نحو تفسير أسهل (19)

د. عائض القرني

TT

فرح لأنه كان في الدنيا بين أهله وأولاده وعشيرته أشرا بطرا معجبا تائها لهواه، فرحا بدنياه، مغترا بالمال والجاه.

«إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ» (الانشقاق: 14).

إنه اعتقد ألا يعود إلى الواحد الأحد، فنسي الحساب وكذب بالكتاب، ورد الرسالة، واتبع الضلالة.

«بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا» (الانشقاق: 15).

بلى سوف يعود إلى ربه، فربه أعلم بعمله، فهو الخبير بسعيه، المطلع على حاله، البصير بسره وجهره.

«فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ» (الانشقاق: 16).

أقسم قسما بالشفق وهو حمرة الأفق بعد الغسق، وبعيد غروب الشمس إلى العشاء.

«وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ» (الانشقاق: 17).

وأقسم قسما بالليل وما ضم تحت ردائه، وما غطاه بكسائه، ومن دخل تحت ظلامه من أمواته وأحيائه.

«وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ» (الانشقاق: 18).

وأقسم قسما بالقمر إذا تم نوره، واستكمل حجمه وتدويره، وتناسق نموه وكمل تكويره.

«لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ» (الانشقاق: 19).

لتمرن - أيها الكفار - بأطوار من الأخطار، فناء ثم جزاء ثم بلاء، شدة بعد شدة، وكربة تتلوها كربة.

«فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» (الانشقاق: 20).

فما لهؤلاء الكفار لا يؤمنون بالواحد القهار، وقد نصب لهم البراهين، وأقام الأدلة، وبين الحجة، وأوضح المحجة؟.. فشواهد الوحدانية قائمة، وعلامات الألوهية ظاهرة، وآثار الربوبية ماثلة.

«وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ» (الانشقاق: 21).

وإذا تتلى عليهم آيات القرآن لا يخضعون ولا يذعنون، فماذا يردهم بعد سماع هذا الإعجاز من الاستجابة؟ وماذا يمنعهم بعده من الإيمان؟

«بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ» (الانشقاق: 22).

لكنهم يكذبون بالكتاب، ويجحدون يوم الحساب، فالتكذيب مذهبهم، والكفران مشربهم، فسوف يعلمون سوء فعلهم وقبح جرمهم.

«وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ» (الانشقاق: 23).

والله مطلع على ما يضمرون، عالم بما يخفون، محيط بما يكنون في صدورهم، وما يسرون في نياتهم من الكفر والتكذيب.

«فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» (الانشقاق: 24).

فأخبرهم بأن العذاب ينتظرهم، والعقاب أمامهم، فالنار مثواهم، وجهنم مستقرهم، والبشارة هنا للتهكم.