نحو تفسير أسهل (23)

د. عائض القرني

TT

إن هذا القرآن قول يفصل بين الحق والباطل، ويفرق بين الرشد والغي، ويميز بين الصلاح والفساد.

((وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)) [الطارق:14].

وليس القرآن لهوا، ولكنه جد لا لعب فيه، وحق لا باطل معه، وهدى لا ضلال معه.

((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا)) [الطارق:15].

إن الكفار يخفون كيدهم لمحاربة المؤمنين، ويحبكون الخطط لحرب الإسلام، فهم في تدبير الحرب الخفية.

((وَأَكِيدُ كَيْدًا)) [الطارق:16].

ويقابل الله تدبيرهم بتدبير أحكم منه وأخفى وأقوى، فيبطل كيدهم ويفل جدهم ويحبط مكرهم.

((فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)) [الطارق:17].

فانتظر - يا محمد - الكفار بعض الانتظار؛ لترى ماذا يفعل بهم القهار؟ ولا تستعجل هلاكهم، فكل ما هو آت قريب، فسوف ترى مصارعهم ونهايتهم المرة المذلة إذا حان موعد أخذهم.

سورة الأعلى ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)) [الأعلى:1].

نزه اسم ربك المتعالي في العلو عن كل ما لا يليق به من أوصاف، وقدسه بكل وصف جميل وصف به نفسه؛ ولأن الله عال في ذاته وصفاته، والعبد دان ضعيف مقصر، قال (سبح) والتسبيح عند الهبوط؛ على حديث: (كنا إذا هبطنا سبحنا، وإذا علونا كبرنا)، والعلو يذكر بالتكبير لله.

((الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)) [الأعلى:2].

الذي خلق الإنسان وصوره وحسن شكله وعدل قامته وناسب بين أعضائه، وأبدع في خلقه ليتهيأ لما كلف به.

((وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)) [الأعلى:3].

والذي قدر كل شيء ووفقه لما خلقه له، ووجهه الوجهة الصحيحة في معاشه، فدل كل مخلوق على ما يضمن بقاءه.

((وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى)) [الأعلى:4].

والذي أنبت كل ما ترعاه الدواب، وأخرج النبات الأخضر من التراب، فتراه حدائق ذات بهجة، ملتفة مثمرة بكل باه زاه.

((فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى)) [الأعلى:5].

فجعله يابسا هشيما تذروه الرياح محطما بعدما كان مخضرا، مشرقا بالنور، زاهيا بالجمال، وكذلك الحياة بعدها فناء وزوال.

((سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى)) [الأعلى:6].

سنُعلِّمكَ - أيها النبي - القرآن عن طريق جبريل، فلا تنسى ما تسمع، فقد كفيناك حفظه فلا تخف ضياعه من صدرك.