تمر «الشهداء» و«جمعة الغضب» يتصدران طاولة المصريين الرمضانية

تفوق على «طره لاند» و«البرادعي» و«هيفاء وهبي»

تمر «الشهداء» يتصدر مائدة الإفطار الرمضانية في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

سيطرت أجواء ثورة 25 يناير على سوق التمور في مصر، وتصدر «تمر الشهداء» و«جمعة الغضب» أفخر الأنواع في سوق رمضان هذا العام، بينما تراجعت عن السباق الأسماء التقليدية لممثلات ومطربات مثل هيفاء وهبي ونانسي عجرم وفيفي عبده وإليسا، وجاء في ذيل قائمة الأنواع الأقل جودة اسم «مبارك» و«سجناء طره» و«طره لاند»، لتزيح بذلك الثورة الجميع من على موائد إفطار المصريين بعد أن أزاحت الرئيس السابق من على كرسي السلطة، بعد ثلاثة عقود قضاها في حكم مصر.

اصطبغت أسماء التمور بطابع الثورة لتعكس مزاج المصريين، وسعى التجار من وراء إطلاق هذه الأسماء إلى زيادة الإقبال على أنواع التمور التي ارتفعت أسعارها عن العام الماضي بنسبة 35 في المائة، بعكس باقي أنواع الياميش التي احتفظت بأسعار العام الماضي تقريبا، بسبب وجود مخزون وافر من العام الماضي.

وبخلاف أسماء المطربات، اختفت من أسواق التمور أسماء أخرى لمشاهير ولاعبين كان التجار يطلقونها على الأنواع المختلفة للتمور في السنوات الماضية، مثل تمر «نصر الله»، أو «شهداء الأقصى»، أو «بن لادن»، أو «أبو تريكة» أو «جدو» (لاعبي كرة القدم)، أو «أوباما» الرئيس الأميركي، أو «البرادعي»، بالإضافة إلى «كرومبو» الذي كان يمثل شخصية كرتونية شعبية لإعلان يعرض على القنوات التلفزيونية.

وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، فإن أسواق التمور شهدت هذا العام إقبالا متزايدا من جانب الأسر المصرية بعد طرح أنواع مختلفة منها إلى جانب الأنواع الثمانية الأكثر شهرة في الأسواق، وراجت في السوق تمور «الثورة»، «الأبطال»، «الشهداء»، «جمعة الغضب»، «التنحي»، «الحرية».

وبلغ سعر كيلو تمر «الشهداء» 40 جنيها (أقل من 10 دولارات) كأعلى سعر، أما تمر «جمعة الغضب» فبلغ سعره 30 جنيها (نحو 6 دولارات)، وفي مربع سعري بلغ 25 جنيها تنافست تمور «الأبطال» و«التنحي» و«الحرية» و«مصر وطن واحد» و«الهلال والصليب»، و«التحرير»، يليه تمر «شباب الثورة» الذي وصل سعر الكيلو منه في بورصة الشهرة إلى 23 جنيها، كما حققت أسماء أخرى تراجعا ملحوظا، منها تمر «البرادعي»، و«أحمد زويل»، و«باراك أوباما»، و«فيفي عبده»، و«ليلى علوي»، وسلاف فواخرجي»، و«غادة عبد الرازق»، ليسجل اسم كل نوع من أنواع هذه التمور 12 جنيها للكيلوغرام.

بينما تذيل قائمة أسعار التمور، تمر «مبارك» وبلغ سعر الكيلو منه (6 جنيهات)، و«طره لاند» وبلغ سعر الكيلو منه (5 جنيهات)، و«سجناء طره» الذي جاء سعره بجنيهين، والسعر نفسه لـ«نظيف وعز».

وقال سعيد الجبلاوي، تاجر تمور بحي الحسين، إن تمرة «الشهداء» تصدرت أسعار قوائم التمور لأول مرة في السوق المصرية، وقد حلت محل تمرة «هيفاء وهبي»، التي تصدرت شهر رمضان الماضي.

وأضاف الجبلاوي: «أما قائمة عروض التمور الأغلى ثمنا فقد تصدرتها أسماء (الشهداء)، و(جمعة الغضب)، وفي المرتبة الثانية استوت تمور (التنحي)، و(مصر وطن واحد)، و(الحرية)، أما في المرتبة الثالثة فجاء بلح (شباب الثورة)، وكان الأقل ثمنا من نصيب تمر (سكوتي) و(التحرير)، ثم (الملكابي)، و(العينات)، وغيرها من الأنواع التي تتفاوت أسعارها»، لافتا إلى ظهور «تمر سجناء طره» في الأسواق بسعر جنيهين.

وقال الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن تجار التمور اعتادوا في مصر إطلاق الأسماء التي تشغل المجتمع على أنواع التمر في مواسم رمضان وإقبال الناس على شرائه، ولذا فإن «أسماء التمر تعكس دائما مزاج الناس، والمصريون حاليا ليسوا مهتمين بنجمات الفن كما كانوا في السابق»، فالسياسة صارت أكثر شعبية من الممثلات.

أما حسين الشحتابي، صاحب محل عطارة، فيبرر إقبال المصريين على التمر بما يتمتع به من قيمة غذائية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن أنواع التمور تتنوع بين الأصناف الجافة وتزرع بالأماكن شديدة الحرارة بصعيد مصر، وأشهر أنواعها (السكوتي)، و(البرتمودا) وهو أطول من السكوتي، متضخمة من المنتصف عن القاعدة والقمة ولونه برتقالي، و(الجنديلة) بلونه الأصفر الليموني، و(الملكابى)، وهو صنف فاخر غالي الثمن، و(الشامية) الذي يميل لونها إلى اللون البني الفاتح، وهناك عدة أصناف أخرى مثل (الجراجودا)، و(الدجنة)، و(الكولمة)».

وقال أحمد نبيل، صاحب محلات عطارة بشارع الأزهر بوسط القاهرة: «في مثل هذا الوقت من العام الماضي (أي الأيام الأولى من شهر رمضان) كان الإقبال كبيرا على شراء التمر بأنواعه، وكانت المحلات تشهد زحاما شديدا لشراء احتياجات الأسرة من مستلزمات؛ لكن هذا العام الإقبال ضعيف على شراء هذه المستلزمات»، موضحا أن أغلب الأسر المصرية اختارت أن تكسر إفطارها على التمر الذي يعتبر الياميش الشعبي لكثير من الأسر المصرية وبخاصة الفقيرة منها.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هناك قطاعا كبيرا من المستهلكين فضلوا تقليل الكميات التي كانوا يستخدمونها في السنوات الماضية، تماشيا مع الحالة الثورية ومساعدة منهم في تحسين وضع البلد وعدم التكالب على السلع حتى لا يستغلها التجار في رفع الأسعار.

وأشار محمد الصغير، صاحب محلات عطارة بشارع الأزهر، إلى أن زيادة أسعار التمور لأكثر من ضعف ثمن العام الماضي، أدى إلى عدم إقبال الأسر المصرية على الشراء؛ فإن رجاء صبرة قالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع خفض متطلباتنا في شهر رمضان، لأنه شهر في العام تكثر فيه الولائم، ويجتمع فيه أفراد العائلة جميعا فكيف نتخلى عن عاداتنا، فكل أسرة تستطيع عمل أي وليمة حسب قدراتها المالية».