الشيخ محمد حمودة: مسلمو الدنمارك يصومون 20 ساعة ويتمسكون بأجواء رمضان

مبعوث الأزهر إلى الدنمارك لإحياء شهر الصوم

الشيخ محمد محمود حمودة («الشرق الأوسط»)
TT

الشيخ محمد محمود حمودة هو موجه عام القرآن الكريم في الأزهر، ومبعوثه إلى الدنمارك لإحياء شهر رمضان، يشير خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المسلمين في الدنمارك يحافظون على أجواء رمضان ويحيون لياليه بالذكر والصلاة وقراءة القرآن، وأن عدد ساعات الصيام هناك تصل في اليوم إلى عشرين ساعة. ورغم ذلك يواظب المسلمون على أداء صلاة التراويح والتهجد وقراءة القرآن الكريم في مواعيدها فيصلون التراويح عشرين ركعة ويفضلون تناول الأكلات العربية في وجبتي الإفطار والسحور، وفي الحوار التالي نتعرف منه أكثر على أجواء رمضان في الدنمارك.

* هل هذه هي المرة الأولى التي تكلف فيها القيام بواجب الدعوة الإسلامية خلال شهر رمضان في الدنمارك؟

- ليست هذه أول مرة أذهب فيها إلى الدنمارك، فقد طفت في معظم أنحاء الدنمارك خلال السنوات الماضية، وكذلك ذهبت إلى ألمانيا والسويد وفرنسا والمجر وكثير من الدول الأفريقية.

* ما هي أهم مظاهر رمضان في الدنمارك؟

- مظاهر رمضان في الدنمارك والغرب عموما تكون داخل المساجد فقط، أما من ناحية الطقوس يفضل المسلمون تناول الأكلات العربية في وجبتي الإفطار والسحور خاصة المصرية والسورية واللبنانية، وكذلك المشروبات الشائعة التقليدية مما يضفي على أجواء رمضان بالدنمارك أجواء تقليدية تثبت أن المسلمين في الدنمارك مازالوا مرتبطين بالوطن الإسلامي الكبير والبلدان العربية والإسلامية التي جاءوا منها.

* كيف يحيي المسلمون في الدنمارك أيام شهر رمضان؟

- من خلال معايشتي للمسلمين في الدنمارك خلال شهر رمضان لمست فيهم اعتزازهم بدينهم وحبهم لإسلامهم وأنهم يحرصون أشد الحرص على التمسك بصيام شهر رمضان، خاصة أن يوم الصيام في الدنمارك يصل إلى عشرين ساعة، وهم يحرصون أيضا على صلاة التراويح والتهجد وقراءة القرآن الكريم فيصلون التراويح عشرين ركعة، كما أنني لم أجد خلافا في العادات والتقاليد الإسلامية أثناء شهر رمضان على الرغم من أن أبناء الجالية المسلمة في الدنمارك قد جاءوا من بلدان عربية وإسلامية مختلفة في العادات والتقاليد، فنجدهم حريصين على إقامة موائد الإفطار يدعون إليها غير المسلمين من أبناء المجتمع الدنماركي تعبيرا عن روح المشاركة والانتماء والتعاون التي يتسم بها المسلمون خلال هذا الشهر الكريم أكثر من أي شهر آخر، وسعيا نحو تعزيز معرفة الآخرين بالقيم والعادات الإسلامية وتصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام والمسلمين.

* لكن ما الشيء الذي لفت نظرك خلال هذه الرحلات وتريد التعليق عليه؟

- أنه يوجد تقصير من بعض المسلمين في خدمة دينهم، بل وفهمه فهما صحيحا، وتحضرني عبارة قالها الشيخ محمد عبده عندما ذهب في رحلة إلى أحد البلدان الغربية ورجع منها هي «وجدت في الغرب مسلمين بغير إسلام»، فلقد لمست مدى تقصير العالم الإسلامي في القيام بمهمة الدعوة إلى الإسلام نتيجة للأمية الدينية المتفشية في البلدان الإسلامية.

* وماذا عن دور الأزهر؟

- الأزهر يقوم بواجبه على خير وجه سواء من ناحية الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والتشدد وإرسال دعاته للخارج، كذلك فالأزهر يستقبل الدارسين من أبناء العالم الإسلامي لدراسة العلوم الشرعية من مختلف دول العالم ويتكفل بالإنفاق عليهم منذ أن يلتحق الطالب بالدراسة حتى لحظة تخرجه.

* ما أهم المشكلات التي تواجه المسلمين في الدنمارك؟

- هي في مجملها مشكلات تتعلق بحياة المسلمين الدينية وممارسة شعائرهم الدينية في وسط مجتمع يعيش عادات وتقاليد مختلفة عن عادات وتقاليد المسلمين الدينية.

* هل معنى هذا أن المسلمين في الدنمارك يعانون من قيود في ممارسة شعائرهم الدينية؟

- لا، فالحرية الدينية متاحة للمسلمين وإلا ما كان سمح لي بالوجود للقيام بالدعوة الإسلامية هناك، إنما الأمر كله يتعلق بقضية العادات والتقاليد السائدة في الدنمارك وهو بلد أوروبي وله عاداته وتقاليده وقوانينه وبالطبع فإن المسلمين يحترمون هذه العادات والقوانين لهذا المجتمع، لكن نمط الحياة الدينية بالنسبة لهم مختلف، وبالتالي فإن هذه الظروف تؤثر على الحياة الاجتماعية بالنسبة للمسلمين، فمثلا نجد أن أغلب الأسئلة التي كانت توجه لي وتتطلب فتاوى تعبر عن هذه المشكلات فغالبا ما يسأل المسلمون عن مشكلات الزواج بغير المسلمات وكذلك زواج المسلمات بغير المسلمين وطبيعة عقود الزواج والطلاق والأكل الحلال.

* لكن ما هو انطباع الشعب الدنماركي عن الإسلام خاصة بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم؟

- الشعب الدنماركي مثل أي شعب وهو شعب طيب ويتقبل ما يسمعه، فثقافتهم عن الإسلام تكاد تكون معدومة وهم ضحية للإعلام المغرض الذي يسعى دائما إلى نشر ثقافة خاطئة من أجل خدمة أهداف معينة، لذا فلا سبيل أمام المسلمين إلا الحوار من أجل التواصل وبناء جسور الثقة وفهم ثقافة الآخر وفكره، بجانب أخذ المنظمات والهيئات الإسلامية المعنية في عالمنا الإسلامي على عاتقها وضع خطة إعلامية فاعلة لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة عن الإسلام لدى الغرب، فلا بد من وجود قنوات فضائية تبث الحقائق الإسلامية وتخترق كل الحواجز لتصل إلى البيت الغربي والمؤسسات الغربية، وليكن تركيزها على القاعدة العريضة في المجتمع وليس على الأشخاص أو الجهات التي تعلن كراهيتها للإسلام والمسلمين، وعلى القنوات الفضائية العاملة في البلاد الإسلامية، خاصة الإسلامية، أن تكف عن إثارة الخلافات بين العلماء عن طريق الفتاوى المتضاربة التي تظهر بما يوحي أن المسلمين منقسمون على أنفسهم حتى في العقيدة، وهذا أمر خطير عندما يراه ويشاهده غير المسلمين فترسخ في نفوسهم وعقولهم الصورة الخاطئة عن الإسلام والمسلمين.