نظير خصم نسبة محددة من السعر الإجمالي تصل إلى 25 في المائة.

ويرى المحلل الاقتصادي العماني أحمد الهوتي، أن إصرار الناس على شراء نوع معين من السلع والمواظبة على شرائه، حتى لو ارتفع سعره، يساهم في رفع التجار لسعره وهم مطمئنون، مشيرا إلى أن المستهلك هو القوة الوحيدة القادرة على ضبط سعر أي سلعة، من خلال قدرته على اختيار البديل الذي يساهم في انخفاض سعر السلعة، التي ارتفعت بسبب إصراره على شرائها رغم وجود بدائل لها أقل سعرا وربما أفضل منها في الجودة.

وتتسم الأسواق العمانية في الوقت الحاضر بتركيزها على مراكز التسوق الكبيرة مثل كارفور واللولو هايبر ومركز سلطان للتسوق، وعدد من المراكز الأخرى، وذلك نظرا لانقراض محلات البيع الصغيرة بعد تطبيق وزارة القوى العاملة لسياسة «تعمين» مهنة بيع المواد الغذائية، الأمر الذي أدى إلى ابتعاد العمالة الآسيوية الوافدة، التي كانت تدير هذه المحلات، وخلال الأعوام الأخيرة أغلقت مئات من محلات المواد الغذائية «البقالات» أبوابها وحول معظمها نشاطه إلى الانترنت والاتصالات.

وفي سلطنة عمان، لم يكن للأزمة المالية العالمية أي تأثير واضح على المتسوقين، بقدر ما تأثروا بما جرى في الأعوام السابقة من حالات ارتفاع جنوني للأسعار، نتيجة إقبالهم غير المبرر على شراء وتخزين السلع قبل شهر رمضان.

ويشير عبد الله الرجيبي، وهو يتسوق في أحد المحلات الكبيرة، إلى أن «ارتفاع الأسعار بلغ ذروته العام الماضي، حين عمد بعض التجار إلى استغلال الوضع، الذي ساد مجتمعاتنا الخليجية بشكل عام، من ارتفاع تكاليف المعيشة بكل ما فيها، لكن من وجهة نظري أرى أن الوضع هذا العام مختلف، حيث أصبح الناس على اطلاع بالوضع الراهن والأزمة الاقتصادية، التي أدت إلى انخفاض الأسعار وضعف القوة الشرائية، ونستطيع أن نقول بأن الحال أفضل من الأعوام الماضية، خاصة العام الماضي، الذي شهدنا خلاله أزمة حقيقية وارتفاعا كبيرا لأسعار المنتجات والمواد الغذائية والاستهلاكية». وتذكر إحصاءات وزارة الاقتصاد الوطني العمانية أن معدل التضخم السنوي في السلطنة انخفض إلى 8.2 % في يونيو (حزيران) الماضي من 9.3 % في مايو (أيار)، وأظهرت بيانات حكومية أن مؤشر أسعار المستهلكين سجل 7.128 نقطة في يونيو(حزيران) 2009.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي محمد الشيزاوي: «هناك أموال كثيرة تنفق على شراء المواد الغذائية التي ما زالت أسعارها عند مستوياتها المرتفعة، رغم ما يقال عن هبوط مستوى التضخم في السلطنة هذا العام، وفي كل عام تقول الأسر العمانية، إنها أنفقت وأسرفت في الإنفاق أكثر من اللازم، لكنها مع الأسف تعيد الكرة مرة أخرى في العام الذي يليه».