نحو تفسير أسهل (3)

د. عائض القرني

مسجد ستراسبورغ الكبير يستقبل المصلين طوال شهر رمضان المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

لكن يبدلون من البرد والشراب ماء حارا يغلي يقطع الأمعاء، وسائلا قيحا مؤذيا من أجسام المعذبين يتجرعونه.

((جَزَاءً وِفَاقًا)) [النبأ:26].

هذا الجزاء يقابل أفعالهم القبيحة، ويكافئ أعمالهم السيئة، فهم يستحقون هذا الجزاء، وهم أهل لهذا البلاء.

((إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا)) [النبأ:27].

لأن هؤلاء الكفار كانوا يكذبون بيوم الحساب، ولا ينتظرون القيامة، ولا يؤمنون بها ولا يتوقعون البعث.

((وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا)) [النبأ:28].

وجحدوا بآيات الله المنزلة على رسوله، وكذبوا بما أوحاه الله لنبيه وردوه وأعرضوا عنه، فكان جزاؤهم هذا اللون من العذاب.

((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا)) [النبأ:29].

وكل شيء من الأفعال والأعمال كتبناه في كتاب الحسنات والسيئات، فهو محفوظ مضبوط بلا زيادة ولا نقص ليوم الحساب.

((فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا)) [النبأ:30].

فذوقوا جزاء تكذيبكم وكفركم بربكم، فلن تجدوا إلا زيادة في العذاب، وشدة في العقاب، لا ترحمون ولا تخرجون.

((إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا)) [النبأ:31].

إن للمتقين عند ربهم بالعمل بما أمر واجتناب ما نهى عنه، فلاحا في الآخرة ونجاة من النار، وفوزا بالجنة.

((حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا)) [النبأ:32].

لهم حدائق غناء فيها مزارع العنب دانية على الغصون، وإنما ذكر العنب لكثرة منافعه وجودة طعمه.

((وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا)) [النبأ:33].

ولهم في الجنات زوجات من الحوريات عذارى جميلات، فائقة الحسن، مطهرات من كل عيب، حسنات الأخلاق، في حرمة واحتشام.

((وَكَأْسًا دِهَاقًا)) [النبأ:34].

ولهم آنية الخمر المترعة المليئة التي لا تسكر ولا تصدع، ولا يهذي صاحبها ولا يغيب عقله مع تمام اللذة ونهاية السرور.

((لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا)) [النبأ:35].

لا يسمعون في الجنة كلاما لا فائدة فيه، ولا باطلا من الحديث، بل سلام وحسن كلام وجمال، ومجالس أنس، وسمو وحلاوة منطق.

((جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا)) [النبأ:36].

هذا الجزاء من الله ربهم على حسن عملهم أثابهم بالنعيم على لزومهم الصراط المستقيم، وأعطاهم وحباهم وكفاهم في أحسن دار، وخير مستقر.

((رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا)) [النبأ:37].

هذا الذي أكرمهم هو رب السموات والأرض الذي ربى الخليقة بالنعم، وهو واسع الرحمة شاملها لكل مخلوق، لا يكلمه أحد إلا بإذنه لعظمته وهيبته.