استطلاع إلكتروني: 98% من المسلمين العرب يتمسكون بصيام رمضان

انحسار إقبالهم على موقع «الفيس بوك» في شهر الصوم

TT

كشف استطلاع إلكتروني حديث عن تمسك المسلمين في الوطن العربي بممارسات وعادات وتقاليد شهر رمضان وأظهرت أن أغلبية ساحقة من الذين شملهم الاستطلاع تتمسك بالصيام.

وأظهر الاستطلاع، الذي أعلنت وحدة «مكتوب» للأبحاث نتائجه ووصلت نسخة منها وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن معظم المسلمين يلتزمون بالصيام وأن الصائمين تصل نسبتهم مقارنة بغيرهم إلى 98% وأن 89% منهم يرغبون في تناول وجبات الإفطار مع عائلاتهم.

وأجريت الدراسة خلال أغسطس (آب) الجاري قبل بداية شهر رمضان مباشرة وشملت آراء 4335 مسلما بالغا من مختلف أرجاء العالم العربي وأتيحت الفرصة للمستطلعين لاختيار أكثر من إجابة واحدة عن بعض الأسئلة.

وتعليقا على نتائج الاستطلاع، قالت تامارا ديبريز مدير عام «مكتوب» للأبحاث «أجرينا الاستطلاع لنحدد كيف يشعر المقيمون في منطقة الشرق الأوسط بقدسية شهر رمضان حيث كشفت النتائج بوضوح عن تمسك العرب الوثيق بالعادات والتقاليد الحميدة والممارسات الاجتماعية في هذا الشهر كما كشفت محاولات العينة للاستفادة من الأوقات الخاصة خلال العام لتقوية علاقاتهم وروابطهم مع أحبائهم ومشاركة روح رمضان مع زملائهم المسلمين».

وألقت نتائج الاستطلاع الضوء على ما يعنيه رمضان في الوقت الحالي بالنسبة للمسلمين، ولاحظت كيفية اتباعهم للعادات والتقاليد والممارسات المشتركة الخاصة بهذا الشهر، حيث أعرب 98% من المستطلعين عن عزمهم صيام الشهر وبرر غالبية الباقين عدم قدرتهم على الصيام بالمرض أو السفر أو الحمل.

وجاءت إجابات جميع المستطلعين في كل من السعودية «782 شخصا» والمغرب «443» وعمان «257» والبحرين «231» بالإيجاب عندما تم سؤالهم عن عزمهم على الصيام هذا العام، في حين أن 99% من مسلمي قطر والكويت ومصر و97% من المسلمين في الأردن والإمارات أكدوا نيتهم صيام شهر رمضان هذا العام.

وأكد 52% أنهم يعتمدون على المساجد لمعرفة زمن الصيام وموعد الإمساك وموعد الإفطار في حين تمثلت المصادر الأخرى لمعرفة هذه المعلومات في التلفزيون والصحف وشبكة الإنترنت والإذاعة.

واعتبر 89% من المستطلعة آراؤهم أن رمضان مناسبة مهمة لضبط النفس والانضباط في حين أن 67% يعتقدون بأن الشهر يتيح لهم الفرصة للشعور بالألفة والتضامن وإبداء مشاعر الأخوة التي تجمع بين المسلمين.

لكن اللافت أن 63% من المستطلعين اعتبروا أن شهر رمضان مناسبة تجارية بعض الشيء في الوقت الذي أكدت فيه الغالبية أنه لا بد من انتشار روح رمضان في كافة أنحاء العالم وليس في المنطقة العربية وحسب.

وحسب هذا الاستطلاع، قال 76% إنهم يقومون بقراءة القرآن الكريم بأكمله خلال شهر رمضان في حين أن 66% يواظبون على صلاة التراويح خلال الشهر كما أن 77% يخططون لإعداد لفتة خاصة نحو العائلة أو الأصدقاء خلال رمضان أو مع قدوم عيد الفطر.

ومن جهة أخرى تراجع إقبال المشتركين العرب في الموقع الاجتماعي العالمي الأشهر «الفيس بوك» خلال الأيام الأولى من شهر رمضان بنسبة كبيرة، مقارنة بالأشهر الأخرى من العام، بعدما بات الموقع يضم عدة ملايين من العرب من أعمار مختلفة. واستطلعت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) آراء عينة من المشتركين العرب في الموقع أكدوا جميعا تأثر مشاركاتهم بنسب متفاوتة، نظرا لطبيعة المواقيت المختلفة في شهر رمضان والصيام والانشغال بالعبادة والتزاور إضافة إلى الوجبة الإعلامية الدسمة التي تقدمها قنوات التلفزيون العربية من البرامج والمسلسلات الجديدة.

واعتبرت عينة البحث التي بلغ عددها 1325 مشتركا في «الفيس بوك»، معظمهم من الإناث، أن نشاطهم المعتاد في التعليقات والمحادثة والرسائل عبر الموقع أصبح أقل بنسب تتجاوز 60% خلال الأيام الأولى تحديدا والتي تشهد زيارات عائلية كثيرة، إضافة إلى عدم قدرتهم خلال تلك الأيام على تحديد أوقات النوم والاستيقاظ ومواعيد الذهاب للعمل.

وأكدت نسبة كبيرة من العينة أن مشاركي «الفيس بوك» العرب منحوه خلال الأيام الماضية صبغة رمضانية واضحة من خلال الصور والفيديو والآيات القرآنية والأناشيد الدينية إضافة لتحوله إلى المكان الأبرز لتبادل التهاني بين الأهل والأصدقاء، بدلا عن البريد الإلكتروني والهواتف.

وقالت حنان كمال «مصرية مقيمة في دبي» إن مشاركاتها تضاءلت بنسبة تصل أحيانا إلى 90% لأنها لا تجد أصدقاءها عادة ليشجعوها على البقاء في الموقع، على غير العادة، حيث كانت في أوقات سابقة تقضي معهم ساعات متواصلة دون ملل.

وقالت لامار كرم «لبنانية» إنها لم تفتح حسابها على «الفيس بوك» خلال اليومين الأول والثاني من رمضان لانشغالها بالتزاور وترتيب مواعيد عملها الجديدة خلال الشهر، في حين قال أبو أحمد المصري إن تراجع الإقبال أمر طبيعي جدا لأن شهر رمضان له طبيعة خاصة بسبب تزايد إقبال المسلمين على العبادات.

وقالت «بنت ناس» وهي «مصرية مقيمة في السعودية» إن معظم الأصدقاء لا يظهرون كثيرا، حتى أقرب الأصدقاء باتت نسب تواصلهم أقل من المعهود لانشغالهم بأمور أهم، مؤكدة أن جانبا ممن وصفتهم بـ «مدمني الفيس بوك» ما زالوا متواجدين ويحاولون تحفيز أصدقائهم بنشر موضوعات دينية، سواء آيات قرآنية أو أحاديث وأحيانا أغنيات رمضانية وأناشيد دينية شهيرة.

واعتبر أحمد يعقوب «مصري» إحجام العرب عن المشاركة ظاهرة طبيعية لأن كثيرا من الناس يتفرغون في رمضان لقراءة القرآن والإكثار من العبادات، وآخرين يتفرغون لمتابعة البرامج والمسلسلات، إضافة إلى قلة التركيز والكسل التي تؤثر بشكل ملموس على النشاطات الذهنية ومنها الإنترنت عموما و«الفيس بوك» تحديدا.

وتوقع محمد علال، جزائري، أن يعود الإقبال مجددا خلال الأيام المقبلة بعد أن يتمكن الصائمون من ترتيب مواعيدهم الخاصة بالعبادة والعمل والتزاور.

وأكدت نوال سعدي، مغربية، أن مشاركاتها شهدت ارتباكا واضحا خلال اليوم الأول لكنها انتظمت كعادتها بعده، وأحيانا كثيرة ما تلاحظ أنها وحدها ولا تجد ما تكتبه تعليقات من الأصدقاء كما في السابق.

وقالت سارة فؤاد، مصرية، إن أصدقاءها يعتبرونها أحد أنشط أعضاء «الفيس بوك» العرب لكن مشاركاتها تضاءلت بشكل كبير لأن رمضان له طقوس خاصة لديها باعتباره فرصة للتقرب إلى الله.

ولفتت حبيبة حلمي «مصرية» إلى أن البعض حاول ترويج أن «الفيس بوك» حرام في رمضان لأنه يتسبب في ضياع الوقت المفترض استغلاله في العبادة، مشيرة إلى أنها ترفض تلك الأفكار لأن «الفيس بوك» وغيره من مواقع الاتصال الاجتماعي يمكنها أن تكون حافزا للكثيرين على الصيام والعبادة عن طريق تحفيز الأصدقاء لبعضهم البعض على قراءة القران والسيرة بدليل وجود مسابقات دينية كثيرة بالفعل.

واتفقت معها سارة نور الدين، مصرية، أن «الفيس بوك» يقدم طريقة حديثة للتواصل بين البشر خاصة في المناسبات المهمة مثل شهر رمضان الذي شهدت صفحاته معايدات بين المشاركين فيه فاقت بعدة أضعاف ما كان يحدث في السنوات السابقة باستخدام البريد الإلكتروني أو الهواتف.

وقال ياسر خليل، مصري، إنه يمكن رصد ما أسماه «رمضان الفيسبوكي» الذي شهد تهاني الأجانب لأصدقائهم المسلمين ومشاركة القصص والفيديوهات الإخبارية المتعلقة بالشأن الإسلامي بشكل مكثف، كما حضرت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان إلى الموقع بقوة عبر صور الياميش والتمر وأشهى الأكلات والأدعية والتواشيح التي كانت نادرة الظهور والتي أعادها «الفيس بوك» للواجهة من جديد في رمضان.

ووافقته الرأي مروة عبد الفضيل، مصرية، حيث قالت إن الحنين للماضي كان أبرز السمات على الفيس بوك، فقد نشر المشاركون كثيرا من التواشيح والأدعية والبرامج والأغنيات القديمة وأنها شخصيا وضعت لقطات من فوازير نيللي وحلقات برامج قديمة منها «بوجي وطمطم» و«فطوطة»، مضيفة أن التأثير امتد أيضا للصور الخاصة بالحسابات الشخصية للأعضاء التي تحول معظمها إلى صور دينية أو فوانيس.

واعتبر آخرون أن «الفيس بوك» كموقع للتعارف بين الأشخاص تحول في فترة وجيزة إلى مصدر للعلاقات العاطفية بين الجنسين وهي علاقات تقل كثيرا في شهر رمضان نظرا للروحانيات التي يفرضها الشهر الفضيل على المسلمين حتى إن عددا من الفتيات رفعن صورهن المثيرة وأخريات وضعن صورا لهن بالحجاب رغم أنهن غير محجبات.

ولفتت شيماء المنسي، مصرية، إلى أن نهار رمضان بالنسبة لها ولقطاع كبير من الفتيات يضيع في إعداد الإفطار وما يليه من مشروبات وحلويات ولا يترك لهن وقتا للدخول على «الفيس بوك» الذي ينحصر الاهتمام به في فترة متأخرة من الليل نظرا لامتلاء أول الليل بالبرامج والمسلسلات.