الجميع محمد بن نايف

د. عائض القرني

TT

في شهر رمضان المبارك، حيث تتنزل الرحمات وتصفد الشياطين ويسأل المسلمون ربهم العفو والعافية، أقدم ضال يريد اغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ليغتال المنهج الصحيح والرسالة الصادقة والضمير الحي، ولكن الله سلّم، ومنهج الضلال والانحراف عن كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُستغرب منه أي تصرف شنيع وعمل فظيع، فقد قتلت هذه الفئة الضالة أمير المؤمنين عليا بن أبي طالب في المسجد في صلاة الفجر بعدما فتح لهم باب الحوار وأرسل لهم ابن عباس يجادلهم بالتي هي أحسن، واليوم يأتي أحدهم إلى رجل قام بمشروع التأهيل والحوار والمناصحة وفتح باب التوبة لهم وتسهيل رجوعهم للحق إذا أرادوا، فترك هذا الضال كل أسباب التوبة والحوار ومراجعة النفس والعودة إلى جماعة المؤمنين والمجتمع المسلم ودولة التوحيد وأراد أن يسفك الدم المحرم والنفس المعصومة من إنسان نذر نفسه لخدمة الدين والوطن. وقد عرفت أنا وغيري الأمير محمد بن نايف وهو الحريص على مناصحة هذه الفئة وردها إلى الصواب وإيصال النفع المادي والمعنوي إلى من تاب وعاد منهم. والأمير محمد بن نايف لا يمثل نفسه فقط، إنه يمثل منهج الإسلام المعتدل الذي قامت عليه الدولة ويمثل الوطن الذي اجتمع أبناؤه تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وإنما قصد هذا الضال الأمير محمد؛ لأنه الذي نذر نفسه لمكافحة الإرهاب وحماية الوطن واستصلاح من أراد العودة إلى الطريق الصحيح، وهذه الفئة الضالة هي أكبر فئة شوّهت الإسلام الصحيح، فوالله لا حقا نصروا، ولا عدوا كسروا، ووالله لا أقاموا دينا، ولا أصلحوا دنيا، ولا نشروا فضيلة، ولا قمعوا رذيلة، ووالله ما هدوا ضالا، ولا أعانوا مسلما، إنما سعوا في شتات الكلمة، وزعزعة الأمن وقتل النفوس المعصومة، وسلب الأموال المحرمة، مع خروجهم عن الطاعة، وارتكابهم عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والإساءة إلى العلماء، والاستهزاء بالدعاة، والسخرية من المجتمع المسلم، وهم شاركوا ـ علموا أم لم يعلموا ـ مع أعداء الإسلام كالصهاينة وغيرهم في طعن أمة الإسلام، فهم حية الدار وثعبان المنزل، وهم الغدة السرطانية في جسم المجتمع، تركوا طلب العلم في الجامعات، وعطلوا صلاة الجماعة، وهربوا من الدروس العلمية، وفروا من مجالس الذكر، وتركوا العمل في ضوء النهار، واختاروا المؤامرة على المنهج والأمة والدولة والتربص بالمسلمين والوقيعة بالمؤمنين، واتجهوا إلى الدهاليز المظلمة، والسراديب الخفية، والكهوف الموحشة (ومن شذَّ شذَّ في النار)، كل فئات المجتمع تتعلم وتعمل وتبني وتعمر وتشارك في مشروع الحضارة والنهضة في الشريعة والطب والاقتصاد والهندسة والإدارة والسياسة وغير ذلك من حقول الإبداع والإنتاج والبناء والتعمير إلا هذه الفئة، فهي فئة تهدم ولا تبني، وتخرّب ولا تعمر، وتفسد ولا تصلح، وتُضِل ولا تهدي، لا تعرف الحوار، ولا تفهم الدليل، وليس عندها حجة، ولا تسلك المحجة، ولا تهتدي بعلم، ولا ترجع عن خطأ، ولا تستغفر من ذنب، آباؤهم يبكون منهم، وأمهاتهم يدعون عليهم، والمجتمع ينبذهم، والأمة ترفض تصرفهم، والعلماء يتبرؤون منهم، أشمتوا بنا الأعداء، وأضحكوا علينا العدو، وأفرحوا بنا الحاسد، غلوا في الدين، فخالفوا سنة سيد المرسلين، وحملوا السلاح على المؤمنين، وروّعوا الآمنين، وقتلوا الأطفال والمسنين، واستهدفوا بالاغتيال ولاة المسلمين، ليس عندهم عمل صالح للآخرة، ولا مشروع نافع للدنيا، قوّتهم في الدسيسة، وذكاؤهم في التخطيط للشر، ونشاطهم بالتربص بالمؤمنين، روّعوا الناس في البيت الحرام وفي المساجد، فكم من أمٍ أثكلوها وشيخ أبكوه وطفل أيتموه وآمن روّعوه ومجتمع خوفوه، فكان جزاؤهم مقت الأمة ونبذ المجتمع وسيف العدالة، وما وصلت بلدا إسلاميا إلا ضج علماؤه وعقلاؤه وهم يرددون (هم نكبتنا قاتلهم الله) فنعوذ بالله من تلبيس إبليس، ومن وسوسة كل خسيس، ومن الغلو والشطط والتدنيس، شاهدوا الصهاينة يحرقون غزة، ويدمرون مساجدها، ويقتلون شيوخها وأطفالها ونساءها، فما أطلقوا على العدو طلقة واحدة، إنما غزواتهم الفاشلة في مكة والمدينة والرياض والقاهرة ودمشق والرباط وغيرها من مدن الإسلام: (أسدٌ عليّ وفي الحروبِ نعامة).