شهر القرآن (9) «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»

د. عائض القرني

TT

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فلا تشرك معه في عبوديته أحدا، ولا تدعُ من دونه إلها، بل تصرف له عبادتك، وتخلص له طاعتك، وتوحد قصدك له ومسألتك ودعاءك. فإذا سألت فاسأل الله. وإذا استعنت فاستعن بالله، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يكشف الضر غيره، ولا يجيب دعوة المضطر سواه.

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» هو أحق من شكر، وأعظم من ذكر، وأرأف من ملك، وأجود من أعطى، وأحلم من قدر، وأقوى من أخذ، وأجل من قُصد، وأكرم من ابتُغي، فلا إله يدعى سواه، ولا رب يطاع غيره، فالواجب أن يعبد وأن يوحد وأن يخاف وأن يطاع وأن يرهب وأن يخشى وأن يحب.

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» المتفرد بالجمال والكمال والجلال، خلق الخلق ليعبدوه، وأوجد الإنس والجن ليوحدوه، وأنشأ البرية ليطيعوه، فمن أطاعه فاز برضوانه، ومن أحبه نال قربه، ومن خافه أمن عذابه، ومن عظمه أكرمه، ومن عصاه أدبه، ومن حاربه خذله، يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويذل من كفر، له الحكم وإليه ترجعون.

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فأخلص له العبادة؛ لأنه لا يقبل الشرك، وفوض إليه الأمر؛ لأنه الكافي القوي، واسأله فهو الغني، وخف عذابه لأنه شديد، واحذر أخذه لأنه أليم، ولا تتعدَّ حدوده لأنه يغار، ولا تحارب أولياءه لأنه ينتقم، واستغفره فهو واسع المغفرة، واطمع في فضله لأنه كريم، ولذ بجنابه فهناك الأمن، وأدم ذكره لتنال محبته، والزم شكره لتحظى بالمزيد، وعظم شعائره لتفوز بولايته. وحارب أعداءه ليخلصك بنصره.

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» بلغ الرسالة كاملة ولا تخف أحدا، وكيف تخاف من أحد ونحن معك نحفظك ونمنعك ونحميك ونذب عنك، لن يقتلك أحد لأن الله يعصمك من الناس، ولن يطفئ نورك أحد لأن الله يعصمك من الناس، ولن يعطل مسيرتك بشر لأن الله يعصمك من الناس، وقل كلمتك صريحة شجاعة قوية، لأن الله يعصمك من الناس، اشرح دعوتك، وابسط رسالتك، وارفع صوتك، وأعلن منهجك، وما عليك؛ لأن الله يعصمك من الناس.

«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» كل قوة في الأرض لن تستطيع الوصول إليك، كل جبروت في الدنيا لا يهزمك، كل طاغية في المعمورة لن يقهرك، لأن الله يعصمك من الناس. «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».