نحو تفسير أسهل (18)

د. عائض القرني

TT

إذا السماء تشققت، وتصدعت، وفتحت أبوابها، وزال أديمها، وتغير بناؤها، وتقطع سمكها؛ قامت القيامة.

((وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)) [الانشقاق:2].

واستمعت لأمر ربها، وانقادت وأطاعت، وحق لها أن تسمع وتطيع، فهو الذي خلقها وبناها، فأمره مطاع نافذ لا راد له.

((وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ)) [الانشقاق:3].

وإذا الأرض مهدت وفرشت كما يفرش الأديم بزوال الجبال، وبسطها ليقوم عليها الحساب وفصل القضاء.

((وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ)) [الانشقاق:4].

وقذفت بما في باطنها، ورمت ما في جوفها من الأموات والكنوز، وخلت مما كان في باطنها تماما.

((وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)) [الانشقاق:5].

وانقادت لأمر الله، وسمعت له جل في علاه، وحق لها أن تسمع وأن تطيع، فهو مالك الملك، لا راد لأمره ولا مانع لما أراد.

((يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ)) [الانشقاق:6].

يا أيها الإنسان! إنك كاسب عامل جاد مثابر في هذه الدنيا، وسوف تلقاه عند ربك إن خيرا وإن شرا.

((فَأَمَّا مَنْ أُوتِي كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ)) [الانشقاق:7].

فأما من أعطاه الله كتاب النجاة بيمينه تكريما له؛ لأن اليمنى مباركة ميمونة، فهذا هو السعيد الفائز.

((فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)) [الانشقاق:8].

فسوف يحاسبه الله يوم القيامة حسابا سهلا يسيرا لا نقاش فيه، بل برفق ورحمة مع ستر ومغفرة وتجاوز.

((وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)) [الانشقاق:9].

ويعود إلى أهله في غرفات الجنات قد غشيه السرور، وغمره الحبور، وجلله النور؛ لفوزه برضا الغفور الشكور.

((وَأَمَّا مَنْ أُوتِي كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ)) [الانشقاق:10].

وأما الكافر الذي أعطي كتابه بشماله من خلف ظهره إهانة له وإذلالا، فويل له ما أتعسه، فالشمال لشؤمه، وخلف ظهره لإدباره وتخلفه.

((فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا)) [الانشقاق:11].

فهذا الخاسر سوف يصرخ وينادي: واثبوراه يا هلاكاه لما حل به من الخسران، وما وقع به من الخذلان، وغضب الرحمن، والذهاب إلى النيران.

((وَيَصْلَى سَعِيرًا)) [الانشقاق:12].

ثم يدخل نارا موقدة تشوي وجهه، وتحرق جسمه، وتصهره؛ لكفره وتكذيبه وأفعاله الشنيعة.