التكية السليمية في سفوح جبل قاسيون بدمشق ما زالت تمارس دورها في تقديم وجبات إفطار رمضان لفقراء منطقة الصالحية

شيدها السلطان العثماني سليمان بن سليم الأول لخدمة الفقراء والمساكين وتتميز ببناء معماري جميل

مدخل مبنى التكية السليمية التاريخية في دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

مع بداية العصر العثماني شيد في مدينة دمشق عدد من التكايا، وذلك لتقوم بدور إنساني من خلال تقديم الطعام والمنامة للفقراء وكذلك لاستقبال الحجاج القادمين من بلدان آسيا الوسطى وتركيا، حيث يرتاحون في دمشق قبل إكمال سيرهم نحو الديار المقدسة، وكان من أجمل وأضخم التكايا (التكية السليمانية) التي بناها سليم الأول على ضفة نهر بردى وسط دمشق والتي شكلت مجمعا معماريا ضخما من 3 أقسام وهي الجامع والمدرسة والسوق، ولعبت دورا مهما في استقبال الحجيج في القرون الماضية، والتكية حاليا التي تنتظر أعمال الترميم استثمر جزء من مبانيها كسوق للمهن اليدوية الدمشقية، حيث تستقطب السياح من مختلف بلدان العالم.

التكية الثانية التي ما زالت قائمة في دمشق هي (التكية السليمية)، حيث توجد في منطقة الصالحية على سفوح جبل قاسيون مقابل جامع الشيخ محيي الدين، وهذه التكية التي ما زالت محافظة على بنائها القديم، حيث شيدت سنة 960م ومن قبل السلطان سليمان بن سليم الأول ما زالت تمارس دورها في إطعام الفقراء والمساكين وعابري السبيل. كما أنها تقدم وجبات الإفطار لفقراء منطقة الصالحية في شهر رمضان المبارك، حيث يتبرع بها المحسنون والميسورون وتشرف على توزيع وجبات الإفطار والتبرعات للفقراء والدراويش جمعية الشيخ محيي الدين الخيرية، وما زال هناك تقليد منذ عشرات السنين وهو تقديم شوربة القمحية المطهية والمؤلفة من القمح المسلوق المقشور مع السمن ولحم الدجاج أو لحم الغنم، حيث تقدم بعد صلاة الفجر في صباح كل يوم خميس على مدار السنة، فيما تقدم وجبات الإفطار كل يوم جمعة في شهر رمضان المبارك.

ويعيش الصائمون وهم يتناولون وجبات الإفطار في مبنى التكية السليمية أجواء روحانية بين أروقة وباحات التكية والتي تقدم مشهدا تاريخيا ونموذجا لفنون العمارة العثمانية وللوظيفة الإنسانية التي كانت تقوم بها ولا تزال، ومبنى التكية الواسع الكبير أشرف على هندسته المعماري الشهير سنان، وحسب المؤرخين فإن التكية التي أطلقوا على بنائها اسم المطعم وبيت الفقراء بناها السلطان سليمان بن سليم سنة 960م بقبتين عظيمتين، ولكن المبنى احترق سنة 962م فأعيد بناؤه أجمل مما كان وحسب مخطط سنان. وينظر إليه الباحثون حاليا على أنه البناء الوحيد بطرازه المعماري في سوريا. فالمبنى حسب الباحث التاريخي الدكتور عبد القادر ريحاوي يتميز بالتقشف والبساطة بعكس مباني التكية السليمانية وهي ذات طراز مختلف عن مباني العصرين المملوكي السابق والعصر العثماني وهي تتألف من بهو مستطيل الشكل بعرض نحو 8 أمتار ونصف المتر وبطول نحو 16 مترا ومسقوف بقبتين تقسمانه إلى مربعين متساويين، حيث تنفتح في جدرانه أبواب الغرف والقاعات الخاصة بمستودعات المؤن والطبخ ويدخل إلى هذا البهو من الباب الرئيسي في الواجهة الجنوبية ويتألف الباب من فتحة واسعة ذات قوس مخموس ضمنها فتحة أصغر تعلوها عتبة على شكل قوس مجزوء فارسي وتتناوب الحجارة السوداء والبيضاء المزية وهي من أجود أنواع الحجارة الدمشقية في كلا القوسين، وعن شمال الباب نافذة يقع خلفها قبر قديم احتفظ به عند بناء التكية، وعن يمين الباب سبيل ماء مفتوح في الواجهة ويليه فرن التكية.