البحرينيون يتمسكون بعاداتهم الرمضانية رغم ارتفاع درجات الحرارة

المجالس الرمضانية تملأ مدن البحرين وقراها

بحرينيون يقرأون القرآن قبل الافطار في أحد مساجد المنامة (أ.ب)
TT

حل شهر رمضان هذه السنة على أهل البحرين متزامنا مع فصل الصيف وارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة والرطوبة وساعات طويلة تفصل بين الإمساك والإفطار تمتد لأكثر من 13 ساعة.

وعلى الرغم من تلك الظروف المناخية الصعبة فإن البحرينيين يصرون على التمسك بإحياء العادات الرمضانية التي ألفوا ممارستها عن آبائهم وأجدادهم منذ أول يوم في رمضان. فتعيش البحرين في ظلها أجواء خاصة تطغى عليها الروحانيات ومشاعر الألفة والمودة وتكتسي بحلة من البهجة والفرح، وفقا لتقرير أعدته وكالة أنباء البحرين.

ومن أبرز القيم التي يحرص البحرينيون على تجسيدها في تقاليدهم وعاداتهم الرمضانية قيم المحبة والتواصل الديني والاجتماعي وبلورة صور رائعة التكافل الاجتماعي من خلال جمع التبرعات المالية عن طريق الصناديق المنتشرة في المساجد والمراكز والأسواق التجارية وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.

كما أن أبرز ما يميز رمضان في البحرين تلك المساجد وحلقات الذكر العامرة خصوصا بعد صلاة العشاء والتراويح، إذ إن الكل يحرص على تأدية الصلاة في الجوامع بما في ذلك النساء والشبيبة. وتعد المجالس رمزا من رموز الليالي الرمضانية خصوصا تلك التي اعتاد على فتحها رموز القيادة البحرينية والوجهاء والأعيان من رجالات البحرين والعوائل الميسورة، إذ إنها تكون وجهة يقصدها الأقارب والجيران والأصدقاء والزائرون للتجمع بعد صلاة التراويح والتباحث في شؤون الدين والدنيا وسرد الحكايات وتذكر الماضي، إضافة إلى مناقشة القضايا التي تشغل الشارع البحريني في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ومعظم تلك المجالس الممتدة على ضفاف مدن وقرى البحرين تتشرف بزيارات ميمونة من قبل القيادة الحكيمة لتمثل بذلك حلقة وصل لتبادل وجهات النظر والرؤى بين القيادة والشعب ولتكون بمثابة ورش عمل مصغرة تتمخض عن توصيات ونتائج من شأنها النهوض بحراك التنمية الوطنية.

وبجانب المجالس تبرز في البحرين أيضا الخيام الرمضانية التي يجتمع فيها الأقارب والأصدقاء للسمر والترفيه كما تتنافس الفنادق والمطاعم على إقامة الخيام الرمضانية التي تقدم فيها مختلف الأصناف من الأكلات الشعبية والشرقية والغربية وتشكل ملتقيات لعائلات المواطنين والمقيمين.

كما تزخر ليالي رمضان بصنوف شتى من الفعاليات والأمسيات الثقافية والتراثية والشعبية الترفيهية التي تمثل ملاذا وشاغلا لأوقات أطفال وشباب اليوم بعد أن كان شباب الأمس لا يشغلهم ويؤنس أوقاتهم سوى ممارسة الألعاب الشعبية. وبالحديث عن الأجواء الرمضانية في البحرين وسرد تفاصيلها لا يمكن أبدا إغفال الحديث عن الحراك التجاري النشط الذي تشهده الأسواق المحلية خصوصا على المنتجات الغذائية والمواد الاستهلاكية، فالبحرينيون قد دأبوا على إعداد موائد خاصة لشهر رمضان تتوسطها الأطباق الشعبية، ومن تلك الأطباق الهريس الذي يتكون من القمح واللحم المهروس والثريد المكون من الخبز العادي أو خبز الرقاق، بالإضافة إلى الحلويات التي تزين المائدة مثل المحلبية والزلابية والخبيص والساقو واللقيمات وخبز الطابي والحلويات الأخرى التي تتفنن النسوة البحرينيات في إعدادها.

وتبرز الغبقة كواحدة من المظاهر الأساسية لليالي الرمضانية، وهي عبارة عن وجبة تقدم في ساعة متأخرة في وقت ما قبل السحور، حيث يتزاور الرجال والنساء في بيوت أهاليهم وأصحابهم ويتناولون أشهى المأكولات الشعبية.

ولا تقتصر مظاهر الاحتفال بالليالي الأولى من الشهر فقط وإنما على العكس من ذلك تماما، ففي نصف الشهر تحل مناسبة القرقاعون وهي مناسبة يشترك فيها أهل الخليج وتوصف بأن الأطفال في تلك الليلة يجوبون الأحياء طلبا للحلوى والمكسرات التي توزع عليهم من قبل أصحاب البيوت ابتهاجا بقضاء نصف الشهر الفضيل في التعبد والطاعات.

وتمتد المظاهر الاحتفالية حتى آخر الشهر، ففي آخر ثلاث ليال قبيل عيد الفطر يهب الناس لتوديع شهر المغفرة والرحمة وانتظار عودته من خلال تجمعهم في مسيرات شعبية تجوب الأحياء والشوارع وهي تردد أهازيج وترنيمات تودع بها الشهر الفضيل أملا بحصد أجره وثوابه ومعاودة استقباله في الأعوام المقبلة.

وهكذا هي الأجواء الرمضانية لا تضاهيها أيام في ذاكرة أهل البحرين لما تزخر به من شعائر دينية مباركة وعادات وتقاليد شعبية متأصلة ومشاعر أخوية تلف بين جميع البحرينيين لتجعل من الشهر الكريم موسما للفرح والسلام بين أفراد المجتمع وأطيافه.