«سويقة الرباط» لم تفقد وهجها الرمضاني على الرغم من الأزمة الاقتصادية

آلاف يتدفقون يوميا للتسوق وتزجية الوقت واكتشاف «سحر» المكان

حلويات من مختلف الأنواع في السويقة (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

يتدفق آلاف المغاربة يومياً نحو «سويقة الرباط» بالمدينة العتيقة بأحيائها وأزقتها الشهيرة «سيدي فاتح» و«القناصلة» و«سوق السباط» لشراء حاجياتهم لوجبتي الإفطار والسحور، ولم يفقد هذا السوق التقليدي الذي يعج بالناس في العصريات والأمسيات بريقه على الرغم من ارتفاع الأسعار وتداعيات الأزمة الاقتصادية، إذ ما زالت تشكل السويقة قبلة لأولئك الذين يغشونها بحثاً عن مواد غذائية طرية حاضرة باستمرار على الموائد وفي الوقت نفسه تزجية الوقت.

واللافت أن كل التوقعات التي أشارت إلى احتمال انحسار القدرة الشرائية للمستهلكين المغاربة خلال شهر رمضان بسبب تداعيات الأزمة المالية، لا يبدو لها أثر يذكر في السويقة، وبدا واضحاً أن إقبال الناس بكثافة على شراء السلع والمواد الرمضانية لا يدخل ضمن أي حسابات وتوقعات اقتصادية، وهذا ما يقوله كثيرون، إذ إن شراء مواد موائد رمضان لها الأهمية القصوى لدى الناس، ويعطي الأولوية على بقية اللوازم الأخرى خلال الشهر الفضيل، ومائدة الإفطار أو السحور تشكل جزءاً مهماً من طقوس وعادات المغاربة وبها تكتمل فرحتهم بشهر الصيام، وحول المائدة يلتقي يومياً جميع أفراد الأسرة.

وتنتعش هذه السنة سويقة الرباط بحركة البيع والشراء مثل كل سنة، لكن المواد الغذائية هي الأكثر طلبا، خاصة خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، في حين انحسر الإقبال على سلع أخرى مثل الملابس والزرابي (السجاد) والإكسسوارات التقليدية التي يقبل عليها السياح الأجانب. وعلى الرغم من إغلاق المطاعم والمقاهي لأبوابها خلال نهار رمضان، لم تتراجع حركة السياح في اكتشاف «سحر المدينة القديمة»، حيث توفر لهم في شهر رمضان أجواء مختلفة لا تتاح خلال فصول أخرى من السنة. وحدها الأجهزة الإلكترونية، خاصة التلفزيونات وأجهزة الاستقبال الرقمي، هي إلى تنافس السلع الغذائية، إذ يحرص المغاربة مثل باقي الشعوب العربية خلال شهر الصيام على تتبع العديد من المسلسلات والبرامج التي تبث عبر القنوات الفضائية.

وكما هي عادة المتسوقين خلال رمضان، ترتفع شكواهم مع ارتفاع الأسعار، لكن السويقة تحافظ على مرونة مدهشة في التعامل مع الزبائن، فهي غنية ببضاعتها تقدمها وتعرضها بأشكال مختلفة من حيث الجودة والنوع وتتفاوت الأسعار هنا وهناك، ويجد الزبون حسب قدرته الشرائية حاجته التي تناسب دخله. وتستقطب السويقة شرائح المجتمع في العاصمة الرباط بمختلف فئاته، فيأتي إليها المتسوقون من أماكن بعيدة في العاصمة المغربية، وعشق التجوال في أزقتها ودروبها، قد يكون لدى البعض ليس فقط من أجل شراء سلعها، بل هو موعد سنوي يحرص ألا يتخلفوا عنه، وأجواء نهار رمضان في السويقة القديمة لا تقل متعة عن سهرات وأجواء النزهة في شوارع المدينة العصرية.

وفي المساء وعقب الإفطار، تلبس السويقة ثوبا آخر، إذ تتراجع لهفة الصائمين على شراء سلع مائدة الإفطار، وتتعالى أصوات الباعة المتجولين لسلع أخرى، وتعود الحيوية لمقاهي المدينة التي تفتح أبوابها وتعج بروادها الساهرين، ويتحرك زبائن السوق في اتجاهات وتقاطعات المدينة المختلفة، واللافت أيضا أن زحام المدينة ليلا في رمضان لا يقل عن نهارها، ومع مشهد تتدافع جموع المتسوقين لا يبدو أن السويقة ستفقد وهجها على الرغم من أن المشهد يتكرر سنوياً.