نحو تفسير أسهل (15)

د. عائض القرني

TT

وما أدراك ما ذاك اليوم؟ فلمثله يعمل الإنسان وله يهتم، وبأمره يُعتنى، فهو أشد يوم عرفه الناس.

((يَوْمَ لا تَمْلِكُ نفس لِنفس شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)) [الانفطار:19].

في ذلك اليوم لا تملك نفس منفعة لنفس، ولا دفع مضرة عن نفس، فالنافع والضار هو الله وحده، بيده الأمر كله، لا أمر لغيره ولا فضل لسواه جل في علاه.

سورة المطففين ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)) [المطففين:1].

هلاك وخسار، وعذاب ودمار، لمن غش في المكيال والميزان بالزيادة إذا اكتال والنقص إذا كال.

((الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ)) [المطففين:2].

الذين إذا طلبوا حقوقهم من غيرهم أخذوها وافية كاملة؛ سواء في الميزان أو المكيال أو سائر الأحكام والأموال كافة.

((وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)) [المطففين:3].

وإذا كالوا لغيرهم، أو وزنوا لهم نقصوا حقوقهم، وبخسوا حظوظهم، فهم يستوفون حقوقهم وينقصون حقوق الناس.

((أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ)) [المطففين:4].

ألا يفكر هؤلاء المطففون أنهم سوف يبعثون بعد موتهم فيحاسبون على أعمالهم، ويجازون على تطفيفهم.

((لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)) [المطففين:5].

سوف يبعثون في يوم عظيم خطره، رهيب بأسه، مهول مشهده، فاق الأيام لعظم ما يجري فيه من أهوال وأخطار.

((يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [المطففين:6].

هذا اليوم يقوم الناس فيه من قبورهم إلى الموقف ليحاسبوا، فيجتمعون فيه لفصل القضاء ونيل الجزاء، فسعداء وأشقياء.

((كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)) [المطففين:7].

ألا إن كتاب الكفار الفجار في سجل أهل النار، وأسماءهم في كتاب الهالكين من أصحاب الجحيم، ضبطت وسجلت.

((وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ)) [المطففين:8].

وما أعلمك بهذا الكتاب الذي هو سجل أسماء أهل النار؟ فهو كتاب محفوظ أحصيت فيه الأسماء بلا زيادة ولا نقص.

((كِتَابٌ مَرْقُومٌ)) [المطففين:9].

هذا الكتاب مسطور بأسماء الكفار، علمت الأسماء بالحروف، وضبطت في متنه، فهو سجل الأشرار وكتاب أهل النار.

((وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)) [المطففين:10].

لعنة وخسار وهلاك وبوار؛ لأهل النار الذين كذبوا بالكتاب، ونسوا الحساب، فاستحقوا العذاب، واستوجبوا العقاب.