عبد الله الدوسري: لم نحظر أي أسماء في الإذاعة.. ومشاركة المشايخ من كافة المذاهب

مدير إذاعة القرآن الكريم لـ«الشرق الأوسط»: طالبنا بزيادة ميزانية إنتاج البرامج ورفع المكافآت المالية للمشاركين

جانب من أحد البرامج الإذاعية في إذاعة «القرآن الكريم» السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

اعترف عبد الله الدوسري مدير إذاعة «القرآن الكريم» بأن سياسة الإذاعة المتبعة قد لا تلائم فئة الشباب والشابات، وذلك لتبنيهم توجها معينا، مما يبقي إقبالهم صوب الإذاعة محدودا رغم وجود المشاركات المختلفة لهم.

وأبدى الدوسري في حواره مع «الشرق الأوسط» أسفه من عدم تخصيص ميزانيات مالية لإنتاج مواد برامجية حديثة وخاصة للإذاعة، تماشيا مع التغييرات في المجال الإعلامي والإذاعي العام، وأن ميزانية شراء وإنتاج البرامج لا تتجاوز المليون ريال فقط، الأمر الذي دعا إدارة الإذاعة لرفع طلب لإعادة النظر في الميزانية المقررة، إلى جانب إعادة دراسة قيمة المكافآت المالية المقدمة لأصحاب الفضيلة المشايخ المشاركين، والتي حددها في أعلى مستوى لها 600 ريال للحلقة الواحدة.

وبشأن استضافة أصحاب الفضيلة والمشايخ وقصرها على المخضرمين منهم، أكد مدير إذاعة «القرآن الكريم» اتجاه إذاعته صوب الدعاة الجدد مسجلين حضورا لافتا سابقا في الإذاعة، إلا أنه وبحسبه فنتيجة لانشغالهم بمشاركاتهم البرامجية في القنوات الفضائية، وقصر تعاون بعض منهم لقنوات محددة بات حضورهم في الإذاعة حضورا متواضعا، كل هذه الأمور وغيرها تطرق لها الدوسري في حوارٍ مع «الشرق الأوسط»، فإلى نص الحوار:

* بداية هل بإمكانك إفادتنا بالخطة البرامجية لإذاعة «القرآن الكريم» في هذا الشهر الفضيل؟

- انتهينا من الإعداد للدورة البرامجية المتعلقة ببرامج رمضان، والتي لا تتجاوز 13 برنامجا، ورأى المسؤولون أن يكون لكل مقدم ومعد 15 حلقة، لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الإخوان والمعدين من المشايخ والمختصين في العلوم الشرعية، وبعد مناقشة الدورة الإذاعية من قبل لجنة إذاعة «القرآن الكريم» تم عرضها على اللجنة الموسعة (اجتماع اللجنة المشتركة لإذاعات المملكة) وتم إقرارها جميعا، وقد اعتمدت برامج مختلفة في هذه الدورة أحدها «فتاوى رمضان» ويتم الاختيار في كل عام 3 مشايخ، في هذا العام هم الشيخ عبد المحسن العبيكان والشيخ عبد الله المطلق والشيخ عبد الله المنيع، لكل منهم 10 حلقات يتم تلقي أسئلة المستمعين من خلال الهاتف أو الإيميل أو عبر رسائل الجوال، ليتم عرضها وإذاعتها فيما بعد، بالإضافة إلى برنامج «ليالي رمضان» يتم استعراض عدد من المواضيع المتعلقة بالشهر الفضيل، وبرنامج مباشر «الركن الرابع» وهو بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية يتناول توجيهات خاصة بشهر الصيام، إضافة إلى برنامج «صدق الله» عن «القرآن الكريم» وآخر «أخلاق الصائمين» محمد الهلالي من منطقة جيزان وغيرها من البرامج الأخرى، وبرنامج للشيخ الدكتور عبد الرحمن العشماوي «في إطار التاريخ» وهو أدبي شعري عن رمضان، إضافة إلى لقاءات مع عدد من الدعاة من مختلف الدول الإسلامية.

* ما هي المعايير التي على أساسها يتم اختيار المشايخ في إذاعة «القرآن الكريم»؟

- بداية هناك تنسيق وتعاون ما بين الإذاعة ودار الإفتاء، إلى جانب تعاوننا مع عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء، إضافة إلى مرشحين آخرين من جهات علمية.

* بمن ترتبط إذاعة «القرآن الكريم»، هل هي متصلة بوزارة الثقافة والإعلام أم بدار الإفتاء؟

- إذاعة «القرآن الكريم» مرتبطة مباشرة بوزير الإعلام، وذلك من خلال وكيل الوزارة لشؤون الإذاعة، ولسنا مرتبطين بهيئة الإفتاء سوى بترشيح أسماء لعدد من المشايخ وإعداد برامج إلى جانب تنسيقنا مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إضافة إلى وزارة الشؤون الإسلامية، وجميعها دون أي ارتباط رسمي.

* ظهرت أسماء من الجيل الجديد من أعضاء هيئة كبار العلماء إضافة إلى أسماء أخرى تمثل مختلف المذاهب الفقهية في السعودية، إلا أن المراقب يلحظ نوعا من الغياب والتركيز على أسماء محددة تكثف حضورها في برامج إذاعة «القرآن الكريم» على مدى سنوات؟

- التقصير في ذلك قد يكون من جانبنا فتواصلنا معهم ضعيف، ومن المفترض أن يكون هناك مندوب أو حلقة وصل مستمرة للتواصل مع المشايخ الجدد ومشاركاتهم في برامج الإفتاء، وفي حال ترشيح المفتي لأسماء فالوزارة توافق مباشرة على ترشيحاته.

* ماذا عن الأعضاء من المشايخ من المدارس الفقهية المختلفة؟

- لا تمانع الإذاعة البتة ذلك، فمن يعدون البرامج الإذاعية هم من مدارس فقهية مختلفة فمنهم الحنفية والحنبلية والمالكية والشافعية، والمشايخ أنفسهم لا يلتزمون بمذهب واحد وإنما يعتمدون على مبدأ التيسير في الأحكام الفقهية.

* من وجهة نظرك، هل تمكنت إذاعة «القرآن الكريم» من استقطاب فئة الشباب والشابات؟

- في الواقع أن الشباب لديهم توجه معين، وقد لا يناسبهم كثيرا سياسة إذاعة قديمة وعريقة كإذاعة «القرآن الكريم»، والتي لطالما احتفظت بسياسة محددة على سبيل المثال عدم السماح ببث أناشيد بحكم مشاركة ومتابعة مشايخ كبار ومخضرمين، فأتى الإبقاء على الرفض تقديرا لمكانتهم، فقد تشوش الأناشيد الإسلامية على متابعة المشايخ ومشاركاتهم في المواد البرامجية، مع تفهمنا الشديد لتطلعات الشباب المختلفة، ومع ذلك فنحن حريصون كل الحرص على إشراك الشباب ومناقشة قضاياه كبرنامج «اللهم بك أصبحنا» و«بيوت مطمئنة».

* أين بلغ مستوى بث الإذاعة خارجيا؟

- وصل خارجيا لمختلف القارات، وبالأخص بعد بث موجات الإذاعة عبر الإنترنت.

* من الملاحظ أن إذاعة القرآن تركز كثيرا على الحديث، رغم أنه ومن خلال القرآن الكريم يمكن بحث قصص تاريخية، وتقديم دروس اللغة العربية، فما رأيكم بذلك؟

- القرآن الكريم أوحي به إلى الرسول الكريم، والذي أتى موضحا ومبينا للقرآن كله، فلا يمكن القول بأن المسلم له أن يكتفي بالاستماع إلى القرآن فقط، لأصبحنا نطبق ما قيل على لسان البعض دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، وهذه النظرية خاطئة، فلا بد من الاستفادة بعلوم الدين وتقديم الإفتاء، وواجبنا أن نقدم قراءات للقرآن الكريم وتفسيره وبيانه والحديث عن الإعجاز العلمي والجانب الفقهي. كما أن لدينا برنامجا لغويا وأدبيا، وبرنامجا آخر عن التاريخ، وبلا شك الإذاعة رغم ذلك بحاجة إلى تجديد وشراء برامج حديثة متنوعة والتعاقد على برامج، سواء كانت من الداخل أو الخارج.

* ما الجهود الرسمية التي قمتم بها بهذا الشأن؟

- رفعنا طلبا للمسؤولين يتعلق بطلب التعاقد على شراء برامج متميزة تبتعد عن النمطية، وتتبع أسلوبا متطورا في الطرح تكون مرضية للمستمعين، فالبرامج الحوارية أو البرامج المفتوحة، تشد اهتمام المستمعين أكثر.

* وأين وصل مطلبكم؟

- ما زال ينظر في الطلب، وللأسف لا نرى أي مقاربة بين ما يسمح فيه للقنوات التلفزيونية من شراء مع ما هو متاح للإذاعة، فرغم أنها تصل لملايين عدة للشاشة، فإنه في الإذاعة لا تتجاوز الميزانية للبرامج المليون ريال فقط، فالشراء قليل أو حتى لا يوجد شراء.

* بكم تقدر ميزانية الإذاعة السنوية؟

- ميزانية البرامج التي تعتمد في كل دورة إذاعية (رمضان والحج والدورة العامة) لا تتعدى المليون ريال لشراء أو إنتاج البرامج، أما الإذاعة فحتى المصاحف تهدى لها من قبل أصحابها.

* ماذا عن مشاركات المشايخ؟

- هي من ضمن ميزانية البرامج فالمعدون والمتعاونون ومكافآت المقدمين للبرامج قد لا تتعدى سنويا 3 ملايين.

* كم تقدر مكافأة العلماء والمشايخ؟

- مكافآتهم تعتبر محدودة، فمكافأة العلماء محدودة بحكم التعرفة البرامجية المعتمدة من الإذاعة، والتي مضى عليها 30 عاما وهي بذات القيمة، كما أن لها حتى الآن 3 سنوات لإعادة دراستها ورفع قيمتها، من قبل لجان تضم ممثلين لوزارة المالية ووزارة الإعلام، وحتى اللحظة لم يأت أي إقرار جديد بهذا الخصوص.

* كم قيمة المكافآت المقدمة لأصحاب الفضيلة والمشاركين؟

- أكبر مكافأة لا تتعدى 600 ريال للحلقة الواحدة لفضيلة الشيخ.

* بالنسبة للدعاة الجدد أين هو موقعهم، وهل بدأتم بفتح باب لهم في الإذاعة؟

- لدينا مشاركات من قبل عدد منهم، إلا أنه بحكم انتشار القنوات الفضائية وتنوع مشاركاتهم فيها، وفي مجالات أخرى، أصبحت مشاركاتهم الإذاعية قليلة على عكس ما كان عليه الأمر سابقا، كالدكتور سلمان العودة والشيخ عايض القرني والشيخ سعد البريك ومحمد العريفي قبل أن ينشغلوا بمشاركات مع قنوات أخرى أو العمل بصورة دائمة مع قنوات فضائية.

* فيما يتعلق بمسألة فرز الأسئلة وتحديد ما هو ملائم للبث وما هو غير ذلك، ما هي آليتكم بهذا الشأن؟

- يراعى بالطبع بداية، عدم بث ما يسيء لعلاقات المملكة مع الدول الأخرى أو ما يسيء للدين أو للقيم والأخلاق وكل ذلك يتم استبعاده، والمراقبون الذين تتعاون معهم الإذاعة هم من يقومون بتحديد وفرز الأسئلة.

* ماذا تقصد بالمراقبين؟

- تتعاون الإذاعة مع مراقبين متخصصين لتحكيم البرامج وإجازتها، وهؤلاء المراقبون هم أعضاء هيئات تدريس في الجامعة يقومون بالاستماع إلى البرامج ويقررون المناسب منها مع تقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم إن وجدت.

* في ظل ما يسمى بالربيع العربي وما تشهده المنطقة من ثورات، لوحظ حرص عدد من مواطني الدول المعنية بصورة كبيرة على استفتاء أعضاء هيئة كبار العلماء وعدد من مشايخ السعودية فكيف تعاملتم مع ذلك؟

- لم يصلنا في الإذاعة أسئلة من هذا القبيل، وإنما كانت تتوارد بكثافة عبر المنتديات والمواقع الإلكترونية، ولم نتعامل مع أي أسئلة تعلقت بالثورات أو الأوضاع السياسية الراهنة أو لما يسمى بالربيع العربي، كما أن الإذاعة تبعد دوما عن الجوانب السياسية ما عدا ما يتعلق بالنشرات الإخبارية الرسمية.

* بالنسبة للمشايخ والدعاة غير السعوديين، يلاحظ غيابهم عن إذاعة «القرآن الكريم» رغم امتداد بث موجاتها لمختلف القارات، ما السبب في ذلك؟

- كثير من المشايخ من دول عربية مختلفة شاركوا سابقا في الإذاعة ببرامج متميزة، إلا أن المشاركات الحالية قلت من قبلهم وليس منا، فلم نلمس أي رغبة من شيخ من داخل أو خارج المملكة للمشاركة، كما أن الأمر بحاجة إلى جهد ومتابعة، وقد أضيف إلى ذلك سبب آخر، وهو قصور قد يطالنا، فالمسألة بحاجة إلى مندوبين للسفر والتسجيل معهم في أي منطقة من مناطق العالم الإسلامي، وأقر بحاجتنا الماسة لمشاركات علماء من مختلف الدول الإسلامية.

* كم يقدر عدد الكادر العامل في الإذاعة؟

- لدينا 40 برنامجا، والمعدون الذين نتشارك معهم على مدى الأربعين عاما بلغ عددهم 1000 شخص، منهم من انتقل إلى رحمة الله تعالى ومنهم من بلغ من السن الكبر.

* ماذا عن ترسيم وتعيين المقدمين أم تعتمدون المكافآت؟

- لدينا متعاونون بالساعات أو الفترة الإذاعية أو بالبرنامج يقدر عددهم 15 وهناك متعاقدون لا يتعدون 6 أفراد.

* لماذا لا تستغل الإذاعة ما لديها من أرشيف قديم لبثه في مناسبات مختلفة؟

- السياسة في هذا الشأن تتضمن استغلال ما لا يتجاوز 5 في المائة من مكتبة الإذاعة، في كل دورة إذاعية، وذلك يعني أن نأخذ ما بين خمسة إلى ستة برامج في كل عام من المواد الأرشيفية من مكتبة الإذاعة، وبالتالي نقدم ما يقارب العشرة برامج جديدة، ونضيف إليها خمس مواد أرشيفية في كل عام.

* ماذا عن تربح الإذاعة من خلال نسخ برامجها الصوتية في أقراص وبيعها؟

- صدر قرار حديثا بإجازة بيع مواد الإذاعة الصوتية للاستفادة منها، وإنما بأسعار رمزية، ولكن حتى اللحظة لم تظهر الصورة الكاملة بشأن طبيعة بيع المواد البرامجية للإذاعة.

* هل هناك أسماء محظورة في الإذاعة؟

- ليس لدينا أي اسم محظور وغير مرحب بحضوره في الإذاعة.

* ماذا عن برنامج الشيخ سلمان العودة والذي بث العام الماضي، هل له أي برنامج لهذا العام؟

- ليس للشيخ سلمان العودة مشاركة لهذا العام، وما كان يبث العام المنصرم هو برنامج سابق له مسجل قبيل 3 أعوام تمت إعادته، كما أن الشيخ العودة لم يتقدم بأي مقترحات للإذاعة هذا العام، وأحب أن أنوه إلى أن مسألة مشاركة الشيخ سلمان أو عدمها لم تطرح لا من قريب أو بعيد في الإذاعة.

* هل هناك أي توجه بضم نساء مقدمات ضمن طاقم الإذاعة؟

- ما يهم المرأة يهم الرجل والعكس صحيح، والإجابة هي واحدة، ففضيلة المشايخ يقومون بالإجابة عن تساؤلات المتصلات وهذا كاف، كما أننا راقبنا تجربة قناة «اقرأ» لأحد برامجها والتي تقدمها سيدات، إلا أن البرنامج لم يلق نجاحا أو يحقق الانتشار المطلوب، والفائدة ليست محصورة في أن تقدمها المرأة.