كيف نعوّد أطفالنا على الصوم؟

الخبراء ينصحون بالتدريج

من الواجب تعويد أطفالنا على تلاوة القرآن الكريم في رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

«طفلي صائم».. عبارة بقدر ما تسعد الأم والأب، إلا أنها تنطوي على إحساس ما بالخوف والقلق على صحة الطفل، من ساعات الصوم الطويلة، والحرمان من الأكل والشراب. ومع عناد بعض الأطفال وإصرارهم على الصوم قد يتحول الأمر إلى مشكلة.. فكيف نعود أطفالنا على الصوم ونرغبهم فيه؟ وما هي الأخطاء التي نقترفها في محاولاتنا تلك؟ ثم هل هناك أمراض يفيد في شفائها الصوم، وأخرى يجب أن يبتعد المصاب بها عن الصيام؟ وما هي السن التي يحتمل فيها الصغير الصوم؟

وأوضح الدكتور مصطفى عبد الباسط محمد استشاري الطب النفسي أن الطفل يقلد الأب والأم والإخوة، وعندما يجدهم صائمين يحب أن يقلدهم ويصوم هو أيضا. لكن عندما يكون هناك نفاق ويجد بعضهم يظهر نفسه صائما أمام الناس وفي الحقيقة يكون فاطرا، سيتعلم عندها الطفل النفاق ويفعل مثلهم. ويؤكد الدكتور عبد الباسط على أهمية التشجيع في حياة الطفل فهو يحفزه على الصوم.

> لكن ما الذي ينفّر الطفل من الصيام؟

- إرغام الطفل على الصوم في سن صغيرة لا يحتملها، ويكون صعبا عليه، فكيف نجبر طفلا صغيرا في سن السادسة أو السابعة على الصيام يوما كاملا خصوصا مع حرارة الطقس المرتفعة، بل يجب عدم إجبارها مطلقا على الصوم فهو غير مكلف، إنما القدوة والتشجيع والتبشير برضاء الله والبدء معه بالتدريج، فإن نجح فجيد وإن لم يكن فجيد أيضا. نحن نؤثر في الأطفال من خلال تصرفاتنا أمامهم.

وبعض الأمراض يجب للطفل فيها ألا يصوم مثل ارتفاع الحرارة والتهابات اللوز ومجرى البول. والأمراض المزمنة، مثل مرض السكري، وهنا يعتمد الأطفال على الأنسولين وقد يؤدي نقص السكر في الدم إلى غيبوبة وهي خطيرة جدا، ولا أنصح هؤلاء الأطفال بالصيام، فالأكل مرتبط بجرعتي أنسولين بينهما 12 ساعة، فكيف سيضبط الطفل طعامه على ميعاد الإفطار والسحور، أيضا لا ننصح بصيام مرضى القلب، والكلى وغيرها من الأمراض المزمنة.

> وهل هناك أمراض جيد لها الصيام؟

- نعم الأطفال المصابون بحساسية الصدر، الصيام مفيد لهم فبعض أنواع الحساسية مرتبط بأطعمة معينة.

وحول كيفية تناول الطفل الإفطار والسحور، يجيب د. مصطفى قائلا: يجب مراعاة أن يتناول الأطفال الأطعمة الصحية تماما مثله مثل الكبير، لكن من المهم جدا الابتعاد عن المياه الغازية التي يقبل عليها الناس خاصة في رمضان والاستبدال بها المشروبات الطبيعية، فالمشروبات الغازية تعمل على إدرار البول وتخلص الجسم من السوائل، وبالتالي يشعر الطفل عندها بالعطش أكثر. كذلك من المهم مراقبة الطفل أثناء الصيام فإن تعرض لهبوط حاد أو دوخة حقيقية فيجب أن يفطر في الحال، مع ملاحظة أنه ليس كل الأطفال سواسية صحيا وقدرتهم على التحمل تختلف، فهناك تباين بين الأطفال حتى في نفس العمر.

> في أي سن يستطيع الطفل الصيام؟

- في المتوسط عند سن عشر سنوات، وقد يستطيع بعض الأطفال قبلها بعام أو عامين، لكن من الخطأ البدء مبكرا جدا بل بالتدريج.

تدرج الأطفال في الصيام بدافع من حسن سيرتها، والحكمة التي تتبعها، في تربيتها لأولادها الأربعة سألت إيمان محمد توفيق (40 عاما)، وتعمل محاسبة في وزارة التربية والتعليم المصرية، كيف تعودين أولادك على الصيام؟ أجابت بأنها تبدأ بالتدريج، فإن صام أحدهم حتى الظهر مثلا أشجعه وأثني عليه، وأقول له إن الله ينظر إليه ويحبه ويعد له هدية. وبعد ذلك عندما يكبر قليلا ويرغب هو في الصوم من نفسه وبالفعل ينجح في صوم أول يوم كامل ـ والذي يكون له فرحة خاصة ـ أعد له حفلا، ونأتي كلنا له بهدايا رمزية مع وعده بأن الله يحتفظ له بمكافأة، ولا أطلب منه تكرار الصيام، فالأمر مفوض له، ولم يأمرنا الله بضرب أولادنا إلا في الصلاة، وذلك عند سن العاشرة. كما أقوم بتقليد رمضاني جميل تعودت عليه كل عام، فبعد الإفطار بساعة تقريبا أقدم لهم حلوى يحبها الجميع وأسميها «حلوى الصائمين»، أقدمها أولا لمن صام منهم، ثم أتركها بعد ذلك على الطاولة ليأخذ منها من يريد بعد ذلك، لكني لا أقدمها بيدي إلا لمن صام، ولا يكون ذلك كل يوم ليكون لها فرحة، وكل مرة تكون مفاجأة للجميع لا يعرفونها إلا عند التقديم، وقد استبدل بالحلوى الألعاب أو نزهة، لكن لا بد من مكافأة للصائم.

وأضافت إيمان: من المهم جعل الجو الرمضاني مفعماً بالبهجة والفرحة خاصة عند الإفطار وعند السحور، فالجو الكئيب يربط في ذاكرتهم رمضان والصوم بالكآبة، وأنا لا أريد ذلك خاصة في ظل وفاة الأب. كما أنه من السوء أن يتم ضرب الأبناء لإجبارهم على الصوم، فقد رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق.