نحو تفسير أسهل (14)

TT

((عَلِمَتْ نفس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ)) [الانفطار:5].

حينها تعلم كل نفس ما قدمت من أعمال، وما سوفت به، وتكاسلت عنه، فلم تعمل به، أو ما قدمت أمامها، وخلفت وراءها في الدنيا.

((يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)) [الانفطار:6].

يا أيها الإنسان! ما الذي خدعك حتى عصيت ربك؟ ومن الذي أغواك عن طاعة مولاك؟ ومن الذي جرأك على الكفر والفجور؟

((الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)) [الانفطار:7].

فالله هو الذي خلقك يا ابن آدم في أحسن صورة، وركبك في أجمل تقويم من أعضاء سليمة مع اعتدال القامة وتناسب الخلق.

((فِي أَي صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)) [الانفطار:8].

ركبك في صورة حسنة عجيبة، اختارها لك وميز بين الناس في صورهم وأشكالهم وأصواتهم وألوانهم.

((كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ)) [الانفطار:9].

كلا، لا تغتروا بكرم الله، بل أنتم تكذبون بالحساب، فلا تستعدون له ولا تتقون ربكم، وتخشون لقاءه.

((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ)) [الانفطار:10].

ووالله إن عليكم ملائكة يحفظون أعمالكم، ويسجلون كل شيء على الإنسان، ويكتبون الحسنات والسيئات.

((كِرَامًا كَاتِبِينَ)) [الانفطار:11].

هؤلاء الملائكة مكرمون عند الله، يكتبون القليل والكثير، فلكرامتهم مؤتمنون، ولكتابتهم ضابطون، فلا وهم ولا خطأ.

((يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)) [الانفطار:12].

يطلعون بإذن الله على أعمالكم حسنها وسيئها، فيحصونها ويضبطونها ليوم الحساب بلا زيادة ولا نقص.

((إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)) [الانفطار:13].

إن المجتهدين في الطاعات المسابقين في الخيرات، لفي نعيم مقيم، وأجر عظيم، ومقعد كريم، في جوار الرحمن الرحيم.

((وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)) [الانفطار:14].

وإن من كذب بدين الله وخالف أمره لفي نار تلظى خالدين فيها أبدا تحرقهم بلهيبها، وتصهرهم بوقودها.

((يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ)) [الانفطار:15].

يصلون حرها ويذوقون عذابها يوم الحساب، وتنضج جلودهم، وتشوي وجوههم وتذيب شحومهم، وتصهر عظامهم.

((وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ)) [الانفطار:16].

هم خالدون في النار لا يخرجون منها، ولا يزحزحون عنها، وليس لهم بد من دخولهم فيها، أحضرت لهم ودفعوا إليها دفعا.

((وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ)) [الانفطار:17].

وما أعلمك ما حقيقة يوم الحساب؟ إنه يوم مهول، ومشهد فظيع، وموقف صعب، أكبر من أن يوصف، وأعظم من أن يحاط به.