مسلمو البرازيل يستغلون شهر رمضان في نشر الوعي برسالة الإسلام

«أنا أعرف الإنجيل فهل تعرف القرآن».. شعار جذب 4 برازيليين لنطق الشهادة

جانب من نشاط الجالية الإسلامية بالبرازيل في معرض الكتاب الدولي في مدينة ساو باولو («الشرق الأوسط»)
TT

في البرازيل ذلك البلد ذي الديانة الكاثوليكية يبلغ عدد المسلمين نحو 1.5 مليون مسلم، تحظى مدينة ساو باولو بالعدد الأكبر منهم، وفي شهر رمضان يلتف المسلمون على روح واحدة تبرز في الارتباط الوثيق بالمساجد وصلاة العشاء والتراويح وقيام الليل التي تعد أهم مظاهر الشهر الكريم التي تدعم التآخي بين المسلمين في البرازيل.

ويشهد الشهر الكريم ترابطا متميزا بين الأسر المسلمة، حيث تزداد الزيارات العائلية والعزومات المتبادلة التي يجتمع خلالها الكثير من المسلمين مما يجعلها بمثابة فرصة طيبة للتواصل والتلاقي، ويستقبل المسلمون شهر رمضان بالفرح والبشر، ومع أول أيام الصيام تتبادل الأسر التهاني عن طريق الاتصال الهاتفي واللقاءات في المساجد، ويستغلونه في نشر الوعي برسالة الإسلام.

أما فيما يخص الأجواء الرمضانية بين الجالية المسلمة، تحرص بعض الأسر على تزيين البيوت خلال هذا الشهر الكريم، كما تتزين غالبية المساجد بالأنوار المختلفة وبكلمات من القرآن أو السنة أو بعض الشعارات الإسلامية التي تعين على أداء فريضة الصيام والتزود من خيرات وفضائل شهر رمضان، ولا يعرف المسلمون في البرازيل الأجواء العامة المعتادة لشهر رمضان في البلدان الإسلامية، مثل الخيام الرمضانية فهي غير موجودة، وقد حاول بعض الشباب إقامتها سابقا، ولكن لوحظ أنها ستتحول لقضاء الوقت في تدخين النارجيلة والعزوف عن صلاة التراويح، ومن ثم تم إلغاؤها من قبل بعض العلماء.

المائدة الرمضانية تشهد عددا من المأكولات، وبما أن غالبية الجالية من أصول لبنانية فكان للمطبخ اللبناني حضوره القوي ممثلا في طبق «الشوربة» الذي يبدأ به الصائم طعامه، ثم طبق «الفتوش» وكثير من السلطات والفتة والأطباق الأساسية من اللحوم والدجاج التي تقدم بالطريقة اللبنانية. أما السحور فهو غالبا وجبات خفيفة وتعتمد على الأجبان والعصائر والمناقيش في بعض الأحيان.

ويحرص المسلمون في البرازيل على صلاة التراويح خلال هذا الشهر المبارك، حيث يوجد إقبال كبير جدا عليها، وخصوصا في العشر الأواخر من رمضان، ويزداد العدد ليلة السابع والعشرين حيث تمتلئ المساجد والكثير من المؤسسات الإسلامية تحرص على تقديم وجبة سحور مجانية لمن يشارك في إحياء هذه الليلة المباركة وتكون فرصة للقاء الأسر المسلمة.

أما عن أهم الجهود التي تقوم بها المؤسسات الدينية في البرازيل خلال شهر رمضان، فيوضح الشيخ خالد تقي الدين، الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل لـ«الشرق الأوسط» أن المؤسسات الدينية تحرص على أن تقدم الكثير من الخدمات للمسلمين من خلال نشر الوعي بأهمية هذا الشهر وإصدار التقويمات وإقامة الإفطارات الجماعية وتوزيع الطعام على الأسر المحتاجة وتوزيع الزكوات وإقامة الاحتفالات بالمناسبات المختلفة خلال الشهر، وإقامة المسابقات الدينية ورصد جوائز تحفيزية لها، بما يجعل من شهر رمضان فرصة للعبادة في مجتمع تسوده الروح المادية، كما تقوم المؤسسات بالاستفادة من رمضان لإطلاق الكثير من المشاريع خلال هذا الشهر، وهذه المشاريع تحتاج للدعم المناسب مثل المساجد وتطوير دورها ولذلك يكون رمضان فرصة طيبة لجمع الزكوات.

ويشير الشيخ تقي الدين إلى الدور الفعال للدعاة المبعوثين إلى البرازيل في شهر رمضان، مبينا أن وزارة الأوقاف المصرية تحرص سنويا على إرسال قراء القرآن وبعض الوعاظ، وقد وصل للبرازيل هذا العام 11 مقرئا وواعظا وهم بلا شك يقومون بدور طيب في الإمامة لصلاة التراويح وقراءة القرآن بصوت ندي، وهذا من الأسباب التي تكون سببا في مشاركة الكثير من أبناء الجالية لسماع القرآن ودروس الوعظ.

أما عن المجتمع البرازيلي وكيفية تعامله مع الصيام، فيقول الشيخ تقي الدين: «هناك احترام من قبل الفئات التي تعرف هذا الشهر الكريم من الشعب البرازيلي، وتحرص وسائل الإعلام المختلفة على إبراز أهمية هذا الشهر، وقد أجرى تلفزيون (غازيتا)، من أكبر الشبكات الإعلامية، لقاء معي مؤخرا حول أهمية هذا الشهر الكريم، كما يشارك بعض القادة السياسيين والدينيين المسلمين خلال موائد الإفطار ويتوجهون لهم بالتهاني، وقد شارك عمدة مدينة غواروليوس المسلمين في الإفطار الجماعي الذي أقيم الأسبوع الأول من شهر رمضان بمشاركة بعض القادة السياسيين».

كما يقوم الاتحاد الوطني للمؤسسات الإسلامية بمشاركة جميع مؤسسات مدينة ساو باولو بعمل مخيم داخل الأحياء الفقيرة، وهذا المخيم الذي يمتد خلال اليوم يقدم الخدمات الطبية والتعليمية والترفيهية لأبناء الشعب البرازيلي وهي من وسائل الدعوة العملية، ويقوم على هذا العمل مجموعة من أبناء الجالية المسلمة، ويقدم الخدمات لنحو 10 آلاف برازيلي خلال اليوم، وهذا العمل يقوم خلال نهاية الأسبوع يوم الأحد.

ويتوافق شهر رمضان هذا العام مع فعاليات معرض الكتاب الدولي في مدينة ساو باولو، وهو ما دعا اتحاد المؤسسات الإسلامية بالبرازيل إلى المشاركة فيه بهدف نشر الوعي برسالة الإسلام، عن طبيعة المشاركة، يقول الشيخ تقي الدين: «هذا المعرض يزوره مليون شخص خلال 10 أيام، وهو الأول على جميع دول أميركا اللاتينية والثالث على مستوى العالم، وهو ما شجعنا للمشاركة بهدف التعريف برسالة الإسلام، ولقد لفتت المشاركة انتباه الزائرين وعلى رأسهم غولدمان حاكم مدينة ساو باولو وغيلبيرتو كساب عمدة المدينة، حيث تم في المعرض توزيع الكتاب الإسلامي المترجم للغة البرتغالية مجانا لزيادة التعريف بالإسلام للشعب البرازيلي، إضافة إلى بعض الكتب باللغات الإنجليزية والإسبانية والألمانية، كما ضم جناح الاتحاد بعض اللوحات التي تتحدث عن عيسى ومريم عليهما السلام، إضافة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولوحة تتضمن بعض الكلمات الموجودة في اللغة البرتغالية، وهي ذات أصول عربية، ولوحة تعريف بالقرآن الكريم. كما تم توزيع هدايا للإعلاميين المشاركين في تغطية المعرض فيها كتب تعريف بالإسلام، واحتوى جناح الاتحاد على قمصان كتب عليها «أنا مثل كل المسلمين أحب عيسى عليه السلام»، وتم إهداء مساطر ورقية كتب عليها (أنا أعرف عيسى عليه السلام فهل تعرف محمد، وأنا أعرف الإنجيل فهل تعرف القرآن؟)، ولقد كان لهذه المشاركة أثر كبير، حيث توافدت جموع غفيرة من الزائرين للتعرف عن قرب على نور الإسلام وهو ما توج بأن أشهر أربعة برازيليين إسلامهم».