ازدهار «الأسواق الطارئة» خلال شهر رمضان المبارك في المغرب

توفر جميع أنواع المواد الغذائية.. وفرصة للطلاب للحصول على نقود قبل نهاية العطلة الصيفية

إحدى «الأسواق الطارئة» حيث تتوافر جميع أنواع المواد الغذائية (تصوير: أحمد العلوي المراني)
TT

يدخل شهر رمضان دائما على الأسر المغربية على إيقاع التغيير، هذا التغيير يشمل مختلف تفاصيل الحياة، إذ يتخلى كثيرون أحيانا عن بعض العادات اليومية في مقابل عادات تميز هذا الشهر الكريم. أول مظاهر التغيير في الشارع المغربي يظهر من خلال الأسواق الشعبية، وهي عادة ما تكون إما أسبوعية أو نصف أسبوعية، خاصة في البلدات الصغيرة، بالإضافة إلى الأسواق العادية، لكن شهر رمضان المبارك يتميز عن باقي أشهر السنة بظهور أسواق جديدة فيه تنتشر في كل حي حتى في المدن الصغيرة، وهي «أسواق طارئة» تنتهي في الغالب مع نهاية الشهر الفضيل.

مبرر ظهور هذه الأسواق هو الطلب المتزايد على المواد الغذائية، والذي يتضاعف في هذه المناسبة بسبب التغيير الذي يطال النظام الغذائي وكذا اهتمام الناس باقتناء مواد طرية يوميا.

هذه الأسواق توفر جميع الأنواع الغذائية سواء اللحوم والأسماك أو الخضراوات والفواكه، وكل ما تحتاجه المائدة الرمضانية من أطباق جاهزة، حيث بإمكان أي شخص اقتناء فطور جاهز مكون من جميع الأطباق التقليدية التي تشتهر بها المائدة الرمضانية المغربية وبأسعار مناسبة، هذا النوع من الأسواق يوفر الجهد في البحث عن مواد متنوعة تباع في أمكنة مختلفة، لذا يبقى دوره الأساسي تقريب حاجيات الزبائن في مكان واحد ليس بعيدا عن مكان سكنه.

ظهور الأسواق يرافقه ظهور مهن جديدة هي الأخرى مرتبطة بشهر رمضان المعظم، إذ إن الشهر تزامن هذا العام مع العطلة الصيفية، فكان مجالا لكل باحث عن عمل في هذه الفترة، خاصة منهم الطلبة الذين يجدونها فرصة سانحة للحصول على مدخول مالي يساعدهم عند بداية الموسم المدرسي، كما أنها مناسبة للنساء والشرائح ذات المداخيل الضعيفة للحصول على بعض النقود خلال شهر يعرف رواجا تجاريا كبيرا.

ولا تفرق مهن شهر رمضان بين المهن الرجالية والنسائية، إذ الكل يبيع كل شيء ويصنع كل شيء، حيث إن الرجال يقبلون على صنع حلوى «الشباكية» المغربية المعروفة، أكثر مما تقبل عليها النساء. وثمة محلات لمهن أخرى تتحول خلال هذه الفترة إلى محلات لبيع هذه الحلوى، وهي مادة ثابتة على المائدة المغربية طوال الشهر الفضيل، ويستعينون بالنساء أحيانا لصنع الفطائر في هذه المحلات على الرغم من أن معظمهن يفضلن صنعها في البيت وبيعها بعد ذلك، لأن معظم الناس يفضلون كل ما هو مصنوع في البيت، هذا بالإضافة إلى مهن مثل بيع السمك المقلي، وأحيانا بيع وجبة الفطور كاملة، ويقبل الرجال كذلك على صنع «الورقة» وهي عبارة عن أوراق رقيقة جدا من العجين وتستعمل لصنع «البريوات» وهي مثلثات محشية تكون إما مالحة أو حلوة، وتستعمل لكل الوجبات التي تتطلب الحشو، وصنع «الورقة» هو من اختصاص النساء إلا أنه خلال شهر رمضان يحتكر الرجال هذا العمل في الأسواق الشعبية وتقتصر النساء على صنعها في البيت تحت الطلب.

ويتخلى عدد من الباعة عن مهنهم مؤقتا لبيع الحلويات مثل الشباكية و«البريوات» بمختلف أصنافها، بسبب الإقبال الكبير عليها من طرف الناس خلال شهر رمضان. ويرى أحمد محسون، صاحب محل حوله من محل لبيع الساندويتشات إلى محل لبيع الشباكية و«البريوات» وباقي الحلويات المعسلة، إن هذه التجارة تتيح أرباحا جيدة في رمضان، وهي كذلك فرصة لتفادي إغلاق المحل في هذه الفترة حيث لا يمكن بيع الساندويتشات خلال هذا الشهر.

كما تعتقد حسناء رحماني، بائعة للفطائر، أن شهر رمضان فرصة سانحة للعمل أكثر من ذي قبل نظرا لوفرة الطلب على الفطائر، حيث تتزين بها موائد الإفطار مثل «البغرير» و«الملاوي» و«المسمن» والخبز المصنوع في البيت حيث إن معظم النساء العاملات يضطررن إلى اقتنائها بدل صنعها في البيت، ناهيك عن الأشخاص الذين يعيشون بعيدا عن أسرهم. ويقبل النساء القادمات من القرى إلى الأسواق الشعبية لبيع الحمص الذي يستعمل بكثرة في صنع حساء «الحريرة» وكذا بيع البيض البلدي والزبد والدجاج والأرانب.

ولا يمكن حصر المهن التي يقبل عليها الشباب في هذه الفترة، حيث تشمل مهنا مثل بيع التمور والمكسرات والعصائر والمواد المعلبة التي تكون حكرا على الشباب، إضافة إلى بيع مشتقات الألبان وهي تجارة تلقى رواجا كبيرا في فترة الصيف، وبيع النعناع والأعشاب المستعملة في الشاي والأكل، وهناك من يختص ببيع الجبن البلدي.

وشهر رمضان فرصة لمهن أخرى مثل الخياطة التقليدية للرجال والنساء والأطفال، فخلال هذا الشهر يتزايد الطلب على الأزياء التقليدية من قبيل الجلباب و«السلهام» و«الجابادور»، حيث يحرص كثيرون على ارتدائه خلال الشهر الفضيل.