إحياء شعائر الإسلام

د. عائض القرني

TT

الإسلام دين الحياة في كل معنى من معانيها لا يغادر حقلا إلا وله حضوره؛ لأنه منهج حياة، فهو عقيدة وعبادة وخلق وسلوك، ومن حق المسلمين إظهار شعائر الدين وإبرازها لإقامة هيبة الأمة وتميزها بإسلامها وسلامتها من مشابهة المجتمعات الرافضة للإسلام، فلا بد من أن تكون الصلوات الخمس ظاهرة في المساجد بالأذان العلني المرفوع على منابر المسلمين وحضور صلاة الجماعة والجمعة والأعياد ونحوها، وأن تبنى المساجد وتشيد في أجمل المواقع من كل حي وقرية ومدينة، ويظهر الزي الإسلامي على الرجال والنساء، ويعلم الطفل شعائر وآداب الإسلام وتنشر تعاليم هذا الدين العظيم في الاجتماعات والنوادي والدوائر الحكومية والمدارس والجامعات، ويمنع تشبه أحد الجنسين بالآخر والتشبه بغير المسلمين والاستهزاء بشيء مما جاءت به الشريعة، ويكون هدى الإسلام السائد والمقبول شعائر وآثارا، سّرا أو جهارا، ليلا ونهارا.

فيبدأ بالبسملة في الخطب والدروس والمؤتمرات، وإذا ذُكر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ صُلّي عليه وسُلّم، ويوقر الصحابة ويحترم القرآن والسنّة. ويعرف لأهل العلم والفضل والسن مكانتهم، وينزلون المنزلة اللائقة بهم، ولا يرفع أي شعار يعادي الإسلام كالصليب أو استخدام الناقوس أو أي شيء مما امتاز به اليهود والنصارى أو غيرهم من الأئمة وفيه مخالفة لهدى الإسلام، ويحافظ على هوية المسلم في معتقده وعبادته وخلقه وسلوكه ومظهره ومخبره، وتلغى أي مادة تهون من شأن الإسلام أو تعظم من شأن غير المسلمين بما يفهم منه هضم حق المسلمين.

ولا تقدم أي لغة على اللغة العربية؛ لأنها لغة القرآن والسنّة ووعاء الهوية الإسلامية، وأي لغة تتعلم فهي تابعة للغة العربية وبعدها.

ومن صور طمس الشخصية الإسلامية ما يأتي:

1- إهمال اللغة العربية والاهتمام بغيرها من اللغات حتى ظهر عند المسلمين جيل يجيد الإنجليزية والفرنسية وغيرهما من اللغات غاية الإجادة ولا يستطيع التحدث باللغة العربية الفصيحة، وهذا جور ومسخ وتشويه لهويتنا الثقافية.

2- التشبه في اللباس بغير المسلمين والإعجاب بذلك والتفاخر به كالقصات والموضات والربطات وطريقة المشي والحديث والجلوس، وهذا دليل على الهزيمة النفسية، وذوبان الشخصية، وضياع الهوية.

3- هجر سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم والجهل بها والتنكر لها، كالأكل عند البعض بالشمال وترك التسمية وتقديم اليسرى قبل اليمنى في الأعمال الفاضلة وحلق اللحى والإسبال والتأنث عند الرجال والميوعة في الشباب والجلوس على موائد الخمر، والإعراض عن سماع القرآن واستبدال سماع الموسيقى به، واختلاط الرجال بالنساء وترك الحجاب وإسقاط الحشمة والتحلل في الأخلاق والتبذل والإسفاف.

4- إهمال العلم الشرعي والتهوين من شأنه، وإشعار الناس بأنه ثانوي قديم من التراث البائد واستبدال علوم دنيوية أخرى به تحل محله وتأخذ مكانه، ولا أعني عدم الاستفادة من المعارف والعلوم النافعة كالطب والهندسة وعلم الفلك ونحوها، فهذا غير مراد.

5- التقليل من شأن دروس القرآن والسنّة وحصصها ومحاضراتها واستبدال دروس الأدب والفن والرياضة بها، وهذا من العوج وسوء التدبر وقلة التوفيق.

6- ومن أعظم المصائب التي حلت ببعض الدول الإسلامية إقصاء الشريعة عند الحكم واستبدال قوانين أرضية ودساتير من حكم البشر بها، وهذا غاية الخذلان ونهاية الإعراض وقمة الإفلاس، قال تعالى: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْما لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ».