مليونا مسلم في إسبانيا يعيشون أجواءهم الرمضانية الخاصة

تخفيف ساعات العمل اليومية لمساعدة الصائمين على صومهم

TT

بدأ شهر رمضان الكريم، ولبس معه أكثر من مليوني مسلم مقيم في إسبانيا حلة جديدة، حلة التسامح والسلام، وحلة المحبة والتقارب، وحلة التعاون والتضامن، وحلة الانعزال والصفاء، وحلة الراحة الجسدية والنفسية. وبدأ شهر الصوم المبارك، وتكدست معه صناديق التمر والحلوى، وراء واجهات المتاجر المخصصة لبيع المنتجات العربية والمسلمة، وتردد المسلمون لاختيارها، علها تساعدهم على تحمل النهار تحت وطأة حرارة تتجاوز الأربعين درجة مئوية في مدريد.

وبما أن شهر رمضان المبارك يأتي هذه السنة خلال وطأة الحر الشديد، التي تعصف بإسبانيا، فقد توصل مركز المعلومات الخاص بالعمال الأجانب والتابع للنقابة العمالية «اللجان الشعبية» إلى اتفاق مع المزارعين الكبار لتخفيف ساعات العمل اليومية، كي يتمكن العمال المسلمون من ممارسة واجباتهم الدينية بطريقة مريحة.

وتقول لاورا رودريغيث، رئيسة اتحاد النساء المسلمات في إسبانيا، إن الصوم خلال رمضان الكريم يساعد المسلمين، الذين يصل عددهم في مدريد إلى نحو مائتين وأربعين ألف شخص، أي 3 في المائة، من السكان، على «التحكم بالذات»، ويعتبر نوعا من «التحدي الشخصي». وتضيف رودريغيث أن الشهر المبارك «يحمل المرء لحالة شديدة تساعده على تنقية الجسد والروح معا»، وتؤكد أن هذه المناسبة المباركة تكتسب أهمية وصعوبة إضافيتين، لأن الجهد الذي يبذله المسلم في المجتمعات غير الإسلامية أكبر بكثير منه في المجتمعات الإسلامية، حيث يلتزم الجميع بالواجبات التي يفرضها الدين الإسلامي في هذا الشهر الكريم.

ولم تقتصر الحلة الجديدة على الأفراد فقط، بل وصلت إلى الأحياء أيضا. فنجد مثلا حي «تطوان» و«استريتشو»، في وسط مدريد، اللذين اختارتمها الجاليات المغاربية لإقامتهم وعملهم، تنبع فيهما الحياة بصورة استثنائية خلال شهر الصوم المبارك، كما نجد طوابير المصلين متجهة إلى المساجد لأداء الصلاة. ثم حي «لابابييس» الذي تتجمع فيه الجاليات الباكستانية والبنغلاديشية والسورية، كما يصبح خلال رمضان الكريم مكانا يقصده المحليون للتعرف عن كثب على العادات والتقاليد الإسلامية، التي تظهر جليا في الشوارع والمتاجر.

ومع أن هذه الأحياء تضم عددا كبيرا من المسلمين المقيمين في مدريد، وعددا غير قليل من المساجد الصغيرة المخصصة للصلاة، فإن هناك الكثير من العائلات المسلمة التي تقيم في أماكن أخرى من العاصمة الإسبانية، التي تختار المركز الثقافي الإسلامي في مدريد ومسجده المعروف باسم «مسجد M – 30» لأداء فريضة الصلاة. ويعتبر هذا المسجد الأكبر في إسبانيا على الإطلاق، ويتبعه مباشرة في الحجم والأهمية مسجد أبو بكر الموجود في غرناطة. ويتكاثر عدد المصلين في هذه المساجد إلى الحد الذي يضطر فيه البعض للصلاة في الشارع. ويقول أحد المسؤولين عن هذه المساجد إن رمضان الكريم يرتكز على توجيه رسالة سلام إلى العالم المعاصر، حول أهمية الماء والغذاء، ويعلمنا دروسا قيمة حول القيم الإنسانية، ويحاول إبعادنا عن الحروب الكثيرة التي تعصف بنا ويقربنا من الازدهار والاستقرار، ويدعونا للبحث عن طريق السلام.