مسلسلا «الحسن والحسين» و«نونة المأذونة» يجددان الجدل حول تجسيد الصحابة وارتداء المرأة الزي الأزهري

الأزهر يتمسك بفتواه الرافضة تجسيدهم.. وعلماء الدين اعتبروا لبسها العمامة والجلباب تشبها بالرجال

مسلسل «الحسن والحسين» التلفزيوني خلال الشهر الفضيل
TT

جدد عرض المسلسل الديني «الحسن والحسين» والمسلسل الاجتماعي «نونة المأذونة» في رمضان، الجدل في مصر حول تجسيد الأنبياء والصحابة والعشرة المبشرين بالجنة في الأعمال الفنية، وارتداء المرأة الزي الأزهري، حيث أعلن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر تمسكه بقراره بتحريم تجسيد الصحابة، وأرجع علماء أزهريون ذلك لعدم وجود من هم بين البشر الآن في طهر الأنبياء والصحابة لدرجة تصل به لتجسيدهم، وفي ما يخص مسلسل «نونة المأذونة»، اعتبر آخرون ارتداء المرأة الزى الأزهري استهزاء بالأزهريين، وتشبها بالرجال المنهي عنه.

وفي خطوة تصعيدية جديدة لوقف عرض مسلسل «الحسن والحسين» الذي يعرض خلال شهر رمضان على القنوات الفضائية المصرية والعربية، أرسل مجمع البحوث الإسلامية خطابا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (التابعة لوزارة الاستثمار)، باعتبارها الجهة صاحبة حق إصدار تراخيص القنوات الفضائية لمنع عرض المسلسل، وذلك بعد تجاهل الفضائيات والجهات المنتجة للمسلسل توصيات المجمع بالتوقف عن عرضه. وأرسل أسامة هيكل وزير الإعلام المصري خطابات إلى القنوات الفضائية ينقل لهم رفض الأزهر وتحذيره من استمرار عرض المسلسل.

ومنذ أكثر من 85 عاما أصدر الأزهر فتوى تحظر تقديم شخصيات الأنبياء والصحابة والعشرة المبشرين بالجنة في أي أعمال درامية. وكانت بداية تطبيق فتوى الحظر في عام 1926، عندما شرع الممثل المصري يوسف وهبي في أداء شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في فيلم روائي بإنتاج فرنسي من إخراج المخرج التركي وداد عرفة، ودخل وهبي في أزمة مع الأزهر، خاصة بعد طبع لافتات له وهو يجسد الشخصية، وانتهت باعتذار «وهبي» عن تقديم الفيلم.

وبمرور السنوات، اتسعت الدائرة لتشمل الخلفاء الراشدين والصحابة، وبالفعل تم تقديم شخصيات في أعمال درامية مثل تجسيد شخصية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم في فيلم «الرسالة» وخالد بن الوليد وعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، وتعرضت جميع هذه الأعمال للنقد الشديد.

من ناحيته، أعلن الشيخ علي عبد الباقي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، أن سبب رفض المجمع مسلسل «الحسن والحسين» يعود إلى أن هناك قرارا من المجمع بتحريم تصوير آل البيت، وبناء عليه، لا يمكن أن يوافق الأزهر على مسلسل يجسد الحسن والحسين وهما من أهل البيت.

وأكد عبد الباقي على أن فتوى الأزهر لا تزال سارية المفعول ولم ولن تتغير، قائلا: «لا يوجد من بين البشر الآن من هو في طهارة صحابة النبي وفي درجة تصل به إلى تجسيدهم»، مضيفا: «لا يعقل أن يقوم ممثل الآن بتجسيد الإمام الحسين، وبعد ذلك نراه في دور لرجل فاسق».

وأضاف عبد الباقي إن قصة المسلسل بدأت في عهد أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق، عندما طلب استيضاح رأي الأزهر في مشاركة اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر كشريك في إنتاج المسلسل، وقتها تم الرد عليه من المجمع: «بأن هناك قرارا بمنع تجسيد الصحابة».

وتابع أمين عام مجمع البحوث: «أرسلنا خطابا لمنع عرض المسلسل للفقي؛ لكنه لم يتحرك. كاشفا عن أن مجمع البحوث الإسلامية لا يملك وسيلة تنفيذية لتحقيق عقوبة رادعة ضد المخالفين لقرارات هيئة المجمع التي تعتبر أعلى هيئة إسلامية في مصر ويرأسها الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتضم مجموعة من أكبر العلماء والمتخصصين».

وأرجع الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية، سبب منع ظهور الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية، إلى أن تجسيد هذا الشخصيات يقلل من هيبتها ومقدارها عند الناس، قائلا: «إن ظهور الفنانين الذين يؤدون شخصيات الصحابة قد يقوم البعض منهم في حياتهم العملية بأعمال تتنافى مع الإسلام، ومن هنا تأتي حرمة تجسيدهم».

لكن أشرف توفيق، المؤلف التلفزيوني، كان له رأي معارض، قائلا: «ليس هناك نص قرآني يشير لتحريم تجسيد الأنبياء»، مؤكدا على أنه «إذا كان الأزهر معنيا بهذا الأمر، ويرى أنه من المحرمات، فالجدير تفعيل ما قاله وليس إبداء الرأي فقط»، مضيفا أن «التخوف من المسلسل غير مجد على الإطلاق، فهو كأي مسلسل ديني يحاول كشف وسرد قصص الأنبياء والصحابة».

وفي سياق مواز، أعلن علماء أزهريون رفضهم مسلسل «نونة المأذونة» التي تؤدي فيه الممثلة حنان ترك دور مأذونة، حيث ظهرت وهي ترتدي الزي الأزهري في شكل كوميدي، وهو ما اعتبره أزهريون استهزاء وإهانة لهم، قائلين إنه يجب توقيرهم في وسائل الإعلام لا السخرية منهم. وقال الشيخ هاني المرشدي أحد علماء الأزهر: «إن ارتداء المرأة الزي الأزهري خارج العرف وتقاليد المجتمع وتشبه بالرجال المنهي عنه بنص الحديث الشريف: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال)»، مشيرا إلى أن العرف أحد مصادر التشريع.

وكشف الشيخ المرشدي عن قيامه وآخرين برفع دعوى قضائية ضد وزارة الإعلام للمطالبة بوقف عرض المسلسل، رافضا الاستهزاء بالزي الأزهري بأي شكل من الأشكال مهما كانت المبررات، لافتا إلى أن ارتداء ممثل الزي الأزهري خروج على الحدود وعادات المجتمع. وقال: «إن المتعارف عليه أن الزي الأزهري خاص بعلماء الأزهر، وليس شرطا في عمل المأذونة».