شهر القرآن (4) «يَا أَيُّهَا النَّبِي حَسْبُكَ اللَّهُ»

د. عائض القرني

TT

حسبك الله يكفيك من كل ما أهمك، فيحفظك في الأزمات، ويرعاك في الملمات، ويحميك في المدلهمات، فلا تخش ولا تخف ولا تحزن ولا تقلق. فمن تخاف ونحن معك؟ ومن تخشى ولدينا نصرك؟ ومن ترهب وعندنا عزك؟ فيكفيك أن حسبك الله.

حسبك الله فهو ناصرك على كل عدو، ومظهرك على كل خصم، ومؤيدك في كل أمر، يعطيك إذا سألت، ويغفر لك إذا استغفرت، ويزيدك إذا شكرت، ويذكرك إذا ذكرت، وينصرك إذا حاربت، ويوفقك إذا حكمت.

حسبك الله فيمنحك العز بلا عشيرة، والغنى بلا مال، والحفظ بلا حرس، فأنت المظفر لأن الله حسبك، وأنت المنصور لأن الله حسبك، وأنت الموفق لأن الله حسبك، فلا تخف من عين حاسد ولا من كيد كائد، ولا من مكر ماكر، ولا من خبث كافر، ولا من حيلة فاجر؛ لأن الله حسبك.

إذا سمعت صولة الباطل، ودعاية الشر، وجلبة الخصوم، ووعيد اليهود، وتربص المنافقين، وشماتة الحاسدين، فاثبت؛ لأن حسبك الله.

إذا ولى الزمان، وجفا الإخوان، وأعرض القريب، وشمت العدو، وضعفت النفس، وأبطأ الفرج، فاثبت؛ لأن حسبك الله.

إذا داهمتك المصائب، ونازلتك الخطوب، وحفت بك المكاره، وأحاطت بك الكوارث، فاثبت؛ لأن حسبك الله، لا تلتفت إلى أحد من الناس، ولا تدع أحدا من البشر، ولا تتجه لكائن من كان غير الله؛ لأن حسبك الله.

إذا ألم بك مرض، وأرهقك دين، وحل بك فقر، أو عرضت لك حاجة فلا تحزن؛ لأن حسبك الله.

إذا أبطأ النصر، وتأخر الفتح، واشتد الكرب، وثقل الحمل، وادلهم الخطب فلا تحزن؛ لأن حسبك الله، أنت محفوظ لأنك بأعيننا، وأنت عبدنا المجتبى ونبينا المصطفى.

حسبك الله يا محمد، فهو الذي شرح لك صدرك، ووضع عنك وزرك، ورفع ذكرك، وأصلح أمرك، وأعلى قدرك، أغناك من الفقر، وهداك من الضلالة، أمنك من الخوف، أعزك بعد الذلة، أيدك بعد الضعف.

حسبك الله يا محمد، فهو الذي حفظك في الغار، ونصرك في بدر، وثبتك في أحد، وفتح لك مكة، وأعزك في كل موطن، وأعانك في كل موقف.