في ظل «ربيع دعوي نسائي».. قضية المرأة تصنف الداعيات في السعودية

داعيتان سعوديتان في حديث لهما لـ «الشرق الأوسط»: لم نلمس وجودا للتيار الوسطي.. والدعاة لا يختطفونها لكنهم مؤثرون

تزايد نشاط الداعيات السعوديات الدعوي النسوي خلال السنوات الأخيرة في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أزاحت قضايا المرأة السعودية والتي تتصاعد تزايدا وكشفا وتنقيبا من مختلف التيارات السعودية أخيرا، النقاب عن ملامح مختلفة للنشاط الدعوي النسوي، أبرزها كانت تلون الأدوار، وتباين الآراء بين الداعيات السعوديات.

فكانت قضايا شهدتها البلاد مؤخرا، كعمل المرأة «كاشيرة»، أو بائعة أو المشاركة بصوتها في «الانتخابات البلدية» وغيرها من المستجدات، كفيلةً بأن تُزيح الستار عن حجم الاختلاف فيما بينهن، وكأن التيار الدعوي النسوي بات قريبا في تنوعه في الساحة الدعوية الذكورية في السعودية، ما بين تيار سلفي تقليدي، وإخواني سلفي، أو تنويري، أو إخواني صرف، إضافةً إلى من تصف نفسها بانتمائها للتيار الوسطي المعتدل.

وقد يكشف ذلك، شدة التطرق وتبني القضية الفلسطينية في الطرح الدعوي، وهي السمة التي ارتبطت بالتيار الإخواني، وفي المقابل كثافة الحديث عن قضية تغريب المرأة والمؤامرة العالمية التي تتقصدها في سبيل تحريرها وإفسادها، وهذا الحديث الظاهر في الغالب من قبل التيار السلفي التقليدي.

أكدت الدكتورة سهيلة زين العابدين الداعية السعودية في حديثها مع «الشرق الأوسط» غياب الحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة، مشيرةً إلى تأثر الخطاب الحالي النسوي بالخطاب الديني السائد، والتي تنظر إلى أن المطالبة بحقوق المرأة إنما هي تابعة للأجندة الغربية.

وأبرزت الدكتورة سهيلة أنها «لم تلمس بعد وجودا للتيار الوسطي في النشاط الدعوي النسوي»، مستشهدةً بالمعارضة الشديدة التي لقيتها قيادة المرأة للسيارة من قبل أكاديميات مختصات بالشريعة الإسلامية.

ورفضت في ذات الوقت الدكتورة سهيلة، مبدأ التحزّب والتصنيفات، مشددةً على كونها وسطيةً معتدلةً لا تنتمي لأي حزب، رغم اعترافها بحملها سابقا آراء للتيار التقليدي.

ومن جانبها، لا توافق الدكتورة والداعية الشهيرة نورة السعد ما يُثار بشأن وجود تصنيفات وتيارات دعوية نسوية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما قرأته عن هذه التصنيفات، رغم قلته وعدم العمق في تغطيته، يؤكد لي أن هذا الأمر لا يتجاوز كونه عبارةً عن تحليلات سطحية، تفتقر للدقة بشكلٍ كبير، وكأنما هي توظيف لما يكتب عن بعض هذه الأنشطة الدعوية في الدول المجاورة، التي فيها أحزاب سياسية لها حراك سياسي وديني مؤثر».

وتضيف الدكتورة نورة أنها «لم تجد هذا الحراك أو هذه التصنيفات واضحةً في أي أنشطة دعوية - حسب معرفتها - والتي تقصد بها نشاطا دعويا واضحا ومؤثرا، وليس تأثيرا للقلة في مواقع مغلقة، بحسب ما ذكرت، والتي ربما اتصفت بها القلة جدا، إلا أنها لا تمثل تيارا نسويا دعويا.

ورغم تأخر ميلاد العمل الدعوي النسوي في السعودية ما يقارب العشرة أعوام، عن نشأة العمل الدعوي الصحوي الذكوري والذي بزغ فجره في السبعينات الميلادية، فمع مطلع الثمانينات، بدأت أسماء نسوية متعددة بالظهور في الساحة الدعوية، نتيجة لدوران حركة تعليم الفتيات عقب مُضي زمن الكتاتيب، والتي تركزت على تعليمهن المناهج الدينية واللغة العربية، إضافةً إلى اقتصار الأقسام الجامعية والمعاهد بداية على ذات التخصص «الشريعة الإسلامية واللغة العربية والتاريخ وما إلى ذلك».

وكما قالت الداعية الدكتورة نورة السعد، فالنشاط الدعوي النسائي، قد بدأ منذ زمن في المجتمع السعودي من خلال نشاط والدة الدكتورة فاطمة نصيف «الخالة صديقة» منذ ما يزيد على الخمسين عاما، وتبلور بشكل إيجابي لاحقا، من خلال نشاط الدكتورة فاطمة نصيف.

وبدأت تتعاقب أسماء نسوية متعددة، وخرجن من مجرد القيام بالنشاط الدعوي في المنازل أو ما يعرف بالكتاتيب، إلى القيام بالمحاضرات الدينية في مدارس الفتيات والجامعات والمعاهد، إلى جانب المراكز الترفيهية والأندية الرياضية، ومدارس تحفيظ القرآن والمخيمات الصيفية النسوية.

ويواكبُ ذلك تنوع بالأداء والآليات فخاضت الداعية غمار الكتابات الإعلامية في الصحف، واجتاحت الشبكة العنكبوتية بتأسيس عدد من المواقع الدعوية النسوية، إضافة إلى المراكز النسوية كمركز «آسيا» للداعية المعروفة أسماء الرويشد.

وبات أخيرا من الصعب حصر النشاط الدعوي النسوي لتزايد أعدادهن، فبلغن أكثر من 50 داعية، عدد كبير منهن تمتعن بشهرة عالية، حيث قُدّر الحضور النسوي لمحاضراتهن بما لا يقل عن 600 امرأة مقابل 50 امرأة لمن لا زلن في بداية مشوارهن الدعوي، كما أكدت منى العنقري رئيسة القسم النسوي للندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض.

ومن بين هذه الأسماء التي لمعت في سماء «الدعوة النسوية»، الدكتورة أسماء الرويشد، والدكتورة رقية المحارب «والتي أُجيزت للفتيا من قبل الشيخ ابن عثيمين بعد أن تفرغت لتفريغ أشرطته»، والدكتورة نوال العيد، والدكتورة نورة السعد، وخيرية نصيف، وأمل الغفيلي.

وبحسب الدكتورة نورة أخذ هذا النشاط أبعادا أخرى في السنوات اللاحقة توجها وتنوعا، في الأداة والأسلوب والمحتوى، خصوصا مع حمل لواء الدعوة من قبل الأكاديميات الداعيات المؤهلات علميا وشرعيا من تلميذات الدكتورة فاطمة نصيف وغيرهن، في مختلف مدن البلاد وفي أوساط المجتمع.

ورأت الداعية الدكتورة نورة السعد أن ازدياد مساحة التأثير الدعوي منذ أكثر من عقد من الزمن، أتى مُتزامنا مع متغيرات العصر والظروف الحالية التي تفرض مواكبة منهجية وعقدية، وكما قالت: «بالأخص في ظل الهجمة المُمنهجة على الإسلام وعلى النشاط الدعوي حسب ما تراه وفقا لنظرتها، واتهامه بأنه يدعو إلى التشدد وكره الآخر والتكفير وما إلى ذلك من الاتهامات التي تسارعت وتعددت وانتشرت وأصبحت تتوافق مع توصيات تقارير مؤسسة «راند» وتعليماتها المعروفة، لإحداث تغيير قسري في مجتمعنا الإسلامي أطلقوا عليه «الإسلام المعتدل»، والذي في خطوطه العريضة يريد للإسلام أن يكون في موقف حيادي من قضايا الأمة والأسرة والمرأة على وجه الخصوص.

واعتبرت الدكتورة نورة أن مثل هذه التوجهات، شكّلت ضغوطا على بُنية المجتمع الذهنية والاجتماعية والاقتصادية، مما فرض على الدور الدعوي أن يجدد في خطابه وأدواته ووسائله، كي يستطيع مواجهة هذه المتغيرات المعاصرة، مؤكدةً أن «الأخوات» في المجال الدعوي، يعلمن أن المرحلة الحالية تتطلب تنوعا في الأداة وقوةً في المحتوي، وتخطيطا وانتشارا منهجيا، لاحتواء سلبيات المرحلة إعلاميا وبنيويا.

من جهتها أوضحت منى العنقري رئيسة القسم النسوي للندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض، أن الندوة العالمية لا تقتصر مهامها على النشاط الدعوي، كما لا توجد داعيات منخرطات، وإنما سيدات يتعاون مع الفتيات للقيام بأنشطة متنوعة، من بينها المركز الصيفي النسوي، والذي بحسبها يستقبل ما يقارب 500 طالبة من مختلف الأعمار.

أما فيما يتعلق بأنشطة الندوة طوال العام فتنوعت بحسب منى ما بين دعوية وتطويرية وترفيهية تستوعب 250 طالبة في الفصل الدراسي الواحد من المرحلة الجامعية والثانوية والمتوسطة، إضافة إلى دورات للطفل. إضافة إلى ذلك، تشارك طالبات الندوة العالمية للشباب الإسلامي بحملات مختلفة دعوية منها حملة «اللباس المحتشم»، أو اجتماعية كحملة «النظافة»، أو الإنشاد، إلى جانب الرحلات التي تشارك فيها الطالبات للاستراحات أو الأندية الصحية مع مراعاة الضوابط الشرعية كما أكدت منى العنقري.

وما يتعلق بالجانب الدعوي النسوي في الندوة العالمية للشباب الإسلامي قالت منى: «إن محاضراتهن أسبوعية تتنوع ما بين شرعية وصحية وغيرها، مع الحرص على استقطاب أسماء متنوعة من الساحة الدعوية النسوية واللاتي يحضرن تطوعا دون مقابل مالي، من مختلف مناطق السعودية، بالإضافة إلى الخارج كالكويت والبحرين».

ومع الربيع الدعوي النسوي في السعودية، فإن ذلك لم يمنع من توجيه عدد من الانتقادات لنشاطهن الدعوي الذي غابت عنه المرجعية والقيادة، إضافةً إلى اتهامه باختطافه من قبل الرجل الداعية، وتبنيه لذات الخطاب السائد دون أن يحمل مشروعا خاصا، وإن كان مباينا لما يرسمه الرجل من خطى لهن.

تؤكد الداعية الدكتورة سهيلة زين العابدين أن كل الأصوات الدعوية النسوية لا تحمل سوى ذات الرؤى التقليدية، مستشهدةً بمعارضة إحدى الداعيات الشهيرات لعمل المرأة ككاشيرة رغم إجازة الإسلام للمرأة البيع والشراء، إضافة إلى أصوات أخرى عارضت قيادة المرأة للسيارة.

وقالت الدكتورة سهيلة: «كل المؤسسات الدعوية النسوية لا تستطيع أن تخرج عن الخطاب السائد»، من الترويج للقرار في البيت، وتحديد المهن، وطاعة الزوج والتشديد عليها، وإساءة فهم ضرب الرجل لزوجته، منادية بضرورة إعادة النظر وتصحيح المفهوم الديني، الذي بات يتعارض مع عدالة الله تعالى».

وحول الحركة النسوية الدعوية نوهت الدكتورة سهيلة بعدم وجود القيادة المستقلة، إضافة إلى اقتيادها من قبل الرجال، كما أنها لا تستطيع إغضابهم مع البحث عن رضاهم دوما. الدكتورة نورة السعد تستنكر ما يُقال حول اختطاف العمل الدعوي النسوي من قبل الرجل، مُعتبرةً النشاط الدعوي تأصيلا لقضايا العقيدة والإصلاح، ولا مجال لاختطافه من هذا أو ذاك.

واستدركت الدكتورة نورة حديثها بأن الدعاة الرجال وبسبب تجربتهم الكبيرة والأقدم أكثر معرفة باستراتيجيات النشاط الدعوي باتوا يؤثرون في الأنشطة الدعوية النسوية ولا يختطفونها - كما يقال - داعيةً في ذات الوقت إلى ضرورة الابتعاد عن هذه التعميمات التي «لا تتم قراءتها إلا في كتابات بعض المتأثرين والمنفذين لتوصيات تقارير «راند».

وأضافت أنه إذا كان هناك تعاون بين الدعاة رجالا ونساء، لماذا يُعتبر اختطافا من الرجل، متسائلة أليس هناك تعاون بين الكتاب والكاتبات والأدباء والأديبات.

وبشأن موقف الداعية نورة السعد مما طرح اجتماعيا مؤخرا في الساحة السعودية، لا بد أن تكون بوصلة أي إصلاح أو تغيير وفق البوصلة القرآنية لحياة الفرد المسلم، وليس وفق نموذج من هناك ومن هنا، المرأة التي يستشهد بدورها في أيام الرسالة المحمدية، والتي كانت تشارك في الحياة العامة كانت البيئة المحيطة بها بيئة «آمنة جدا» تسمح لها وبحجابها وسترها أن تكون مشاركة ولكن وفق أطر واضحة، لا تخرج عن الضرورة القصوى، وليس بهدف المشاركة في التنمية لمجرد المشاركة ودون احتياج حقيقي.

وقالت: «لا مانع إطلاقا من أن تعمل المرأة على تحصيل المبالغ من شراء أو بيع، إنما في بيئة نسائية آمنة، أما أن يتم زرعها، بحسب الدكتورة نورة، وسط الذكور ودون حجاب شرعي ساتر، مع إمكانية إحلال هذه الوظائف من شباب سعودي فهذا ليس سوى (خروج عن الشروط القرآنية لعمل المرأة)، وتعريض الفتيات إلى ظروف ليست في صالحها إطلاقا»، مشيرةً إلى أن القطاع الخاص يستطيع توفير العديد من المنشآت الصناعية للنساء فقط.

وحول قيادة المرأة للسيارة، فتجد الدكتورة نورة حلها بتوفير وسائل نقل عامة، فحصول النساء على رخصة القيادة لن تكون كفيلة بحل المشكلة الاجتماعية كما وصفتها، حيث إن عددا كبيرا منهن لا يستطعن قضاء حوائجهن إلا باستخدام سيارات الأجرة عند الضرورة، أو باستئجار سائق يقوم بإيصالهن في سيارته وفق مبلغ شهري كبير، لعجزهن عن توفير ثمن السيارة، داعيةً في الوقت ذاته إلى ضرورة تهيئة البنية التحتية والتنظيمية والعقاب الصارم لجميع من سيخالف تعليمات المرور، بعيدا عن الوساطة والمحسوبية.

وبالعودة للموضوع الأساس، فرغم الربيع الدعوي النسوي في السعودية الذي بات يظهر جليا رغم تجاهل الصحوة ورجالاتها لها أوائل السبعينات، بقيت الخطى النسوية تبعا لمنتقديها، حريصةً على تقفي أثر من سبقوها من حيث التركيز على أحكام فقهية أحادية، ونسخت كل من خالفها، في الوقت الذي بعدت فيه عن مناقشة إشكالات الواقع الاجتماعي للمرأة وما أفرزته المدنية الحديثة من تحديات.

وعدّت الكاتبة أمل زاهد، أنه ومنذ بداية نشوء وتبرعم الخطاب الدعوي النسائي في المملكة، بقيت أدبياته تتماهى مع الشكلانية والاهتمام المفرط باللباس وملحقاته، والأحكام الفقهية المتعلقة بالتفاصيل الفرعية في حياة المرأة.

وترى أمل اتسام الخطاب الدعوي الوعظي النسائي ببعده عن مواكبة الواقع الاجتماعي للمرأة ومفارقته لمشاكل المرأة الحقيقية، وما يقذفه عصرها في وجهها من تحديات ومشكلات - إلا فيما ندر- مضيفةً أنه لا يزال بعضه يدور في أفلاك الترهيب والقصص المختلقة والروايات الكاذبة، القائمة على التهويل والمبالغة لتخويف المرأة من مقاربة تفاصيل تتعلق بالشكلانيات، بل لا يزال التحذير من عمل المرأة وخروجها من البيت واعتباره مؤامرة على المجتمع والأسرة، أحد أهم سمات هذا الخطاب، طبقا لتعبيرها، مُتكئا ومُتمترسا خلف قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومنفصلا عن الواقع ومفارقا له، خاصةً بعد أن أصبح عمل المرأة شرطا اقتصاديا وحاجةً ملحة للأسرة، رغم أن بعض الناطقات بهذا الخطاب، بحسب الكاتبة أمل زاهد، يتصدرن وظائف اعتبارية في التعليم والجامعات.

من جهة أخرى تؤكد أمل اعتماد الخطاب الدعوي الوعظي الآخر «الغرب» كمرجعية عند التقييم والاستقراء والمقارنة، فإذا ذكر العنف الأسري – مثلا - في المجتمع السعودي، يستدعي الخطاب إحصائيات العنف في الغرب، مُتناسيا ومُتغافلا أن الغرب يواجه مشاكله بصراحة وشفافية ولا يتحرج من ذكر الإحصائيات، فضلا على القوانين الصارمة والتدابير والاحترازات التي يتخذها لمواجهة هذه النوعية من المشاكل الاجتماعية، مع قياس كثير من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالمرأة.

وأضافت: «إن الخطاب الدعوي النسوي في السعودية ما زال أيضا يغرق في الخلافات والصراعات حول التحديثات المتعلقة بالمرأة، جاعلا منها أم المعارك وقضية القضايا، مُتجاهلا ما تواجهه المرأة في المحاكم من مشاكل العضل والحضانة والطلاق والخلع، والتباس العرفي بالشرعي في حياة المرأة، وما زال يُعيد إنتاج نفسه وإن بطرائق جديدة».

وأرجعت أمل - في تقديرها - أسباب انفصال الخطاب الوعظي عن الواقع الاجتماعي للمرأة على تقوقعه وانكفائه على ذاته مما أفقده المرونة والقدرة على التعاطي مع المستجدات ومن ثمّ اجتراح الحلول لها، إضافةً إلى اعتماد المرأة الداعية في مفردات خطابها ومقولاته على خطاب الدعاة من الرجال، فكان خطابها فرعا من أصل وجزءا من كلٍ يردد ذات الأفكار والرؤى ولا يستطيع الخروج والاستقلال عن الأطر التي وضعها وحددها الرجل الداعية، فهو «صورة طبق الأصل من الخطاب الدعوي الوعظي الرجالي المنشغل بكافة قضايا المرأة الشكلانية والمتجاهل لمشاكلها الجوهرية والمفصلية».

وترى أمل أن تحفظ الخطاب الدعوي النسائي - في جُلّه - وافتقاره للشجاعة والجرأة على مقاربة الإشكاليات الاجتماعية الشائكة يعود أيضا إلى عوائق نفسية لا واعية «فالمرأة تُنشأ في ثقافتنا على التبعية للرجل ويرسخ فيها كونها رديفة له، مما يجعل خروجها عن أطر وصايته إشكالا عصيا»، فلو عُدنا إلى تاريخ الصحوة لوجدنا تغييبا واضحا للمرأة على كافة الأصعدة عند التيار الصحوي، وحتى عندما ظهرت المرأة الداعية في كافة أنحاء المملكة، لم يكُن لها حضور رسمي، وكانت جهودها في هذا المجال جهودا فردية، وكان النشاط الدعوي النسائي نفسه يُعاني من إهمال الدعاة، ومن عدم التفاتهم إليه، حتى تغير الوضع أخيرا.