رفيق سبيعي: أكثر ما أتذكره تقليد«السكبة».. وتبادل الطعام بين الجيران

الفنان السوري يفتقد في رمضان عادات وتقاليد كان يعيشها أيام طفولته

الفنان السوري رفيق سبيعي
TT

ينتمي الفنان السوري المخضرم رفيق سبيعي إلى جيل الفنانين السوريين المخضرمين والرواد في إطلاق الدراما السورية، خاصة دراما البيئة الشامية والكوميديا الشامية مع الفنانيين دريد لحام والراحل نهاد قلعي من خلال أعمال عرضت في ستينات وسبعينات القرن الماضي، حيث اشتهر بشخصية عكيد الحارة وكبيرها (أبوصياح) بلباسه التقليدي الشامي. ويتذكر الفنان سبيعي كيف كان يعيش شهر رمضان المبارك في حارته الدمشقية التقليدية قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، «كلما يحل شهر رمضان أعود لطفولتي وأتذكر العادات التي يفرضها الشهر الفضيل التي ـ وللأسف ـ تلاشت حالياً فبدلاً من أن نتناول الإفطار ونحن مجتمعين في بيت العائلة والأم تطبخ وتحاول أن تقدم أفضل ما لديها من فنون الطبخ وتقديم السفرة العامرة حتى تفطر العائلة على سفرة واحدة، لقد افتقدنا هذا الشيء حاليا وصارت طقوس رمضان الاجتماعية بعيدة جداً عما عشناه في طفولتنا، وصارت المرأة باتصال هاتفي تطلب الطعام الذي تريده، ويصل إلى البيت أو تخرج العائلة للسهر في المطاعم والمسماة الخيم الرمضانية على الإفطار والسحور، وكل الطقوس الاحتفالية التي تتضمنها السهرة تبتعد عن الأصالة التي كنا نعيشها في الشهر الفضيل.

وحول ما كان يثير اهتمامه وهو صغير في منزل أسرته في حارة مجاورة للمسجد الأموي بدمشق القديمة، قال سبيعي، أجمل شيء كان اجتماع الأسرة على سفرة واحدة، وهذا الشيء كان خاصاً بالشهر الفضيل، لأنه في غير شهر رمضان كان معظم أفراد عائلتي يتناولون الطعام بأوقات مختلفة، حسب دوام وعمل كل واحد منا، بينما في رمضان نجتمع جميعنا على السفرة في وقت واحد، وافتقدنا أيضاً الود الذي كان سائداً في حارتنا القديمة، حيث كان أهل الحارة ينتظرون قدوم الشهر الفضيل ليتصالحوا مع بعض، ويسامحوا بعضهم، وليتقربوا من بعضهم كون رمضان شهر الخير والبركة والتسامح. لقد عشت تقاليد رمضان الأصيلة وكبرنا على هذه التقاليد، وأتذكر منها بشكل خاص ما يطلق عليه من قبل نساء الحارة تقليد «السكبة»، حيث تقوم كل امرأة في الحارة بطبخ ألذ المأكولات لأسرتها على الإفطار، وترسل بصحن منها لجيرانها حتى يشاركونها ما تطبخه، وكذلك تفعل النساء الأخريات في الحارة فيتبادلن كل يوم الطعام بطقس حميمي وودي، ويعتبرن ذلك التقليد الذي افتقدناه حالياً ضرورة للتقارب والتراحم ما بين الجيران، لذلك كانت موائد الإفطار عامرة بأصناف مختلفة من الطعام وملونة بأطايب الأكلات الشامية وغيرها الذي هو من تحضير معظم نساء حارتنا. لكن في الوقت الحاضر تغيرت هذه العادات والتقاليد وهذه ضريبة العولمة وتباعد الناس عن بعضها البعض، حيث تجد في البناء الواحد أسر كثيرة لا تعرف بعضها. لقد اخترعت الأجيال الجديدة طقسا جديدا لشهر رمضان، وهو السهر في المطاعم العامة، بحيث يفطرون بمطعم ويتسحرون في مطعم آخر حتى أن بعض القنوات الفضائية صارت تعلن لمشاهديها أنهم يمكن مشاهدة مسلسل ما على هذه الفضائية في المطعم الفلاني، أي يقدمون دعايات للمطاعم بمناسبة شهر رمضان.

وأضاف الفنان سبيعي، إن أكثر ما يحبذ تناوله في الشهر الفضيل ومنذ طفولته على الإفطار هي «فتة المكدوس» وهي أكلة فاخرة ليست معروفة إلاّ بدمشق، لكن فيها دسماً عالياً!. وعن المحطات التي لا ينساها في الشهر الفضيل في السنوات السابقة، يقول سبيعي، بحكم عملنا الفني كنا أحياناً نضطر لإكمال تصوير مسلسل ما أن نبقى معظم أيام رمضان في مواقع التصوير بعيدين عن أسرتنا، ومن الأمور التي أتذكرها هنا كيف غبت عن أسرتي كل شهر رمضان، حيث قضيته في دولة قطر، وكنت أقدم برنامجا منوعا «حزازير» في التلفزيون القطري، ورغم بعدي عن دمشق وعائلتي إلاّ أنني كنت سعيداً أنني أحاول تقديم شيء جميل للناس في شهر رمضان. وما يشاهده من مسلسلات في شهر رمضان على الفضائيات قال سبيعي، أحاول أن أشاهد مقاطع من كل عمل يعرض على الفضائيات، حتى أتمكن من مشاهدة معظم الأعمال التي صورت لتعرض في شهر رمضان، لكن بعد انتهاء الشهر أعود وأقيم هذه الأعمال وأشاهد كل التي تنال إعجابي.